قد تكون استمعت مثلى لخطبة الشيخ محمد حسان فى أحد مساجد دمياط يوم الجمعة الماضى، وربما تكون تأثرت -على عكسى- بكلماته التى طالبنا فيها بمراقبة أنفسنا أمام الخالق لأن هذا هو الحل الوحيد فى ظل ما نعيشه من أزمة ظهر فيها فساد الأنفس والضمائر والتكالب على المصلحة!!!! يا سلام ما أروع الكلمات التى اختتمها عم الشيخ حسان باعتزاله العمل السياسى والعودة للدعوة، طالباً منا العفو عما أخطأ فيه!
وربما -واعذر لى الإطالة- تكون قد تابعت أيضاًً مواقف الداعية مؤسس لغة «البادى لانجويدش» فى الدعوة بين الطبقات «الهاى كلاس»، عمرو بن خالد، حينما أعلن أن حزبه سيخوض انتخابات مجلس الشعب المقبلة حفاظاً على مصلحة الوطن ووجود ممارسة قوية للمعارضة السياسية ما دمنا نريد إصلاحاً غير مهتم بموقف جبهة الإنقاذ الرافض لخوض الانتخابات. ثم تابعت بيانه الذى صرح به بعد إعلان حكم محكمة القضاء الإدارى بوقف الانتخابات لفساد القانون وعدم عرضه على المحكمة الدستورية للتأكد من إجراء ما طالبت به من تعديلات. وكيف أكد ابن خالد احترامه لأحكام القضاء، وكيف أنه كان يمكن الحكم على البرلمان الجديد، لو تمت الانتخابات، بعدم دستوريته!! ولذا فالحمد لله الذى لا يُحمد على مكروه سواه، وقضاء أخف من قضاء.
يا سلام.. لا فض فوك يا مولانا، منّك ليه. أياً كان أسلوب الدعوة الذى تتبعانه، وأياً كانت أهداف كل منكما من وراء سبوبة العمل الدعوى التى منحتكما القدرة هكذا بلا خوف ولا حياء من قول الشىء وعكسه فى غمضة عين، وربما قبل أن يرتد إلينا طرفنا من فرط الانبهار بما تقولانه، وقدرتكما على إيجاد مبرر للموقفين المتناقضين. يا سلام على تلك الموهبة الفذة التى منحتكما قدرة التلاعب بالألفاظ وبالعقول، تماماً مثل كهنة معابد مصر القديمة. وهكذا تثبتان أنتما -ومن على عينتكما وهم كُثر- أن الجذور كهنوتية صميمة تعود للعصر الفرعونى القديم، الذى لا يمنح فيه الفرعون لكهانه خدمة المعبد، سلطة السيطرة على البشر وعقولهم وحسب، بل على مصائرهم أيضاً بما يمنحونهم من بركات أو فتاوى. ورويداً رويداً يزداد نفوذ كهنة المعبد ويتخطى المحكومين ليصل إلى الحاكم فيسيطرون عليه ما داموا هم الوسطاء بينه وبين محكوميه. لن أظلمكما وأدعى أن ما تقومان به قاصر عليكما بمفردكما، ولكنها باتت عادة تختلف ممارساتها وآثارها من كاهن لآخر حسب قدرته على التأثير ونفوذه فى أروقة الحكم وحاجة الفرعون له. ولكننى بت أخشى على الإسلام منكم جميعاً وهو منكم براء، فهو يرفض المنفعة الشخصية وأنتم أكثر المستفيدين مما تقومون به، تكتنز خزائنكم وحساباتكم فى البنوك وتطالبون الناس بالتبرع بما فى أيديهم. يدعو الإسلام لإعمال المصلحة العامة وأنتم أكثر المتلاعبين بها حسب القوة الموجهة لكم، سواء كانت أمن الدولة التى دفعت الشيخ حسان إلى تحريم الخروج على الحاكم قبل الثورة، أو المجلس العسكرى الذى استخدم عم حسان ذاته ليصبح أحد أهم مفاتيح حل العقبات التى كانت تواجهه -وآهو كله برتقال- أو الحزب الوطنى الذى ذهب الحاج عمرو لدعم مرشحه فى انتخابات برلمان 2010 بالإسكندرية، ثم بات هكذا بقدرة قادر بعد الثورة حامى حماها ومنظم لجانها الشعبية فى البرامج التليفزيونية! الكارثة بالنسبة لى ليس فى سقوطكما واكتشاف الناس لأمركما، ولكن الكارثة التى أخشى منها، أن ما تفعلانه، أنتم وقافلة الكهنة من خدمة معبد المصلحة والسلطة، لن يؤدى إلا لسقوط الإسلام ذاته حين تفشلون فى تقديم وجه الدين الطيب ويكتشف الجميع قتامة ما تفعلون، تماماً كراسبوتين أحد أهم أسباب الثورة البلشفية التى قدمت الشيوعية كبديل للدين وسيطرة كهنته على البشر. ولذا فلن أقول لكم سوى كلام ربى «كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون».