يراود الكثيرين العديد من التساؤلات حول ماهية المجتمع المدني وطبيعته وأشكاله وأدواره، خاصة خلال السنوات السابقة، حين بدأ يظهر هذا المصطلح على الساحة.
ببساطة المجتمع المدني ومفهومه ليس وليد عصرنا هذا لكن جذوره تعود لفلاسفة العقد الاجتماعي.
فالمجتمع المدني باختصار هو ذلك الفضاء الذي تعمل فيه التنظيمات التي تنشأ بالإرادة الحرة لأفرادها على القضايا المختلفة التي تخص المواطن، ويلعب المجتمع المدني أو القطاع الثالث دورا هاما في أي مجتمع، حيث أنه يعتبر الوسيط ما بين الشعب والدولة ولابد وأن تتسم علاقاته بالتكامل والتعاون فيما بينه وبين باقي القطاعات (العام والخاص)، حيث أن هذه القطاعات الثلاث هدفها في الأساس هو مصلحة المواطن وضمان حقوقه.
أما عن أطوار المجتمع المدني فهم خمسة: الطور الخيري والطور الرعائي ونجدهما مجسدان في الجمعيات الخيرية والرعائية التي تستهدف حلولا لمشكلات كالفقر والصحة حلا جزئيا مؤقتا والطور التنموي وتمثله أولئك المؤسسات التي تستهدف إحداث التنمية الشاملة بالمجتمع بكافة جوانبها، والطور الحقوقي وتمثله تلك المنظمات التي ينصب مجال عملها على مناصرة الحقوق والحريات، والطور الدولي وتمثله تلك المؤسسات والشبكات التي تعمل على المستوى الإقليمي أو الدولي وما يلزمها من تشبيكات محلية.
أما عن طبيعة المجتمع المدني فهي ليست كما يشاع عنها أنها مريبة وترتبط بأجندات خفية مبهمة، لكن طبيعة عمله واضحة ومحددة ويكفلها الدستور والقانون والاتفاقيات الدولية، بدءا من الحق في التنظيم والمشاركة العامة وانتهاء بالأشكال التنظيمية التي يكفلها القانون المحلي، ناهيك عن الدور الهام للمجتمع المدني الذي يقوم به لسد الثغرات التي تعجز الدولة عن سدها إما بسبب محدودية الموارد أو بسبب سوء التخطيط.
وختاما لاستعراضي المبسط عن المجتمع المدني، أود أن أشير إلى أنه في الدول جميعها من المفترض أن يقوم المجتمع المدني بنفس الأدوار متبعا آليات بعينها قد تختلف نوعا ما نتيجة اختلاف السياقات والثقافات، زان الفيصل في هذا الأمر هو تغليب مصلحة الشعب والعدالة كما قال إدموند بيرك "العدل في حد ذاته هو السياسة الراسخة للمجتمع المدني".