الألعاب الشعبية: فرحة «على قد الإيد»
الألعاب الشعبية
الشارع هو ملعبهم، فيه تعلموا، وعلى رصيفه سُجلت أحلامهم، وفى شوارعه حفروا ذكرياتهم، لم يكن بإمكانهم سوى الشارع، هنا تحايلوا على أنفسهم وعلى الظروف من أجل لعبة، ضحكات عفوية تخرج من قلوبهم، أحياناً تتحول لمخاطر بسبب الشارع ومطباته، لكنها علمتهم القوة، وأكسبتهم مهارات دون مدرب ولا تمرين، أسلوب كلامهم أكبر من عمرهم، لديهم نصاحة وقدرة على التصرف، ولكن فى الوقت نفسه براءة تظهر مع كل ضحكة، لا يخافون من الحلم، ولا من اللعب فى ملعبهم الكبير بالشارع، لا يخافون من الخطأ ولا من الصح، ولكن الخوف من المستقبل الذى ينتظرهم.
أطفال بسطاء لا يملكون ثمن السعادة لكنهم لم يحرموا أنفسهم منها
رغم أنف الظروف كانوا قادرين على اللعب، حولوا كرة القدم إلى زجاجة مياه قديمة استخرجوها من «كوم زبالة»، واتخذوها وسيلة للعب، بينما الملعب هو الأسفلت، والبلياردو لعبوه بعصا واحدة على «طاولة خشبية» مصنوعة من بقايا الخشب، أما محبو الحيوانات فاتخذوا من الكلاب الضالة صديقاً ورفيقاً، الملاهى تحولت إلى مراجيح أكلها الصدأ أمام البيوت، أما الإنترنت الذى يلهو به أبناء الأغنياء فلا يعرفون طريقه، ويشغلون أوقاتهم فى اللعب بالبلى والنحلة ونط الحبل و«استغماية»، تلك هى ألعابهم التى يضيع معها الوقت بالساعات، وترسم على وجوههم ضحكات لا تفرق عن تلك التى ترتسم على وجوه أطفال الأغنياء.
لا نوادى ولا مراكز شباب فى المناطق العشوائية، ولكن الدراجات متاحة للجميع بمقابل زهيد لا يتجاوز النصف جنيه فى الساعة، بالإضافة إلى الحمار كوسيلة ترفيه ولعب، أما «البسين» فتحول إلى ترعة، اتخذوها مسبحاً والغريب أنهم أصبحوا سباحين مهرة بدون تدريبات، «الوطن» انتقلت بين عدد من الأحياء الشعبية والعشوائية وعاشت مع الأطفال لحظات السعادة التى لا تعوض.
البداية كانت فى «أبوالنمرس» بالجيزة، حيث الترعة الكبيرة التى أصبحت حمام سباحة للأطفال، تغاضوا عن القمامة المتراكمة عليها، والأمراض التى قد تنتقل إليهم بسببها، وخطر عمقها الذى يزيد على 3 أمتار ونصف المتر، بالإضافة إلى وجود أكثر من سيخ خارج من الكوبرى الذى يقفزون منه ربما يصيب أحدهم إصابة تؤدى إلى الموت، كل ذلك لم يمنع أطفال «أبوالنمرس» من اللعب، الذى يرونه حقاً مشروعاً لهم، حتى لو سبب لهم الضرر.
«محمود»: ماتش البلى أحلى من الكورة.. بلعبها أحسن ما أشرب سجاير.. و«حمص»: بحب أركب موتوسيكلات.. ونفسى «أشتغل حسام غالى»!.. و«محمود»: البلياردو بجنيه ونصف والبينج بونج بجنيه
كانت الساعة تشير إلى الواحدة ظهراً، 10 أطفال يلعبون، وكلما مر الوقت زاد عددهم، تدق أجراس المدارس معلنة انتهاء اليوم الدراسى، يرمى الطلاب ملابسهم وحقائبهم على الأرض، ويغوصون فى مياه الترعة بمهارة فائقة فى السباحة تعلموها بأنفسهم بدون مدرب، الناجى يتعلم من غرق صديقه، فالأيام تعلمهم، بعضهم يأتى بعد المدرسة، وبعضهم يأتى بعد هروبه منها، والأكبر سناً يعمل منقذاً، يحرس زملاءه ويتدخل لإنقاذهم فى أوقات الخطر.
