حكايات المبانى الأوروبية التى تحولت لمدارس ومستشفيات
فى طابور المدرسة الصباحى، أمسك محمد على، الطالب بالصف الأول الثانوى، ورقة وزعتها إدارة المدرسة على التلاميذ لتعريفهم بتاريخ مدرستهم التى أُلحقوا بها.. فراح يقرأ: «عزيزى الطالب إليك مختصراً عن تاريخ المدرسة التوفيقية الثانوية للبنين.. مبنى المدرسة القديم كان قصراً بناه والى مصر محمد سعيد باشا سنة 1855 م، ليكون دار نزهته فى بعض أيام السنة وبمثابة جنته الخصوصية وقد بناه على الطراز الفرنسى».
فى شوارع شبرا، حواديت وحكايات لقصور مبنية على الطراز المعمارى الأوروبى، قصور أضحت مدارس، بعدما كانت دور ضيافة للوفود الأجنبية رفيعة المستوى، يعرف محمد، الطالب الثانوى، أن مدرسته الثانوية كانت قصراً مملوكاً لأحد أكبر الأسماء فى أسرة محمد على الكبير التى حكمت البلاد لنحو قرن ونصف القرن من الزمان.[Quote_1]
«.. فى أبريل سنة 1876م أعده الخديو إسماعيل ليكون مرتعاً للإمارة، ومثابة للحكم، وأدخل عليه من التحسين ما شاءت به عبقريته»، هكذا يقرأ محمد من المنشور بين يديه، ليعلم أن مدرسته التى يتنقل بين أفنيتها وحدائقها وفصولها المدرسية كانت قصراً «نزل به السلطان عبدالعزيز، خليفة المسلمين، عند زيارته لمصر فى أبريل 1876، فسر منه على صغر حجمه، وأخذه جماله وحسن شكله، فأمر أن يؤخذ له رسمه ليبنى له على منواله على ضفاف مضيق البوسفور فى تركيا حالياً، وبعد مغادرة الخليفة لمصر جعله الخديو إسماعيل دار ضيافة لمن يفد على مصر من كبار الوفود وقد نزل به أمير مكة: الشريف عبدالله وعندما عاد إلى مكة بنى بالطائف ضاحية أسماها شبرا تذكرة لزيارته ذلك القصر».
«طلب الأدب أبقى من طلب الذهب» هى العبارة التى أمر توفيق باشا، الخديو، بكتابتها فى ظاهر قبة القصر عندما تنازل عنه لنظارة المعارف فى 1881، ليصبح مدرسة تعليمية تخرج فيها كثير من أعلام مصر، منهم: عبدالخالق ثروت باشا، والمؤرخ المعروف جمال حمدان.. تلك هى المدرسة التى ألحق بها مبنى رئيسى على طراز أحدث.[Quote_2]
على مقربة من القصر فى شارع المستشفى الذى يشتهر باسمه القديم شارع «شيكولانى»، تقع البناية الضخمة بجدرانها الخارجية المدهونة بالأحمر، وأعمدتها البيضاء، ويتفرع من عند بوابتها، المرتفعة عن الأرض مسافة أربعة أمتار، سُلّمان مقوسان يحتضنان سيارة الإسعاف التى تقف عن سفح المبنى الذى يحمل اسم «مستشفى شبرا العام».
تبدأ قصة المستشفى العام بشبرا كما رواها مديرها الدكتور صفوت عبدالشافى، عام 1896، عندما شيدت الجالية النمساوية مستشفى لرعايا النمسا بمصر فى حى شبرا؛ الذى لم يكن قد ازدحم بعد، وظل المستشفى مختصاً بتقديم خدمة علاجية فى مجالات طب الأطفال والنساء والتوليد، حتى بعدما تملكته الجالية الإنجليزية فى مصر سنة 1916، وحملت اسم اللورد «كتشينر»، القائد الحربى الإنجليزى، الذى خصص المستشفى لعلاج الأجانب لا سيما الإنجليز من المقيمين فى مصر، المستعمرة البريطانية وقتها.[Image_2]
فى أعقاب حصول مصر على استقلالها فى إعلان فبراير 1922؛ تراجع الوجود الإنجليزى شيئاً فشيئاً؛ حتى تمكنت إحدى الجمعيات المصرية من ضم المستشفى إليها، ليصبح المستشفى مصرياً، ثم يتحول فى 1967 من مستشفى مختص بأمراض النساء والتوليد وطب الأطفال إلى مستشفى عام، أصبح «مستشفى شبرا العام» فيما بعد، بينما ظلت الراهبات على رأس الطاقم العامل بالمستشفى النمساوى، أو «مستشفى كتشينر»، قبل أن يتحول إلى مستشفى شبرا العام فى منتصف الستينات من القرن الماضى.[Quote_3]
لم يكن المستشفى العام قصراً يوماً ما، لذا فهو مصمم فى الأساس كمستشفى، هذا ما قاله مدير المستشفى، الدكتور صفوت عبدالشافى، مضيفاً أنه «لم يكن يوماً قصراً للورد كُتشينر، كما هو شائع بالخطأ، وتصميمه على شكل حرف E باللغة الإنجليزية بحيث يسمح بالتهوية داخل غرف وعنابر المرضى».
أخبار متعلقة:
لما تلاقى المسلم جوا الكنيسة.. «يبقى أنت أكيد فى شبرا»
"شبرا" العمومي.. من حدائق للتنزه إلى أسواق تجارية
الفاترينات تمليك.. والباعة "جامعيون".. هنا ممر " الراعى الصالح"
أبراج «أغاخان» والكورنيش .. للرقى وجوه كثيرة
سينما مودرن.. الأثر المنسى من مكان لخطب عبدالناصر إلى عرض «عبده موتة»
جامع الخازندار.. قبلة الثوار والوحدة الوطنية
"روض الفرج" من سوق "الفتوة" إلى قصر ثقافة
دوران شبرا .. من هنا خرجت «جمعة الغضب»
المشاهير .. "شبراوية" أباً عن جد
«العسال».. عرف بتجارة المخدرات ويرفض الاتهام بالبلطجة