ثنائية الإدارة الرسمية والإدارة غير الرسمية لشئون الحكم فى مصر هى، وكما سجلت من قبل، عنوان أزمة خطيرة تعصف بفرص التحول الديمقراطى وسيادة القانون. هذه الثنائية - المتمثلة فى وجود الرئيس وفريقه الرئاسى وحكومته بصلاحياتهم التنفيذية وحزب الحرية والعدالة بدوره التشريعى من جهة، وسطوة جماعة الإخوان المسلمين ورجال الظل الذين وضعتهم فى مواقع سياسية وتنفيذية مؤثرة وأصبح لهم دور مباشر فى صناعة قرارات الحكم من جهة أخرى- تفرض اليوم على الدولة المصرية ومؤسساتها وأجهزتها وترتب ارتباكات كارثية وتغيب خطط إصلاح الدولة وتطبيق الشفافية وحرية تداول المعلومات والمحاسبة والمسئولية وتكافؤ الفرص.
مصر بها اليوم إدارة رسمية لعلاقاتها الخارجية ترتبط بالرئاسة ووزارة الخارجية وبحزب الحرية والعدالة، وإدارة غير رسمية عنوانها جماعة الإخوان ومكتب إرشادها ولجانها.
مصر بها اليوم إدارة رسمية للتعاون الدولى والمنح والمساعدات والقروض عبر الوزارات المعنية، وإدارة غير رسمية عنوانها مفاوضو جماعة الإخوان الذين يتحركون على امتداد خريطة واسعة للدول وللمؤسسات الإقليمية (الاتحاد الأوروبى) والعالمية المانحة (صندوق النقد والبنك الدوليين).
مصر بها اليوم إدارة رسمية متعثرة لملفات فساد النظام السابق وقضايا رجال الأعمال تختص بها نيابة عامة عين رئيس الجمهورية موظفها الأول (النائب العام)، وإدارة غير رسمية يتولاها رجال ظل ووسطاء من جماعة الإخوان يبحثون عن تسويات ومصالحات لا يعلم الرأى العام شيئاً عن شروطها.
وتتجاوز ثنائية الإدارة الرسمية والإدارة غير الرسمية الأمثلة السابقة لتتحول إلى نمط عام لإدارة شئون الحكم، ولندفع نحن كمواطنات ومواطنين وتدفع مصر ثمن الارتباكات الكارثية ونخرج صفر الأيادى بشأن تطبيق قواعد الديمقراطية الحقة، الشفافية وحرية تداول المعلومات والمحاسبة وغيرها.
والخطير فى أمر الثنائية هذه أيضاً هو كون الدول الغربية، وفى ممارسة تقليدية لازدواجية المعايير، قد قبلتها وصارت تتعامل مع الإدارتين المصريتين بانفتاح كامل. تذهب إلى الولايات المتحدة فتجد البعثات الدبلوماسية المصرية وممثلى الرئاسة والحكومة، وأيضاً زائرى الظل من جماعة الإخوان ولجانها الذين تعطى لهم أهمية كبرى. تذهب إلى أوروبا فتجد ذات الحقائق وقد تطورت على الأرض وبلغت حد استعداد الاتحاد الأوروبى لتمويل أنشطة غير معلن عنها مع جماعة الإخوان وممثليها.
ازدواجية معايير فاضحة، يتحدث الغرب عن التحول الديمقراطى وأهمية المؤسسات وضرورة تعظيم وزن الأحزاب والتيارات التى تشارك بالسياسة، ثم يتعاونون مع الإدارة الإخوانية غير الرسمية ويعقدون معها الصفقات.
يزعمون دعم الشفافية وحرية تداول المعلومات والمحاسبة فى مؤسسات الدولة وأجهزتها التنفيذية والإدارية، ثم يتجاوزون كل هذا بالكامل ويذهبون إلى إدارة الظل التى لا يمكن معرفة تفاصيل سياساتها وممارساتها أو محاسبتها.
يدفعون بتأييد ضبط العلاقة بين الدين والسياسة، ثم يعلون من شأن جماعة الإخوان على حزب الحرية والعدالة الذى أسسته الجماعة لممارسة العمل السياسى عبر التواصل المستمر مع صناع القرار فى الجماعة بشأن تشريعات مجلس الشورى والقضايا الاقتصادية والاجتماعية وأمور المساعدات وغيرها، وهى جميعاً من اختصاص الحزب بجانب الإدارة الرسمية المتمثلة فى الرئيس محمد مرسى وفريقه وحكومته.