«وسيلة ترفيه عن النفس، بتزيدنى لياقة بدنية، بمارس هوايتى وهى السباحة، بعمل الحاجة اللى بحبها ببلاش»، هكذا يعدد «يوسف فتحى»، مزايا السباحة فى الترعة، ليقفز بعدها بمهارة، يغطس ويسبح قليلاً ثم يخرج وهو ينظر لمن يسبحون داخلها: «أنا متأكد أن مهارتى تخلينى سباح ماهر، من أحسن السباحين كمان، كفاية إنى اتعلمت لوحدى أو الترعة هى اللى علمتنى».
«ناجى»: مرة رحت النادى.. يا دين النبى كان كبير جداً.. لما أكبر هاشترك
قطعاً خطر، يقر «يوسف» بذلك، ولكن الخطورة لا تمنع المجازفة، خاصة أنه لا توجد أى وسيلة ترفيه أمامهم، ويستشهد بإنقاذهم لأحدهم منذ وقت قريب، ثم يحمد الله، لأنه لم يمت وظل حياً بعد شربه الكثير من مياه الترعة، ومع ذلك نزلوا للعوم بعدها مباشرة وكأن شيئاً لم يحدث.
الحل لمنع المخاطر هو وجود البديل، خلاف ذلك ستكون الترعة هى مقصدهم ووسيلة الترفيه لهم، خاصة أن مركز الشباب الموجود لا يوجد به حمام سباحة، بحسب «يوسف» الذى قال بعفوية: «يا باشا أصل حمام السباحة ده بتاع ولاد الناس، لكن إحنا غلابة، الترعة هى اللى اخترتنا مش إحنا اللى اخترناها، لو فيه بديل مش هنقول لأ».
يفخر «يوسف» بأنه يجيد القراءة باللغة الإنجليزية، ويفخر بأنه خرج من المدرسة لمساعدة والدته وأشقائه، بعد أن تركهم الوالد وترك الحمل عليه، لا يخاف من المسئولية كما لا يخاف من الترعة، التى سببت المرض لكثيرين، وأدت لوفاة غيرهم.
«أم مصطفى»: ادفع نص جنيه وخد لفة بالمرجيحة.. أهى حاجة تفرح العيال
«إسلام عادل» هرول مسرعاً ثم قفز بمهارة، غير مهتم بالكلمات التى ترددت على مسمعه «حاسب السيخ وانت بتنط»، يسبح فترة ثم يخرج ليستريح، فى البداية، كان يخاف، ينظر لهم ويتردد، حتى تشجع وعلم نفسه بنفسه، وأصبح أجرأهم، يحكى عن مشاهدته لـ«عويمة» كبار، ماتوا بعد أن غطسوا فى الترعة ولم يخرجوا، منهم من قفز من أعلى الكوبرى فوقع على السيخ المتدلى من الكوبرى، دخل السيخ فى بطنه فمات، دفع حياته ثمن لحظة سعادة يشعر بها وهو يسبح.
يؤكد معظم أطفال «أبوالنمرس» أن السباحة فى الترعة ترفيه عن النفس بعد يوم دراسى طويل وشاق، يهربون أحياناً من المدرسة فليس لديهم صبر لانتظار انتهاء اليوم الدراسى، وجهتهم دائماً للترفيه هى الترعة، ففيها يقضون أفضل أوقاتهم، ومن يخاف منهم يسبح عند «القمامة» المنتشرة على الجانبين حيث لا يوجد عمق، فى وسط الزحام يخرج «بلال»، فى الصف الرابع الابتدائى، بكلمات تلقائية تضحكهم جميعاً: «مش عايزين بيسيم، ومش بنحب الترعة، بناخد غطس وخلاص»، يسمعون فيضحكون ويهرولون مرة أخرى ليغطسوا جميعاً بمنتهى السعادة، وكأنهم امتلكوا الدنيا وسبحوا فى أعظم المسابح.
ركوب الدراجات والتجول بها فى الشوارع والحوارى الضيقة هى الهواية المفضلة لـ«شريف ربيع» وشقيقه «بدر»، بعد المدرسة يظلان ولمدة ساعة، يغسلان عجلات دراجتهما، يجلسان فى الشارع، يضعان الدلو أمامهما، وكل منهم يغسل دراجته، دراجتان متهالكتان، تترنحان يميناً ويساراً، لكنهما تؤديان الغرض.
