عضو «كبار العلماء»: اسألوا الوزير لماذا يحارب الأزهريين.. وجهات بالدولة تملى عليه التعليمات
الدكتور محمود مهنا، عضو هيئة كبار علماء الأزهر
هاجم الدكتور محمود مهنا، عضو هيئة كبار علماء الأزهر، وزارة الأوقاف، وقال إن الوزير محمد مختار جمعة، يتلقى تعليمات من جهات بالدولة لتعميم الخطبة الموحدة، واصفاً تلك الخطبة بـ«الجهل»، وأنها تقتل العلم، وستؤدى إلى هجر الناس والعلماء للمساجد، وانتقد «مهنا» صراع الأوقاف مع الأزهريين، مطالباً الوزير بكشف أسباب هذا الصراع، ومؤكداً أن علماء الأزهر أكبر من أن تكتب لهم خُطب، وأن الصراع معهم يسبب ضياع مصر.
■ ما رأيك فى الخطبة المكتوبة التى وضعتها وزارة الأوقاف؟
- من يقرأ خطبة الجمعة من ورقة فهو جاهل، فالخطبة المكتوبة ستكون فارغة المضمون وخاوية المعنى، فنحن علماء مصر والعالم الإسلامى نرفضها، وقال الرسول- صلى الله عليه وسلم- «إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يُوَرِّثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما وَرَّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر»، ومن هذا المنطلق وجد من الرعيل الأول من تعلم القرآن والسنة، ولم يرد أن أحد العلماء فى عهد الصحابة، أو التابعين، قد ألقى الخطبة من ورقة، فمن يقوم بذلك جاهل.
«مهنا»: الأزهريون أكبر من أن تُكتب لهم «خطبة».. وسنهجر المنابر لو تم تطبيقها
■ ولماذا تصفه بـ«الجاهل»؟
- من يقرأ من الورقة لا يستنبط من القرآن والسنة وإجماع الأمة ولا من التراث الذى تركه لنا الصحابة والعلماء، فعندما أقرأ القرآن الكريم لا بد أن أقرأ تراث العلماء وأحق الحق وأبطل الباطل، وفى السُنة لا بد من معرفة الحديث المنكر والضعيف والحسن، وهذا لا يفعله من يكتب لهم وريقات ليقول الكلام المراد من المسئول الذى وجههم إلى هذا الأمر، فتلك الخطبة المكتوبة سترضى رأى المسئول فقط وتخالف علوم البلاغة والتراث، التى تؤكد أن «لكل مقام مقال» ولكل حال مقتضاه، فأهل الريف يحتاجون إلى صيغة مختلفة عن سكان المدن، وكذلك أهالينا فى الصعيد والأقاليم، كما يحتاج المثقفون إلى لغة مختلفة، كذلك الحال بالنسبة لعامة الناس.
■ إذن لماذا طبقتها الأوقاف الآن؟
- هناك رغبة مكبوتة فى نفوس بعض المسئولين بالأوقاف، يريدون أن يطبقوها اقتداءً بالمملكة العربية السعودية ودول الخليج العربى، وتلك الدول تفرض الخطبة على خطبائها مكتوبة، أما مصر الأزهر فلا يمكن فرض خطبة مكتوبة أو موحدة على خطبائها، فتلك الخطبة تدل على ضعف كاتبها وضعف قائلها، وعلى هجر الناس للمساجد لأن الناس تأتى لتستمع للعلماء الثقات الذين ينطقون القرآن نطقاً سليماً، ويروون السُنة رواية صحيحة، أما الورقة تلك فتنفذ رغبة المسئولين فقط.
■ وهل ستنفذون تهديدكم بعدم صعود المنابر؟
- هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف تضم كبار العلماء فى العالم الإسلامى، ولو فُرضت تلك الخطبة المكتوبة لن يصعدوا المنابر ولن يلقوا أى خطبة، فلن يأتى لنا مسئول يقول للعلماء قولوا للناس من ورقة، فأنا عضو بهيئة كبار علماء الأزهر، يصلى خلفى حوال 3000 مصلٍّ، ولابد أن أُرضيهم جميعاً وأناقش أحداث اليوم والأسبوع وكل ما جد ويجد، والله أعلم من أمر وزير الأوقاف بتلك الخطبة المكتوبة والله أعلم بالنوايا وراء ذلك.
■ هل تشك بأن جهات أمنية وراء تلك الخطبة المكتوبة؟
- يُسأل وزير الأوقاف عن ذلك، فتلك الخطبة تقتل العلم وتلغى الحق وتؤدى إلى هجر الناس والعلماء للمساجد، ومن خلال عملى كأستاذ جامعى ناقشت أكثر من 5000 رسالة علمية، ولى 40 كتاباً، فكيف أقدم للناس فكراً جديداً، ويُفرض علىّ الالتزام بورقة يقول فيها المسئول ما يرغب، وأنا كما كل علماء الأزهر، لا أجيد فن الخطابة المكتوبة وسنترك المنبر لو تم فرضها علينا.
■ وما سر الصراع بين الأزهر والأوقاف؟
- لا أعرف وزير الأوقاف شخصياً، ويسأل الوزير لماذا يحارب الأزهريين، فنحن لا نملك إلا أن نهجر المنابر، فالأزهريون أكبر من أن تكتب لهم خطب، وعلماء الأزهر يتقنون فن الخطابة، وربط القرآن الكريم والسنة النبوية بشكل عصرى وحضارى، وتلك الخطبة المكتوبة التى تُمليها علينا الأوقاف ضعف، فأنا حزين من موقف الوزارة، فالصراع مع الأزهر يسبب ضياع البلد، فمصر بدون الأزهر تساوى صفراً، لأن الأزهر أوصل الإسلام إلى القارات الست، ويسأل الوزير عن صراعه وحربه معنا، وعن مصدره الذى يأخذ منه التعليمات.
■ وما رسالتك للأوقاف؟
- أقول لهم إن علماء مصر يتميزون فى أداء الخطبة شفاهة وبدون ورقة، وهم قادرون على ذلك لأنهم من خريجى الأزهر الشريف، كما أنهم قادرون على إمتاع المستمعين بخطبهم، فالخطبة أمر روحى مرتبط بالمنح الإلهية التى تفيض على الخطيب من عند الله سبحانه وتعالى حال أداء الخطبة، فلا يليق بنا الآن أن نعود إلى الصورة القميئة التى كانت موجودة فى الخمسينات من القرن الماضى، حيث كان الخطيب يقرأ من ورقة، والناس ينصرفون عنه إلى أن تنتهى الخطبة، ولذلك فنحن نرفض العودة إلى الماضى، ونصر على أن يكون الخطيب على المستوى اللائق.