دومًا ما تشهد الحروب العديد من القصص والبطولات لأفراد مختلفة، كل في مكانه "بطل"، ولكن لكل بطل منهم روايته الخاصة التي يمتاز بها عن غيره من الآلاف المتواجدين في ساحة القتال.
حرب الشتاء، التي وقعت بين فنلندا والاتحاد السوفيتي، بدأت بهجوم سوفيتي على الأراضي الفنلندية في 30 نوفمبر سنة 1939، بعد ثلاثة أشهر من اندلاع الحرب العالمية الثانية والغزو السوفياتي لبولندا.
وانتهت في 13 مارس سنة 1940 بإبرام معاهدة سلام موسكو، فيما اعتبرت عصبة الأمم الهجوم غير شرعي وطردت الاتحاد السوفيتي من عضويتها في 14 ديسمبر 1939.
شهدت تلك الحرب بطولة خاصة، تحت اسم "الموت الأبيض"، أو ما يُعرف بـ"سيمو هايوها"، الذي يصفه كثيرون بأنه أعظم قناص في التاريخ العسكري.
نجح "هايوها" خلال 100 يوم فقط، في بث الرعب في قلوب قوات الجيش السوفييتي، التي غزت بلاده فنلندا، خلال ما يعرف بحرب الشتاء بين عامي 1939-1940.
بدأت أسطورته تلمع بعدما استطاع قتل 505 جنود من قوات الجيش الأحمر في فترة تقل عن مائة يوم، فيما يؤكد مؤرخو الجيش الفنلندي أن ضحايا هايوها بلغ عددهم 542 جندي سوفييتي.
كان يفضل استخدام بندقية القنص من دون المنظار نظراً لما يحققه له من ميزة اصطياد أصغر هدف ممكن وكذلك عند انعكاس الضوء على المنظار العادي سوف يؤدي إلى إحداث وهج ربما يؤدي إلى كشف مكان القناص.
ويقال أنه بالإضافة إلى إصاباته السابقة، إن سيمو هايها سجل ما يقرب من 200 إصابة باستخدام بندقية Suomi M-31 SMG الأمر الذي يرفع عدد إصاباته إلى 700، الا أن هذا الأمر لم يتم تأكيده.
حصل "هايوها" على لقب "الموت الأبيض" من قبل الجيش السوفيتي، بسبب الأساليب التي كان يتبعها في قنص الأعداء، انطلاقًا من التخفي في ملابس بيضاء، مرورًا بالاعتماد على أساليب خاصة لتقليل حجم الثلج المتناثر جراء إطلاق الرصاص من بندقيته المعدلة من طراز (M/28-30)، كما عرف عنه ابتلاعه لكميات من الثلج خلال عمليات القنص بهدف منع أي انبعاث للبخار أثناء تنفسه.
ونظرًا لما كان يمثله من خطر على جنود الجيش الأحمر فقد تم وضع خطط عديدة للتخلص من سيمو هايها باستخدام نفس أسلوبه بالقنص، إلا أنه كان ماهرًا في التخفي، فحاولوا قصفه بالمدفعية، فبعد أن أعدوا له كمين، وكان أفضل ما حققوه هو تمزيق معطفه عن طريق قصف بالمدفعية أصاب وراء منطقة كمونه وأصيب سيمو هايها بخدش بسيط.
وفي 6 مارس 1940 وخلال قتال قريب، أصيب في منطقة الفك بوجهه ولكن الرصاصة -لحسن حظه- هبطت عن مستوى الرأس وأصابت الفك ويتحدث أحد أصدقائه عن حالته في تلك اللحظة أن نصف رأسه كان مفقودًا.
وفي 13 مارس 1940 استعاد وعيه بعد أن انتهت الحرب بأيام، وتم ترقية سيمو هايها من رتبة العريف إلى رتبة الملازم بواسطة المارشال "كارل جوستاف إميل مانرهايم"، وكانت سابقة في تاريخ فنلندا أن يرقى عسكري على هذا النحو.
استكمل حياته كصياد محترف وعمل في مجال تربية واستيراد الكلاب، قبل أن يتوفى بصورة طبيعية في أحد دور الرعاية لقدامى المحاربين عام 2002، عن عمر ناهز 96 عاما.
تعليقات الفيسبوك