تعلم «شريف» ركوب الدراجة من ابن عمه ببلدته ببنى سويف، يحبها كثيراً، لكنه لم يجد إلا الشارع وسيلة للتجول بها: «بحب كمان ألعب استغماية، وبحب أروح حمام السباحة»، ثم يصمت قليلاً ويقول بعدها: «بس أنا عمرى ما رحت حمام سباحة أصلاً».
«عبدالودود»: بعت الموبايل واشتريت نحلة وباعرف أرقَّصها على إيدى وجسمى.. هوايتى من صغرى
لم يذهب «شريف» إلى أى نادٍ مطلقاً، يتمنى أن يكون ضابطاً، ولذا يجيد الإمساك بأصحابه فى لعبة الاستغماية، وبعد المدرسة يلعب لعبة اسمها «15»، يجرون وراء بعضهم البعض ويمسكون ببعضهم، طوال فترة لعبه يكون سعيداً، أسوأ أيامه هى عندما تتوقف العجلة نهائياً عن السير، يذهب إلى والده ويطلب منه إصلاحها، ويقف بجانبه يراقبه بصبر حتى ينتهى منها.
أما الأطفال فى قرية «مزغونة» بالجيزة، فيهرولون بعد المدرسة إلى «أم مصطفى»، التى ثبتت بقليل من معجون الأسمنت مرجيحة بسيطة أمام بيتها فى القرية، «اللفة» بنصف جنيه، ولكن بعضهم لا يملك الثمن، فيركب كل ثلاثة أو اثنين فى لفة واحدة يوزع ثمنها على الجميع، هذا هو المتاح، فليس أمامهم حل آخر.
سنتان هو عمر مرجيحة «أم مصطفى»، صنعها لها حداد مقابل ألف جنيه، كان مبلغاً كبيراً عليها، خاصة أن الدخل «على القد»، فهى تأخذ البرسيم من الأرض وتبيعه: «على قد حالنا، قلت طالما مفيش ملاهى ولا لعب ولا ترفيه، أعمل لعبة استنفع منها وأفرّح العيال، وعيالى كمان بيلعبوا فيها، ده فيه عيال كمان مش بيبقى معاها نص جنيه، أصل عندنا يا ناس معاها يا ناس مش معاها خالص».
الوقت الذى يضيعه أطفال فى مثل أعمارهم على التليفون المحمول والإنترنت، ومتابعة مواقع التواصل الاجتماعى والانشغال بالتقاط الصور السيلفى حتى داخل المدارس، لم يجد أطفال المناطق الشعبية وسيلة أخرى للترفيه سوى بألعاب الثمانينات، ومنها «النحلة»، التى اختار «أحمد عبدالودود» أن يبيع تليفونه، من أجل شرائها، ويفخر بأن منزله المتواضع ممتلئ بهذه اللعبة البدائية.
ينزل الشارع مهرولاً، يلف الحبل فتدور «النحلة» بحركة دائرية، يلتقطها بيده، لتدور على جسده، هى هوايته منذ أن كان 6 سنوات، وحتى أصبح عمره 12 عاماً، حتى حبه للرسم يمارسه فى الشارع، يرسم وروداً ثم يقطفها ويصنع بعدها أشكالاً بورقاته، يحب «أحمد» الشارع لكنه يحكى عن مخاطره: «فيه طوب ممكن يعورنا، ممكن عربية تخبط حد، بتيجى منه مصايب ومشاكل كتيرة بس لازم ألعب»، وبعد حكايته يؤكد أنه لم يذهب إلى أى نادٍ مطلقاً، ولا يتمنى الذهاب أصلاً، فالشارع قادر على إشباع رغباته فى اللعب.
من يفوز، سيحصل على البلى رهن اللعب، ولذلك كان التركيز الشديد واضحاً عليهما، فالبلية الواحدة تعتبر مكسباً كبيراً، ثمن الـ6 يساوى 25 قرشاً، ولكن اللعب الآن على 16 بلية، وهو يعنى كنزاً لكل منهما، «محمد عويس» يواجه «أحمد محمود»، والأطفال يتابعون بشغف كأنهم يتابعون مباراة كرة قدم، هنا يبدأ «أحمد محمود» وهو أكثرهم كلاماً وشقاوة، باستعراض مهاراته فى لعب البلى: «حريف فيه، وبكسب كمان لما ألعب رفة على فلوس، بس لعبة ماتش البلى دلوقتى مهمة أوى دى على 16 طسة مرة واحدة».
