رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

تصوير:

عزالدين وهدان

11:11 ص | الثلاثاء 23 أكتوبر 2018
كتب: عزالدين وهدان
«خدى ابنك واقعدى تحت السلم، ممنوع الوقوف فى الطرقة».. كلمات وجهتها إحدى الممرضات بالطابق الثانى بمستشفى قصر العينى لسيدة ثلاثينية يرافقها ابنها ذو الـ6 سنوات، لترد عليها الأخيرة بأن طفلها يعانى من حساسية وأن المكان مزدحم بالمواطنين، الأمر الذى دفع الممرضة إلى تكرار جملتها بصوت مرتفع: «بقول لك ممنوع تقفى هنا»، ورغم محاولات السيدة لإقناعها بأن تتركها خوفاً على ابنها فإن الممرضة لم ترأف بها وبطفلها واستدعت لها أحد أفراد الأمن ليتعامل معها قبل أن تغادر الطابق.

كان هذا أول المشاهد التى رصدتها «الوطن» خلال جولتها داخل أقسام مستشفى «قصر العينى» المختلفة، للوقوف على مستوى معاملة الممرضات للمرضى والخدمات الطبية والعلاجية التى يقدمنها لهم، وخلال فترة وجودنا هناك لاحظنا حرص بعض الممرضات على أداء أدوارهن بإخلاص والتعامل مع المرضى بلطف، فى حين انشغلت أخريات عن المرضى الموجودين بقسم الاستقبال والطوارئ الجديد أو داخل العنابر، حيث جلس بعضهن لتبادل أطراف الحديث فيما بينهن، وانشغلت أخريات بهواتفهن المحمولة.

ممرضة ترفض مساعدة مريضة فى نقلها لحجرة الأشعة.. وأخرى ترفض «رشوة» من مريض وفتاة تسأل عن طبيب باطنة وممرضة تنصحها: «روحى لدكتور برّه هنا مفيش إمكانيات»

أمام قسم استقبال الطوارئ، استوقفت سيدة عشرينية إحدى الممرضات، وطلبت منها مساعدتها فى حمل والدتها التى لم ينقطع صوت صراخها من شدة الألم، إلى حجرة الأشعة، إلا أن الممرضة أخبرتها بأنها «مشغولة حالياً»، قائلة: «فى إيدى حاجة لازم أخلصها»، مؤكدة لها أنها سترسل إليها ممرضة أخرى تساعدها، دقائق قليلة مرت انتظرت فيها الشابة قدوم أى ممرضة كما وعدتها، إلا أنها لم تجد من يسعفها فاضطرت إلى ترك أمها جالسة على الأرض لتحضر لها كرسياً متحركاً، وكان سبب انشغال الممرضة، بحسب ما رصدت «الوطن»، هو التجول بين طرقات المستشفى والوقوف مع بعض زملائها لأكثر من نصف ساعة لتناول أحد المشروبات الغازية، ثم اتجهت بعد ذلك إلى إحدى الغرف الموجودة داخل الطابق نفسه.

وداخل القسم، وبالتحديد أمام دورة المياه، اضطرت سيدتان لوضع ستارة حول «التروللى» الذى ترقد عليه والدتهما المصابة بغيبوبة سكر لتغيير ملابسها بسبب عدم وجود أسرّة خالية بالمستشفى، وأثناء وقوفهما طلبت منهما سيدة ثالثة السماح لها بدخول دوره المياه، وعقب دخولها سقطت السيدة الأربعينية على الأرض، ما دفع إحدى السيدتين إلى الاستعانة بممرضة، وفى الوقت الذى توقعتا فيه مساعدة من الممرضة الموجودة هناك، فوجئت كلتاهما بإلقاء الممرضة اللوم عليهما بسبب تعطيلهما للممر، فجاء ردهما: «إحنا ذنبنا إيه بقالنا يومين على الوضع ده، مفيش أماكن فاضية ولا حتى فيه دكتور يطمّنا على الست اللى بتموت دى»، ما تسبب فى حدوث مشادة كلامية بين أسرة المريضة والممرضة التى أجبرتهم على الوقوف بالتروللى بعيداً.

وعلى بعد خطوات من عيادة الباطنة، وقفت ممرضتان بجوار بعضهما تتسامران وتضحكان فيما بينهما، ترتدى كل منهما الزى الأبيض الخاص بطاقم التمريض، ومن فوقه كارنيه مدون عليه بعض البيانات الخاصة بهما، قطع حديثهما سؤال إحدى الفتيات عن أفضل طبيب باطنة فى المستشفى، إذ تعانى من مغص شديد، على حد وصفها، لترد عليها إحداهما بأنه من الأفضل لها الذهاب إلى أى طبيب بالخارج طالما بمقدورها ذلك، مبررة لها بأن «هنا مفيش إمكانيات عشان الدكتور يكشف عليكى كويس ولو رحتى الاستقبال هتلاقيهم لسه طلبة امتياز»، وبعد إلحاح من الفتاة لمعرفة الطبيب الأفضل نصحتها بالذهاب إلى السكرتارية، فهى أكثر دراية منها، حسب قولها.

وفى عيادة الرمد، اختلف المشهد تماماً، حيث وقفت إحدى الممرضات على مدخل باب العيادة، تنظم بهدوء دخول المرضى الذين تجاوز عددهم الـ120 مريضاً، تنادى على كل رقم بحسب دوره، وأثناء عملها طلبت منها إحدى السيدات الدخول قبل دورها وحين رفضت أخبرتها بأنها زميلة لها فى نفس المهنة بأحد المستشفيات الحكومية فى محاولة منها لإقناعها بالدخول لكنها اعترضت أيضاً وطلبت منها الجلوس فى الاستراحة وانتظار دورها، وبعد مرور أقل من 15 دقيقة، جاء إليها أحد المواطنين وكان رقم كشفه 107، وطلب منها الدخول لأنه استأذن من عمله لمدة ساعة واحدة، وحين رفضت حاول إعطاءها مبلغاً مالياً إلا أنها رفضت وأجبرته على الجلوس وانتظار دوره.

رجل ستينى كان يهم بالخروج من المستشفى، قبل أن يشعر بدوار أجبره على الجلوس على الأرض، فشاهدته إحدى الممرضات فاندفعت نحوه قائلة: «مالك يا أبويا؟»، أخبرها بأنه يشعر ببعض التعب، فأصرت على توصيله إلى خارج المستشفى بنفسها حتى تطمئن عليه ثم بعد ذلك عادت لعملها.