شبح الخصخصة يحاصر قرار "تحرير سعر الدواء"
القرار رقم 499 لسنة 2012 المعروف بقرار "تحرير سعر الدواء"، أثار كثيرا من الجدل والمخاوف أيضا فور إعلان وزير الصحة دكتور فؤاد النواوي، وذلك للتخوف من ارتفاع سعر الدواء، في حين يؤكد دكتور محمد عبد الجواد نقيب الصيادلة أن القرار لا يهدف سوى السيطرة على سوق الدواء وضمان عدم زيادة أسعاره، بينما يرى المعارضون ومنهم المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ولجنة الدفاع عن الحق في الصحة وبعض المنظمات الحقوقية التي وجدت أن القرار ما هو إلا امتداد لمشروع خصخصة التأمين الصحي الذي بدأه النظام السابق قبل الثورة.
يذكر أن تحرير سعر الدواء هو ربط سعر الدواء وفقًا للأسعار العالمية في 36 دولة تتضمن دول من كافة القارات ممن تحكمها أوضاع اقتصادية مختلفة قد تتماثل مع الوضع في مصر أو تختلف عنها؛ حيث يتم مقارنة سعر الدواء قبل نزوله إلى السوق المصرية بسعره في قائمة الدول ليباع الدواء في مصر وفقًا لأقل سعر يباع به في الدول الأخرى التي تبيع المستحضر نفسه.
الأدوية التي ينطبق عليها تحرير سعر الدواء:
الأدوية المرخصة حديثًا، ولا ينطبق على الأدوية الموجودة في الأسواق حاليا سواء المحلية التي تشكل نسبة 80% من الدواء المتداول في الأسواق أو الأدوية المستوردة و تشكل نسبة 20%.
آلية تطبيق القرار بالنسبة لشركات الأدوية:
تقوم الشركة التي تريد تسجيل الدواء بوزارة الصحة بتقديم قائمة أسعاره في الدول التي يتداول بها، مع توضيح سعر البيع للجمهور في كل دولة شاملًا كل أنواع الخصومات، لتخاطب بعدها وزارة الصحة الجهات الحكومية المختصة في 36 دولة لمقارنة سعر الدواء المقترح في مصر الذي تقدمت به شركة الأدوية مقارنة بتلك الدول.
ويتم إعادة النظر في تسعير الدواء في حالة تغير متوسط سعر العملة بواقع 15% بالزيادة والنقصان خلال عام.
ربح الصيدلي والموزع في حالة تطبيق القرار:
ويصبح ربح الصيدلي 25% مع زيادته بنسبة 1% سنويا على جميع الأصناف المسعرة على النظام القديم، وذلك اعتبارا من تاريخ نشر القرار، وذلك بدلا من 20% وفقا لما هو معمول به حاليا، ولتزيد النسبة في الدواء المحلي من 12 إلى 15%.
أما نسبة ربح الموزع فتصبح 7.86% من سعر المصنع.
الدول التي يتم مقارنة سعر الدواء معها:
النمسا وبلغاريا وقبرص والدنمارك وفنلندا وفرنسا وألمانيا واليونان وهولندا والمجر وإيرلندا وإيطاليا وبولندا والنرويج والبرتغال والسويد وإسبانيا وسويسرا وإنجلترا وتركيا والسعودية والإمارات والكويت وعمان وإيران ولبنان والسودان والفلبين والمغرب والأرجنتين والجزائر وكندا واليابان و الهند.
القرار رقم 373 لسنة 2009:
هو القرار الذي أصدره وزير الصحة السابق دكتور حاتم الجبلي قبل قيام الثورة، وأثار كثيرا من الجدل والدعاوى القضائية المطالبة بوقف تنفيذه من قبل "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" والتي حركت دعوى قضائية ضد القرار بتاريخ أبريل من عام 2010، وكان يقضي بتحديد سعر بيع الأدوية بأقل سعر بيع للجمهور في البلاد التي يتداول بها المستحضر بعد خصم نسبة 10% من هذا السعر، إلا أن القرار تم الطعن عليه وصدر بعدها حكم بتنفيذه في شهر مايو عام 2011، لكن القرار لم ينفذ حتى صدور القرار الأخير.