يحكى «أحمد محمود»، بعد فوزه وحصوله على الـ16 بلية، عن ذلك المكسب بمثابة تعويض له لأن والده أمس الأول أخذ منه كل ما يملك من «بلى»، وتخلص منها جميعاً، ويحكى كيف عرض عليه أولاد أكبر منه شرب السجائر، فسبهم ورفض ذلك قائلاً: «ألعب فى الشارع واتأخر وأبويا يزعقلى آه، لكن أشرب سجاير لأ عيب، ده مرة اتنين كبار نفخوا فى وشنا دخان السجاير، وواحد صاحبى شوارعى زيهم شرب سجاير، فقطعت علاقتى بيه».
«محمود» و«عويس» يلعبان معاً فى مقهى الإنترنت، وهو ما يؤثر على مذاكرتهما، يلعب «عويس» بمسدس الخرز مع أصدقائه: «خطر لو جات فى عين حد، تعوره، وقبل كده نشنتها فى عين واحد كانت هتروح».
يشعر «عويس» بصعوبة دخوله أى نادٍ رياضى، لا يعلم السبب، فهو يسمع عنه فقط، ولكنه لم يجد إلا الشارع يحتضنه: «أيوه صعب أروح نادى، ماعرفش ليه، بس أكيد هو عشان بعيد خالص عنى»، الكلمات خرجت منه، ظل يحكى أنه ذهب للعوم ذات مرة فى البركة ببلدته بالفيوم، ولكن خاف حينها وخرج سريعاً، لأنه شعر بأنه سيغرق.
أما «محمد هلال»، الشهير بـ«حمص»، فأكثر ما يحب فى حياته هو «الحيوانات»، خاصة الكلاب، لكنه لم يجد إلا الكلاب الضالة صديقاً له، ولذا يتمنى أن يشترى كلباً «وولف»، فهذا هو حلم حياته، لا يخاف «حمص» من الشارع ولا من حيواناته: «الشارع جرّأنى وعلمنى، مش بخاف، وبصاحب الكلب البلدى وأعتبره مش بلدى».
كان «حمص»، يلعب مع صديق عمره «طه»، الذى يهوى ركوب الدراجات البخارية، تعلم قيادتها من شقيقه، يؤكد خطورتها، لما قد تسببه من إصابات، لكنه يحب قيادتها على الرغم من صغر سنه.
ذكريات عدة لا ينساها الصديقان مع الكلاب التى يلعبان معها، يتذكران كيف دافعت عنهما الكلاب فى آخر خناقة لهما، وأحلام عدة يتمنيان أن تتحقق، فيقول «طه جمعة»: «نفسى أبقى باشمهندس»، ثم يسيران قليلاً ليعلن «حمص»، بعفوية: «أنا نفسى أشتغل حسام غالى!».
كانت وسيلتهم للعب الكرة هى زجاجة مياه انتشلوها من وسط أكوام القمامة، أما ملعبهم فكان الأسفلت بمنطقة الرماية، نظفوا المكان من الطوب، وعدوا 4 خطوات ليبنوا العارضة، ملابسهم تتسخ، ويتعرضون للإصابة من أجل عشقهم لكرة القدم، «محمد محمود» أحد اللاعبين المهرة، أهلاوى، أما «سالم محمود» زملكاوى صميم، يتحديان بعضهما داخل الملعب، بعد المدرسة، أو بعد الانتهاء من المذاكرة، وفى أوقات فراغهم، وأحياناً يدفع الخاسر مصروفه للفريق الفائز.
يحكى «محمد محمود»، عن عشقه لكرة القدم، حتى لو بزجاجة بلاستيك، وكيف ضحى بمصروفه كثيراً من أجل شراء كرة، ولكنها راحت ضحية تحت عجلات السيارات، كما أنه نفسه تعرض للإصابات: «اتعورت طبعاً، مزلقانات وطوب وعربيات، لكن أنا صعب أروح نادى عشان بعيد وبفلوس وكده».
يحكى «سالم محمود» عن حبه لنادى الزمالك وعن حلمه: «نفسى أبقى زى اللاعب محمود كهرباء، أو أبقى كهربائى زى أبويا»، يقولها بعفوية، ليرد «محمد محمود»: «أنا نفسى أبقى زى رمضان صبحى».
