مصر ٢٠١٣، تتواصل فيها الاعتداءات المنظمة على التراث المعمارى فى المدن الكبرى كالقاهرة والإسكندرية والجيزة وبورسعيد ودمياط وغيرها عبر أعمال هدم للمبانى ذات القيمة الأثرية وإنشاء وحدات سكنية حديثة (وفى المجمل قبيحة)، وكثيفة الأعداد محلها، وبهذا تشوه هوية أحياء رائعة الجمال معمارياً كوسط البلد ومصر الجديدة وحدائق القبة (القاهرة) والزمالك وإمبابة والمعادى (الجيزة) ومحطة الرمل ورشدى (الإسكندرية) وغيرها، وتتغير التركيبة السكانية التى دوماً ما عكست تنوعاً عرقياً ودينياً واجتماعياً، وعبرت عن انفتاح المدن وتعدديتها وقبولها للآخر، والمسئول هو قوانين البناء والحفاظ على التراث المعمارى الممتلئة بالثغرات، والمسئول هو فساد الأجهزة المحلية، والمسئول هو تراخى أجهزة تطبيق القانون، المسئول هو تراجع الوعى العام بضرورة إعطاء أولوية للحفاظ على التراث حتى فى دولة مأزومة ومجتمع فقير.
مصر ٢٠١٣، تتواصل فيها الاعتداءات على المناطق والمساحات الخضراء فى المدن الكبرى على نحو يشوه هوية المكان ويدفع الأسر القادرة إلى البحث عن أماكن سكنية أخرى على أطراف المدن ويجبر غير القادرين على تحمل انهيار جودة الحياة، تحول اللون الأخضر فى الكثير من أحياء العاصمة ومدن أخرى إلى ذكريات جميلة ترويها الأجيال المتقدمة فى العمر، وحلت محلها غابات قبيحة من الأسمنت والخرسانة والطوب والألوان الزاعقة، والمسئول هو غياب التخطيط العمرانى والتنسيق الحضارى الجاد (على الرغم من وجود هيئات قومية تحمل هذه المسميات)، والمسئول هو الثغرات القانونية الكثيرة وفساد الأجهزة المحلية، والمسئول هو غياب وعى السلطة التنفيذية، حكومة مركزية ومحافظات، بضرورة الحفاظ على رئة المدن المتمثلة فى المناطق والمساحات الخضراء.
مصر ٢٠١٣، تتواصل الاعتداءات على البنية التحتية فى المدن الكبرى مشوهة أيضاً لهوية المكان ومحولة حياة الأطفال والمصريات والمصريين المتقدمين فى العمر وبدرجات أقل، بقية السكان إلى جحيم يومى. أرصفة متهدمة ومعتدى عليها من أصحاب المصالح الخاصة (ملاك العمارات وأصحاب المقاهى والمحال وسماسرة أماكن اصطفاف السيارات وغيرهم)، لا تمكن طفلة مصرية أو سيدة مسنة من السير فى أمان، بنية مواصلات انهارت فى المدن من فرط التكدس، وبلغ التلوث البيئى والسمعى والبصرى المرتبط بها معدلات كارثية وذات أضرار مباشرة على الصحة العامة، والمسئول مجدداً هو التخطيط العمرانى الغائب (مكان كل فيلا أثرية كان يسكنها عدد محدود من الأسر تبنى أبراجاً بعدد كبير من الأسر وبعدد كبير من السيارات وبرغبات تنقل متنوعة وبحث أكثر ضراوة عن أماكن اصطفاف السيارات وغيرها)، والمسئول هو تراخى الدولة التى، لعقود طويلة، أهملت جودة الحياة وما زالت.
هذه دعوة لكل مصرية ومصرى، وبغض النظر عن الظروف المعيشية المتفاوتة والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المحيطة ومدى رضاهم أو تعاستهم إزاء السياسة وتقلباتها، إلى مقاومة الاعتداءات المنظمة على المدن الكبرى وتشويه تراثها المعمارى والقضاء على مناطقها الخضراء وتجريف بناها التحتية.
هوية المكان تشوه والتركيبة السكانية للمدن المنفتحة على الآخر تتبدل، والتسامح يحل محله تعصب وهوس وتطرف، وهذه دعوة لكل مصرية ومصرى، وهم يشاركون فى حملة «تمرد» أو يؤيدون الرئيس المنتخب، إلى الإسهام فى حملات التوعية الشعبية ورفع الوعى العام بضرورة الحفاظ على هوية المكان والضغط من أجل سد الثغرات القانونية ومحاربة فساد الأجهزة المحلية بمراقبتها شعبياً ودفع الدولة وسلطتها التنفيذية إلى الاضطلاع بجدية بمهام الحفاظ على التراث المعمارى والتنسيق الحضارى والعمرانى.