تفقد أوروبا بشكل متزايد الاتصال بجذورها التاريخية، فقد حلت القيم الصناعية محل القيم التقليدية، لذلك فالحال في أوروبا يتجه نحو التدهور السري، وفقا لما صرح به عدد من الفلاسفة والكتاب في القارة العجوز.
يقول الفيلسوف يوجينيو ماتسريلا عضو سابق في البرلمان عن الحزب الديمقراطي : "مستقبل أوروبا محتوم، إذا لم تبدأ بولادة الأطفال من جديد، فقد تخلينا عن تقاليدنا ونحن متجهون إلى الزوال"، بحسب "سبوتنك".
وقال الكاتب جان لوكا مارليتا مؤلف كتاب "مصنع الاستغلال" و"فقدان الهوية الجنسية"، يبدو أن أوروبا اليوم تسعى إلى إنكار كل قيمها، حيث تهتف أوروبا اليوم إلى كل ما هو مؤقت ولا معنى له، ولا توجد حضارة قادرة على الازدهار، والأهم من ذلك، أن تستمر في الوجود إذا كانت مبنية على مثل هذه المبادئ المتناقضة مثل المجتمع الغربي اليوم.
وأضاف جان لوكا "من المهم أن نفهم أنه لا يحدث أي تحول في التاريخ بشكل عفوي، فقد بدأت قوى ذات نفوذ في الترويج لتدمير القيم التقليدية في الغرب، منذ 50/60، وهناك أسباب كثيرة لذلك منها: خلق إنسان بدون شخصية، إنسان متحرر من قيم الأسرة والدين والعلاقات الاجتماعية، مما أدى إلى ظهور "الزبون المثالي" الشخص الذي "يعيش من أجل الاستهلاك".
ومن ناحية أخرى، أدت النزعة الفردية المتطرفة وعدم وجود توجيه في الثقافة والأيديولوجيا إلى حقيقة أن المواطنين الغربيين يقعون بسهولة تحت أي تأثير أيديولوجي، فالإنسان من دون أي جوهر أخلاقي كورقة على مهب الريح، يمكن أن يقع تحت تأثير أي قوة.
موضحاً، بدأت هذه التغييرات في الدول الغربية بسبب الثورة الثقافية المدبرة للشعب: عبادة المخدرات في الستينات والسبعينات وفي الآونة الأخيرة، الثورة الجنسية.
وأضاف يريد الرجال اليوم أن يصبحوا مثل النساء، فيقلّمو أظافرهم، ويضعون الأقراط في آذانهم، لا يريدون أن يخدموا في الجيش لأنه على مدى العقود الماضية، بدأت الثقافة ووسائل الإعلام في مهاجمة فكرة "الذكر" في الغرب، وهذا هو تأثير نظرية المساواة بين الجنسين في السبعينات، فمن هنا جاءت فكرة أن الرجل يتخلي عن طبيعته وعاداته.
وتابع اليوم، غالباً ما يصبح الرجل الغربي محاكاة ساخرة لنفسه، فهو ضعيف نفسياً، مهووس بمظهره، لا يمكنه أن يؤدي واجباته التقليدية (أدوار الزوج والأب والمدافع)، كل هذا أدى إلى انهيار ديموغرافي.
واستطرد الغرب اليوم "سريريا" ميت بالفعل، بعد أن فقد هويته الروحية والثقافية، تحت تأثير أزمة غير مسبوقة، فإنها تقع في حفرة ديمغرافية، وإذا لم يغير الغرب مفاهيمه قريبا، فإنه سيستعمر من قبل الشباب، الغرباء الأكثر حيوية، والقادمين الجدد، والمهاجرين.
تعليقات الفيسبوك