من جانبه، نفى دكتور محمد عبد الجواد نقيب الصيادلة أن يكون قرار وزير الصحة رقم 499 لعام 2012، هدفه تحرير سعر الدواء، موضحا أن هدفه هو التحديد وليس التحرير، وقال في تصريحات للوطن إن كل ما يثار من جدل و من أحاديث و أراء ساخنة قامت بقلب الحقائق وإثارة الفزع بين الناس ونشر أقاويل وصفها بالمرعبة.
وتابع عبد الجواد موضحا أن مصر هي الدولة الثانية في العالم بعد أمريكا في تحديد سعر الدواء، وأن الحديث عن أي تغيير في سعر الدواء هدفه التغيير بالانخفاض وليس الزيادة، وأوضح أن القرار جاء بعد دراسة مستفيضة على مدار ستة أشهر للبحث عن وسيلة للتيسير على المرضى، وكانت المفاجأة في أن يكون رد الفعل معاكسا للحقيقة.
وقالت دكتورة منى مينا عضو مجلس نقابة الأطباء ومنسق "أطباء بلا حقوق"، إنها لم تدرس أبعاد قرار تحرير سعر الدواء، ولكنها ترفض أي مساس بسعر الدواء فيكفي المواطن المصري ما يعانيه، وإن الحصول على الدواء حق أساسي من حقوق الإنسان، ومن ثم لا يمكن أن تتحول إلى سلعة يستطيع القادر الحصول عليها ويحرم منها الفقير، وأشارت إلى أن الدواء بوضعه الجاري يعتبر مرتفع الثمن بالنسبة لكثير من المرضى، فكيف تكون الحال عند تحرير سعره وربطه بالسعر العالمي والذي قد يكون أعلى أو أقل من الأسعار الحالية، وأكدت ضرورة الدراسة الجيدة للقرار قبل تطبيقه لأن تبعاته على المرضى قد تكون غير إنسانية.
ووصف محمد البهي وكيل غرفة صناعة الأدوية باتحاد الغرف الصناعية صياغة القرار خاطئة و أثارت قدر كبير من الجدل، كما أن توقيته خاطئ ويضر بصناعة الدواء في مصر، مشيرا إلى اعتراض شركات الدواء العالمية على القرار لأنه يدخل صناعة الدواء في دائرة لا تنتهي، فسعر الدواء في الهند مثلا منخفض نسبيا نظرا لأنها تتوفر لديها الخامات الدوائية بكثرة، ولكن القرار في الوقت نفسه يفيد المستهلك المصري؛ حيث يقضي بمراجعة أسعار الدواء كل ثلاث سنوات لمقارنتها بالسعر العالمي، وهو ما يعني إمكانية خفض سعر الدواء في حالة انخفاضه عالميا، ومن خلال المراجعة سيتم تخفيض أسعار الدواء المحلية طبقا لأسعار الدواء الجنسية العالمية.
وأضاف البهي قائلا "إن أغلب شركات الدواء سوف تلجأ إلى القضاء لإلغاء القرار الذي يضر مصنعي ومنتجي الدواء في مصر كما سيضر بمصلحة الصيادلة، وذلك لأنه سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الدواء على المريض، ما سيؤدي إلى هروب الشركات العالمية التي تنتج الدواء في مصر من السوق، وأشار إلى أن أغلب الشركات العالمية تأخذ قراراتها من الشركة الأم، ودور وزارة الصحة يجب أن يقتصر على الاهتمام بصحة وجودة الأدوية المصنعة التي يستخدمها المريض ولا علاقة لها بشؤون التبادل التجاري، كما أنه لا بد من اختيار متخصصين لتحديد تلك النسب والأسعار.