اعتدل في جلسته، حين مسك طرف اللحن، وبدأ يحرك أصابعه على عوده، لم يعبء إلهامه بمن حوله من كبار وأشهر الوسط الغنائي، ظلت النغمات تنساب بينهم، حتى التقطتها أذن المغني النوبي محمد حمام، "أنا هغني الأغنية دي يا خال".
جلس حمام بجانب الخال، يدندن آخر ألحانه لأغنية "الليلة يا سمرا"، "الليل يصبح ويمسى واتفكرينى واتنسى.. شميت هواكى لقيت نفسى يا طيبة وصابرة الليلة.."، وظل هذا التسجيل حتى اليوم لحمام، كأول مغني يغنيها لكن دون نسخة "ماستر" داخل استوديو.
فكان الشاعر عبدالرحيم منصور، أقنع الشاعر فؤاد حداد بتحويل أشعاره إلى أغاني، حين تعاون مع الكثير من الملحنين، كان أولهم سيد مكاوي، وتولى المزج بين كلماته والألحان المختلفة، حتى صنع له مزيج خاص ليضيف لرصيد حداد الغنائي ألحان بمذاق خاص، عاشت معها أغانيه في وجدان الكثيرين، منها: "أه وآه ويا فرحة قلبي"، و"الدنيا برد"، و"عقد الفل والياسمين".
يروي خالد منيب، لـ"الوطن"، أنه في جلسة غنائية، كان يدندن الخال كلمات "الليلة يا سمرا"، حين اقترح عليه المويسقار يحيي خليل، أن هذه الأغنية تشبه صوت الفنان محمد منير.
"أنا مبخلش عليه بحاجة، ده ابني، لو عايزاها ياخدها"، يتذكر خالد، صوت والده الذي احتفظ به تسجيل لهذه الواقعة، التي كانت بعدها نجاح جديد للأغنية بصوت منير.
وقال خالد، إن هذه الفترة الزمنية ربط الحب بين الوسط الفني، لذلك تجد الكثير من الأغنيات والألحان، بأكثر من صوت غنائي وكل تسجيل له مذاقه الخاص، بعيدًا عن المشاكل أو الخلافات.
"بحبك الكون وشئ مجنون.. وقلبى يكون على هواكى.. بحبك فى الوجود نسمة.. بحبك عالورود بسمة.. وكل الكون بيهواكى ياغنوة شوق.."، وقعت هذه الكلمات أمام الخال دون أن يعرف من صاحبها، إلا أنه اعجب بها فقرر أن يضع لها لحن، ثم قام الفنان علاء عبدالخالق بغنائها ضمن أغنيات أول ألبوماته "مرسال"، إلا هذه الصدفة لم تكن بداية لعبدالخالق فقط، إلا أنها كانت تعريف لشاعر عادل عمر.
بعد إنتاج "سونار" للألبوم، لم تحمل الأغنية اسم للكاتب، مما أثار غضب الشاعر عادل عمر، حين سمع الأغنية، فذهب لمنيب، الذي وصله بمسوؤلي شركة الإنتاج، فى الطبعات التالية كٌتب اسمه بجانب اسم الأغنية، لتكون محطة لبدايته، ومعرفته بالفنان حميد الشاعري.
أوضح خالد، "هذه الواقعة، تثبت أن الحج مكنش بيدور على أسماء قد الكلمات المميزة التي تحقق رسالته، فكان يعتبر نفسه بمثابة الأب أو العم أو الخال، لجمهوره، فاختيار كلمات تحقق له الهدف التربوي والاجتماعي الذي خلد اسمه لعشرات السنين.. فأغانيه ليست حروف تكتب بجانب بعضها".
يمتلك خالد منيب، إرث كبير من شرائط تحمل صوت والده، وألحانه الخالدة، من ضمن هذه الشرائط تسجيل لأغنية باللغة النوبية "نيما"، أثناء عمله في السعودية، وتعني "نعيمة" بالنوبية، وهو اسم زوجته، رغم أن هذا التسجيل تائه وسط الكثير، إلا أن "أم العيال العشرية"، قد توضح مدى حبه وامتنانه لزوجته التي شاركته رحلته وعمره.
كان يجلس مع صديقه الشاعر محمد جادة، في جلسة معتادة، حين طلب منه منيب أن يكتب له كلمات لـ"أم العيال"، الوصف الذي بدأ به جادة كلماته: "جايب معايا اللي ف يدي.. وقدرت أجيبه من كدّي، ولا تقوليش بس أنا عندي، وكفاية بتهل عليّ.. أصلك أصيلة يا عشرية"، التي كانت ترجمة غلفها صوته الدافيء، عن حالة الحب المختلفة التي جمعت بينه وبين "الست نعيمة أم العيال العشرية".
يروي خالد، عن منيب رفضه للأغاني التي تتحدث أو لها علاقة بالموت، إلا أخر ألحانه التي خلدها صوت شجن الفنان حسن الأسمر، للشاعر محمد القصاص، "مين بيعيش فى غير زمانه أو بيموت فى غير أوانه.. صافية ولا حزن مالينا.. ضحكة ولا مكتوب علينا"، كان هذا اللحن أخر ما سمعه من عود الخال، ظل شهرين يدندن بها، حتى أنهى بها مشواره.
تعليقات الفيسبوك