استاد مختار التتش - أرشيفية
قطعة أرض ترابية أنشئت في عام 1909 وأُطلق عليها «الحوش» بدأ منه صناعة الأبطال، فكان منبعا للمقاومة والنضال، ووطنا لكل من ارتدى قميص النادي الأهلي، تفوح على أبوابه ما يسمى بـ«روح الفانلة الحمراء»، وبداخله توج الفريق ببطولات حُرم منها منافسوه، ومدرجاته تشهد على صوت تشجيع جماهير الأحمر التي لا تهدأ أبدًا.
البداية كانت بمكان صغير، وفي عام 1917 تقرر توسيع هذا المكان الأشبه بـ«حوش»، لأن الفرق الإنجليزية كانت تحتج على صغر حجمه، وكان يلعب عليه وقتها مباريات كأس السلطان.
واستخدم الأهلي 35 جنديًا من جنود القوات الأسترالية التي كانت تعسكر في المعرض الزراعي مكان الأوبرا الحالي، لإصلاح الملعب، المجاور لبرج القاهرة.
كان «التتش» مغناطيس للبطولات، بالرغم من أنه كان بلا أسوار ومدرجات، ويوجد فقط بعض المدرجات الخشبية، وفي عام 1929 أطلق عليه ملعب الأمير فاروق.
في عام 1949 تمت الموافقة على بناء مدرجات تتسع لـ20 ألف متفرج بميزانية 7 آلاف جنيه، وطرحت فكرة لإنارة الملعب في عام 1951، وتم الانتهاء من إنشائها عام 1956.
كان ملعب مختار التتش أول ملعب رئيسي في مصر يوضع به عدادات لإحصاء عدد الجمهور وكشافات لإنارة الملاعب، ليصبح الأهلي صاحب السبق في هذا بين الأندية المصرية.
وسمى الاستاد بعد ذلك بـ«التتش» نسبة إلى الراحل محمود مختار التتش، لاعب الأهلي السابق، والذي يرجع الفضل له في إنشاء مدرجات الدرجة الثالثة، كما كان له دور وطني مهم، عندما قرر السفر لمساندة المقاومة الفلسطينية رفقة لاعبي الأهلي، ورفض قرار حيدر باشا بمنع الفريق من السفر، وتحمل مسؤولية السفر كونه قائد الفريق وقتها، وهي الأمور التي أدت لإطلاق اسم التتش على الاستاد تخليدًا له بعد وفاته عام 1965.
كلمة «التتش» تطلق على لاعب السيرك الصغير الحجم السريع الحركة، الذي يبهر المشاهدين بحركاته وقفزاته ومرونته، وأطلقت على مختار التتش نسبة إلى خفة حركته، وقدرته على التحكم بالكرة.
وفي عام 1974 صدر قرار بتحديد سعة الملعب بـ15 ألف متفرج فقط من المجلس الأعلى للشباب، وكان استاد التتش، هو الاستاد الرئيسي قبل بناء استاد القاهرة، وكانت تلعب عليه مباريات المنتخب القومي ومباريات النادي الأهلي.
وبعد ذلك أصبح ملعب مختار التتش هو الملعب المخصص لتدريب فريق النادي الأهلي، ليشهد مرانه اليومي إلى الآن، ممزوجًا بهتافات الجماهير التي تضفي عليه الحماس والجدية، قبل أن يتم منعها من دخول المران بعد الأحداث الرياضية الصعبة التي مرت بها البلاد.
«مطار للرؤساء» هكذا يمكن أن يوصف «التتش» أحيانًا، فعلى الرغم من كونه ملعب كرة قدم، إلا أنه استقبل طائرات رؤساء الجمهورية مثل الرئيس عبدالفتاح السيسي ومن قبله الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
تطوير ملعب مختار التتش أخذ سياقا مختلفا هذه المرة، عندما أراد مجلس إدارة النادي الأهلي في العام الماضي تطويره، ليصبح على غرار ملعب التدريب الخاص بفريق برشلونة، فخرج «التتش» بمظهر أبهر الجميع، حيث لم يقتصر التطوير شكل المدرج ومقاعدها لتي وصلت إلى 8 آلاف مقعد فحسب، بل تضمن تشطيب محتوى المدرج الداخلي، وما يضمه من «جيم عالمي» لفريق الكرة، وغرف مخصصة لتغيير الملابس وقاعة للطعام والاجتماعات والفيديو، وقاعة للمؤتمرات الصحفية ومغطس وصالة ساونا وجاكوزي وغرف فندقية.
وعلى فترات متباعدة، عادت بعد ذلك جماهير القافلة الحمراء مرة أخرى إلى «التتش»، فكلما تأزم الأمر على الفريق كان الجمهور حاضرًا، ليساند الفريق، وأيضًا كلما فاز الفريق ببطولة يأتي الجمهور إلى «التتش» ليتقاسم فرحة النجاح مع لاعبيه.
ويبقى «التتش» بذلك هو ملتقى جماهير الأهلي باللاعبين، وهو المكان الذي يتقاسمان فيه الفرح، ويساند فيه الجمهور فريقه، درع يحتمي فيه اللاعبون بجمهورهم، ومسرح يعرض مظاهر إخلاص الجماهير لناديهم.. وهو كلمة السر في عشق الكيان الأحمر.
تعليقات الفيسبوك