أحلام الفريقين بعد وقبل كل مباراة بسيطة، ولكن اللاعبين يؤكدون أنها صعبة المنال، يحكى «منير محمد»: «نفسى ألعب فى نادى كبير، بس ماعرفش الطريقة، هل هى محتاجة واسطة وفلوس؟»، فيرد عليه «ناجى محمد»: «أنا قبل كده رحت نادى، يا لهوى، يا دين النبى، كان كبير جداً»، يسأله أصدقاؤه عن اسم النادى فيرد بعد تفكير: «اسمه غريب مش فاكره»، ليقاطعهم «يوسف مرضى» الذى يتمنى أن يكون مثل «رمضان صبحى»، أيضاً: «أصل النادى ده فيه ناس كبيرة ما شاء الله، لما نكبر نروح، عشان أبويا مابيرضاش يودينى». يحكى «ناجى محمد» بعدها عن عشقه لقيادة الموتوسيكلات، التى يؤجرها من عم «هارون»، اللفة تساوى جنيهاً، ولا يجد خطورة فى ذلك، ليتعلم القيادة جيداً، بالإضافة إلى أن الأطفال أصغر منه يقودونها دون قلق، أما «عبدالرحمن محمد»، يقول: «بحب ألعب سلة، بس عمرى ما لعبتها، ونفسى ألعب مصارعة، أما الموتوسيكل بخاف منه عشان لو الأستاذ شافنى هيزعّق لى».
هنا يضحك الجميع ويبدأون فى الاستعداد لبدء مباراة أخرى بواسطة زجاجة المياه الفارغة.
أما «أحمد عيد»، صاحب الست سنوات، كان يجلس على الحمار، يتجول فى منطقة بشتيل بإمبابة، يجمع الأطفال حوله، يرفع رأسه عالياً، وبكل ثقة يسير وكأنه خيَّال، بينما تسير الأطفال حوله، كل منهم يطمع فى الركوب خلفه، وهم يلعبون بحمار عمه، بكلمات هادئة يتحكم «يوسف» فى أصدقائه، الذين لا يتعبون من الجرى خلفه وبجانبه: «أنا مابخافش من حاجة، وبروح أى حتة بالحمار، ونفسى يبقى عندى حصان»، ليجرى الجميع حوله وهم يتجهون نحو الغيط ليلعبوا معاً، بينما يسير هو بكل ثقة لا يريد النزول مطلقاً، ويتسابق الباقون فى الجلوس معه وخلفه على ظهر الحمار.
أما «محمود ياسر» وصديقه «إبراهيم»، فيعشقان لعب البلياردو وتنس الطاولة، وعلى الرغم من أن المباراة بينهما كانت دون قواعد للعبة، إلا أنهما يركزان تركيزاً شديداً، إمكانيات ضعيفة لترابيزة مائلة موجودة فى منتصف الشارع، بها عصا واحدة يتداولانها، كل منهما يلعب مرة، ويسلمها لصديقه ليبدأ دوره.
«محمود ياسر»، غير قادر على رؤية الترابيزة بسبب صغر سنه وقصر قامته، وعلى الرغم من ذلك، يصعد على الرصيف، يشب، يمسك العصا ويرفع يده قدر الإمكان، ليبدأ لعبته: «لوحدى اتعلمت، كنت بشوف العيال الكبيرة، وكان نفسى أبقى زيهم، وأقعد أقلدهم، فى الأول ماكنتش بعرف ألعب لكن دلوقتى بقيت لعيب كبير».
دفع الصديقان جنيهاً ونصف الجنيه مقابل لعبة البلياردو، أما البينج بونج فيكلفهما جنيهاً واحداً، يحكى «إبراهيم» عن حبه لكرة القدم أيضاً والنادى الأهلى، ليقول بعدها: «أنا رحت نادى قبل كده، رحت النادى الأهلى»، ليقاطعه صديقه: «رحت النادى ولا نفسك تروح؟»، ليرد «إبراهيم»: «قصدى نفسى أروح يعنى».
أطفال قرية «مزغونة» يلعبون بمرجيحة.. اللفة بـ«نص جنيه»
مباراة كرة قدم بزجاجة من البلاستيك
أحد أطفال إمبابة يلعب بدراجة بخارية
طفلان يلعبان بدراجة
أطفال يسبحون فى ترعة «أبوالنمرس»
طفلان يلعبان بالـ«بلى» فى فيصل