على أعتاب عام جديد دعونا نتحدث عن أمنيات نتمنى أن تجلبها أيام هذه السنة التى نرجوها الترفق بنا رغم سخرية الرجاء فى عالم عابث تخطت أحداثه كل منطق.
■ قلتها، وأكررها «لن يأتينا الاستثمار الخارجى الذى نسعى إليه إن لم يسمع المستثمر -أياً كانت جنسيته- هدير مواتير الإنتاج فى المصانع على كل مستوى وفى جميع المجالات». لن يأتوا لنا إلا إذا شاهدوا إنتاجنا الزراعى يغزو الأسواق الداخلية والخارجية ويكفى احتياجاتنا. لن يأتوا لنا إلا إذا شاهدوا ورش التصنيع بالقرب من كل مصنع تزوده بخامات إنتاجه، ومدرسة لتخريج العمالة الفنية التى يحتاجها يدرس طلابها يومين فى فصولها ويمضون ثلاثة أيام فى المصنع للتدريب على ما تعلموه بمواصفات السوق الأوروبية.
لا تعنينى أرقام تتحدث عن ترتيب مصر بين الدول الجاذبة للاستثمار ولا تعنينى أحاديث وزيارات المستثمرين لبلادى، ما يعنينى دوران الموتور، كل موتور، على كل شبر فى أرضى. لن يأتوا لنا إلا إذا أدركوا أننا نزرع ونُصنّع ونُصدّر. لن يأتوا لنا إلا إذا شاهدوا رجال الصناعة والزراعة فى بلادى يتصدرون صورة الإنتاج لا الإعلام. لن يأتوا إلا إذا شعروا باستغنائنا عنهم وقدرتنا على فعل الاستثمار بدونهم.. فمتى نبدأ؟
■ نستورد 70% من احتياجاتنا فى كل شىء وتلك كارثة تؤكد حاجتنا الماسة والمهمة للاستثمار فى مختلف عناصر الإنتاج، لتقليل نسبة البطالة وتوفير عملة صعبة وتحسين ملامح الاقتصاد وتخفيض الأسعار وتغيير السلوك. فهل نبدأ بمستعمرات الإنتاج الزراعى الصناعى الملحق بها مصانع للتعبئة والتغليف والتصدير فى مكان واحد بأعلى جودة؟
هل نرى فى توشكى -على سبيل المثال- أكبر مزرعة فى أفريقيا لعبّاد الشمس -دون الخلاف على اسمه «دوار» أم «عباد»- ملحق بها أحدث مصنع لإنتاج الزيوت فى المنطقة لنصدر الفائض بدلاً من استيراد نحو 70% من احتياجاتنا؟
هل نرى فى 2017 احتفالاً بعودة القطن المصرى ومصانع الغزل والنسيج الحاملة لشعار صُنع فى مصر؟
■ هل تأتى 2017 علينا وقد أدركنا أن سياسات التغيير لا تحدث بالقول ولكن بالفعل الجاد المستمر المتواصل بين كل الجهات والوزارات لوضع رؤية واحدة مفادها أننا لن نتقدم بقرار من هنا وقانون من هناك؟ وأن الوقت رفاهية والخطأ ليس فى صالحنا وأننا بحاجة إلى إبداع كل مواطن فى مكانه أياً كان موقعه؟
هل يأتى علينا 2017 مهدياً إيانا كفاءات لا تخشى اتخاذ القرار الصائب حتى لو فقدت الشعبية، ولا يعنيها غضب أصحاب المصالح بقدر خشيتها معصية القانون، ولا تفكر فى فترة بقائها على كرسى المسئولية بقدر إيمانها بما ستتركه من بصمة عليه بعد رحيلها عنه؟
هل لى أن أسأل «بابا نويل» فى بعض من هؤلاء فى كل موقع فى بلادى؟
■ هل تأتى 2017 برؤية حقيقية موحدة للتعليم فى بلادى كقضية أمن قومى يقودها المعلم ولا شىء إلا المعلم؟ هل تأتى 2017 بقيادة واحدة ذات فكر لكل مراكز الفتى والتقنين والهرى التعليمى الموصومة بالفشل.. هل تأتى 2017 بقرارات مصيرية تعلم أنه لا إصلاح لحال التعليم من دون توحيد ملامحه من السنة الأولى الابتدائية للثانوية العامة، دون أن نسمع عن حكومى وتجريبى ولغات وأزهرى ودولى وفنى ليكون التعليم حتى المرحلة الابتدائية إلزامياً مجانياً يقيم الطفل بحق ليعلم كيفية توجيهه فيما بعد وفقاً لاحتياجات السوق المدروسة؟ هل تأتى 2017 بقرار إلغاء المجانية بعد الابتدائية على أن تُمنح للمتفوقين فقط لنُخرج الكيف لا الكم؟ هل تأتى 2017 ونحن ندرك أن التعليم أساس زيادة النمو الاقتصادى؟
■ هل تأتى 2017 وبلادى تتبنى حملة لاستعادة الأخلاق والقيم المفتقدة عبر سنوات ليكون الصدق والأمانة وإجادة العمل ثلاث صفات أساسية يتم دعمها فى التعليم والثقافة والفن والإعلام والإنتاج؟
هل تأتى 2017 وبلادى ترفع من شأن كل قدوة طبيعية فيما حولنا وتغرس فعلها فى النفوس؟
ليتها تأتى بصحوة فى كل مجال فتزيل العتمة من حولنا.