رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

تصوير:

حسين عوض الله

10:59 ص | الأربعاء 05 مايو 2021
بين نار الفرن الذي تعمل فيه لتربي أبناءها الثلاثة، وبرودة الليالي التي تقاسي وحدتها وألمها متحملةً فراق زوجها الذي تركها في مواجهة الصعاب، تخلت عن أنوثتها وامتهنت مهنة الرجال للعبور بأبنائها لبر الأمان، أصبحت لهم الأب والأم، تعاملهم برفق رغم قسوة مهنتها وظروفها، لا تعبأ لأحاديث من حولها وتسير في طريقها نحو هدفها الأسمى ورسالتها الأكبر التي وهبت لها حياتها.

داخل أحد الأفران بمحافظة الشرقية، تقف السيدة الأربعينية إيمان عبدالرحمن، تقاتل نار الفرن الذي تقف أمامه ساعات طويلة، بهدف تربية أبنائها بعدما تخلى عنها زوجها ورفض الإنفاق على أبنائه، تداعب «العجين»، كما تداعب أطفالها، حتى يستكين لتلقي به في الفرن ليدخل بعد ذلك كل بيوت المنطقة.

عملت في الفرن لتربية أبنائها والوصول بهم لبر الأمان
قبل 13 عاما كانت بداية «إيمان»، مع مهنة «صنايعي عيش» في أحد الأفران، ففي عام 2008 انفصلت عن زوجها، وأرادت أن تربي ابناءها تربية حسنة، دون أن تحتاج لأي شخص، فاعتمدت على نفسها في معيشتها، وبعد بحث لفترة طويلة عن وظيفة تناسبها إلا أنها لم تجد تلك الفرصة، «لحد ما في يوم حد قالي على شغل في فرن، فقبلت بيها وكنت محتاجة أي شغل شريف».

تدرجت في العمل بالفرن، حتى أضحت «صنايعي» أساسي يعتمد عليها في العمل اليومي، ففي بداية عملها فيه كانت مهمتها مساعدة الصنايعية وتنفيذ تعليماتها بجلب الأدوات أو تنظيفها، حتى تشربت الحرفة، وأضحت تقف أما النيران ومسؤولة عن العجن ووضع الخبز في الفرن والإشرف على المقادير.

تتمنى أن يصل أبناؤها إلى التعليم الجامعي
«اشتغلت عشان محدش يكسرني ولا نظرة شفقة»، رغم صعوبة المهنة وشقائها، إلا أنها فضلت أن تعمل بها حتى لا تلجأ لأي للمساعدة من أي إنسان، راغبة فقط في تربية أبنائها والوصول بهم إلى بر الأمان، فتتمنى أن يصلوا للتعليم الجامعي وينالوا وظائف ومراكز كبيرة في المستقبل.
رغم تقدير الكثريين لظروف السيدة الأربعينية التي دفعتها للعمل في مهنة الرجال القاسية الصعبة، إلا أن هناك من يسخرون منها ويعتبرونها أنها تتظاهر برغبتها في العمل، «الناس بتلقح عليا بالكلام، بس أنا بركز عشان أربي أولادي، وشغالة مع ناس محترمة محدش بيبصلي أو يرفض وجودي».

وظيفة مناسبة توفر لها نفقات تربية أبنائها.. تلك هي أمنية «إيمان»، الوحيدة، فتلك المهنة في غاية الصعوبة عليها، إلا أنها تعمل بها لتربية أبنائها وتوفير سبل الحياة المناسبة لهم.