لا شك أن الرجل العنكبوت أو سبيدرمان بطل عالم مارفل، والذي عرفه العالم لأول مرة عام 1962 على يد الأب الروحي للقصة المصورة "ستان لي Stan Lee"، ورسام الكوميكس العظيم "ستيف ديتكو Steve Ditko" على صفحات القصص و المجلات المصورة، هو واحد من أشهر وأروع أبطال الكوميكس على الإطلاق، وأقربهم لقلوب الجميع، وأكثرهم شعبية.
الجميع يعرفه ويتابع أفلامه المذهلة، سواء كانوا من متابعي الكوميكس أو لا، والجميع يعرف أيضا أن العنكبوت في عالم السينما الحديث قد مر بثلاث مراحل لإعادة الإطلاق حتى الآن، في كل مرحلة ظهر بنسخة ومخرج مختلف.. نسخة توبي ماجواير Tobey Maguire من إخراج سام ريمي Sam Raimi في 2001، نسخة آندرو جارفيلد Andrew Garfield من إخراج مارك ويب Marc Webb في 2012، و أخيراً نسخة توم هولاند Tom Holland من إخراج جون واتس Jon Watts في عامنا الحالي 2017، والتي كان ينتظرها الجميع بشغف، و يقبل عليها الجميع في دور العرض والسينمات حول العالم الآن.
وقبل الخوض في تفاصيل فيلم Spider-Man Homecoming، أذكركم أنه جاء نتاج تعاون مشترك بين استديوهات "مارفل" و"سوني بيكتشرز"، بعد عقد صفقة أو اتفاق رسمي بين الاثنين لاستخدام شخصية سبيدرمان في أفلام عالم مارفل السينمائي، حيث أن حقوقها لا زالت ملكا لسوني بيكتشرز في الأفلام منذ أن كانت مارفل تبيع حقوق شخصياتها لشركات الإنتاج العالمية في الثمانينات.
بعد مشاهدتي للفيلم، ودون أي حرق لأحداثه الشيقة، أرى أنه رائع و مميز جدا، وقد جاء في مجمله بشكل مختلف عن أي أجزاء سابقة، وعلى المستوى المطلوب، حيث أنه يناقش هذه المرة معاناة بيتر باركر المراهق البسيط الذي اكتسب قدرات و مسئوليات أكبر منه بكثير في حي كوينز، وكفاحه من أجل الانضام لفريق المنتقمين وإثبات الذات! هل هو حقا يستحق أن يكون عضوا دائما في فريق المنتقمين؟! هل اعتماده التام على تقنيات توني ستارك (آيرون مان) سيجعل منه بطلا خارقا؟! هل هو يستحق الآن أن يكون جاركم الودود العنكبوت؟! بالطبع الفيلم يستحق المشاهدة!
زي العنكبوت وتصميمه الجديد جاء مناسبا جدا للسلسة الجديدة، حيث أنه الأقرب حتى الآن في رأيي من تصميماته في الكوميكس، تقنيات توني ستارك في البزة العنكبوتية عديدة ومتنوعة ومبهرة جدا، والكثير منها لم نره من قبل حتى في الكوميكس! تصميم "فالشر" أو النسر (عدو العنكبوت الأساسي في الفيلم) جاء واقعيا لدرجة أبعدته كثيرا عن "فالشر" في الكوميكس، وقللت من جاذبيته وإبهاره في رأيي، ولكن الاعتماد الكلي في هذه النقطة كان على أداء النجم مايكل كيتون Michael Keaton المميز، والذي أضاف كثيرا للشخصية وأبرز شرها وطريقة تفكيرها المريبة، وكان هو الشفيع الوحيد!
أيضا شخصية "شوكر الصادم" (عدو العنكبوت الثانوي في الفيلم)، جائت بعيدة تماما عن الكوميكس ولم تضف أي شيء للفيلم تقريبا، وفي رأيي تم حرقها دون أي فائدة! صراع العنكبوت مع شوكر لم يستغرق ثوان معدودة في الفيلم، والتخلص منه كان قمة في السهولة، أما الصراع الأخير بين سبايدي وفالشر فقد كان رائعا وممتعا، وركز على العلاقة الإنسانية والنفسية بين العنكبوت وأعدائه، لكنه مع الأسف جاء قصيرا إلى حد كبير، وكان من الممكن أن يكون أكثر متعة وحماسة عن ذلك بكثير!
اختيار ماري جين في رأيي لم يكن موفقا بالمرة، وجاء بعيدا عن الكوميكس بنسبة 100%، فهي فتاة سمراء معتدلة الجمال وشعرها أسود وغير مرحة بما يكفي، أما في الكوميكس فهي فتاة بيضاء خارقة الجمال وشعرها أحمر وقمة في المرح والذكاء!
سبايدي تخبط كثيرا وتسبب في مشاكل كبيرة خلال الفيلم، ناتجة عن قلة فهمه وخبراته.. وللمرة الأولى يظهر سبايدي بهذه الصورة.. لا أدري حقا إن كان هذا ميزة أم عيب!
بالمقارنة السريعة بين نسخ سبايدي في السينما العالمية حتى الآن، أرى أن نسخة "سبيدرمان توم هولاند" قد تفوقت بجدارة على نسخة "سبيدرمان آندرو جارفيلد"، لكنها لم تتفوق مع الأسف (حتى الآن) على نسخة "سبيدرمان توبي ماجواير"! لا زالت نسخة ماجواير هي الأفضل على الأقل بالنسبة لي! ربما يعود الفضل في هذا للمخرج سام ريمي.. ربما يتمكن توم هولاند من كسر هذه الصورة في المستقبل، لكن المهم أنه حتى الآن..لا!
أيضاً هناك نقطة سبايدي المتخبط الذي يعتمد في الفيلم اعتمادا شبه كلي على تقنيات توني ستارك، رغم أنه في الكوميكس عادة يحاول الاعتماد على ابتكاراته وتقنياته الخاصة المتواضعة، هذه النقطة لم تكن مريحة بما يكفي بالنسبة لي، واضطررت لابتلاعها بصعوبة الحقيقة! لأنها في رأيي تعطي أهمية لتوني ستارك في عالم مارفل أكبر من حجمه بكثير، وتقلل من أهمية سبايدي وحجمه، وهو من المفترض أعظم شخصيات مارفل على الإطلاق، وبهذه الطريقة تقع مارفل في نفس فخ "دي سي"! سبيدرمان وسوبرمان (أعظم وأهم شخصيتان في العالمين) يتم ركنهم على جنب بهدووووء، وآيرون مان وباتمان هما من يحلان محلهما! إحساس غير مريح بالنسبة لي، رغم حبي الشديد لآيرون مان وباتمان طبعا، ولكن هما في مكانهما أفضل!
نهايته.. تقيمي العام للفيلم.. 9/10 وكان من الممكن أن يكون أفضل من ذلك!
لا تنسوا أن كل هذه مجرد آراء واجتهادات ومحاولات، ولهذا ننتظر آرائكم واستنتاجاتكم في الردود بالأسفل.. هل نجح العنكبوت في العودة للديار أم أنه ضل الطريق؟!