الجريمة والعقاب - فيودور دوستويفيسكي
تعتبر رواية "الجريمة والعقاب" من أشهر وأهم الروايات التي كتبها الأديب الروسي فيودور دوستويفيسكي، وثاني رواياته الكاملة بعد عودته من المنفى ونشرت لأول مرة في المجلة الأدبية "الرسول الروسي" على حلقات عام 1866 ثم جمعت لاحقا في مجلد.
وتتناول الرواية الصراع النفسي والأزمة الأخلاقية التي يعيشها البطل الذي يقتل مرابية تستغل احتياج الناس من أجل مالها ودافع القتل أن البطل يرى أن بمال تلك المرابية يمكنه تحرير نفسه من الفقر ويقوم بالعديد من الأعمال الخيرية، إلا أن الحيرة والتردد والحظ يفشلون خطته لجعل عملية القتل لها مبررًا أخلاقيًا.
واعتمدت الرواية على الشق النفسي من خلال الصراع الدائر بين البطل ومحقق الشرطة الذي يمارس الضغط النفسي على البطل للاعتراف بجريمته، وهناك خط آخر اعتمد عليه المؤلف وهو قصة الحب التي جمعت البطل بفتاة الليل وكيف له أن ينقذها من هذا السلوك وبأن الفقر هو ما دفعها لهذا العمل.
أثارت الرواية العديد من الفنانين حول العالم في السينما والمسرح لما تتميز به من خط نفسي ودراما واقعية وأبطال حقيقيين، وقدمت السينما المصرية رواية "الجريمة والعقاب" في فيلمين، الأول يحمل نفس الاسم عام 1957، والثاني فيلم "سونيا والمجنون" عام 1977.
- فيلم "الجريمة والعقاب"
قدم الفيلم في عام 1957 من بطولة "شكري سرحان، محمود المليجي، زهرة العلا، ماجدة وعبدالمنعم إبراهيم" ومن إخراج ابراهيم عمارة، والسيناريو والحوار محمد عثمان.
استطاع السيناريت والمؤلف محمد عثمان أن يجري بتعديلات على الرواية الأصلية لتقديم فيلم "الجريمة والعقاب" فجعل البطل يعيش مع أسرته الفقيرة ويرتكب جريمته من أجلها وبالرواية الأصلية كان موقف البطل واضحا مع البنت التي أحبها وتعمل في البغاء بأن يدافع عنها وبأنها لا تبيع جسدها ولكن محمد عثمان في الفيلم أصاغ الفكرة عن طريق أخت البطل التي رفض أن تتزوج رجل فقط لأنه سينتشلهم من الفقر.
وعند مشاهدة الفيلم تميز أداء كل من محمود المليجي وشكري سرحان، فتجسيد المليجي لشخصية محقق الشرطة الذكي كان متوفقا على نفسه ويبرز موهبة تمثيلية كبيرة فكان دوما يريد الإيقاع بالقاتل الذي لعب دوره شكري سرحان بشكل حقيقي خصوصا في أداء الإنهيار النفسي للبطل، وكانت المفاجأة الحقيقية بالفيلم هو أداء عبد المنعم ابراهيم لشخصية صديق البطل فكان الدور جاد وإستطاع عبد المنعم إبراهيم تقديمه بشكل مختلف عن شهرته بهذا الوقت كممثل كوميدي.
تميز المخرج بأنه جعل للرواية شكل مصري واقعي بعيدًا عن أي إطار ثقافي آخر من اختيار أماكن التصوير وملابس الممثلين وأداءهم، وهذا ما ميز الفيلم بأنه جعل الرواية تبدوا مصرية بشكل كبير من تعاون السيناريست والمخرج.
- فيلم "سونيا والمجنون"
قدم الفيلم في عام 1977 من بطولة "محمود ياسين، نور الشريف، نجلاء فتحي وسعيد صالح" ومن اخراج حسام الدين مصطفى والسيناريو والحوار محمود دياب.
تميز الفيلم باطار من الغموض أشبه بالأفلام الأمريكية البوليسية عن طريقة التصوير وأسلوب المخرج حسام الدين مصطفى، إلا أن السيناريست محمود دياب قدم الرواية كما هي بأن البطل يعيش بمفرده ويقوم بقتل المرأة المرابية وكان التأكيد على فلسفة الرواية بالفيلم واضحة بعكس فيلم "الجريمة والعقاب" الذي كان يقدم بشكل مصري.
تميز أداء نور الشريف بشخصية محقق الشرطة وإستطاع محمود ياسين تقديم شخصية المريض النفسي بشكل واضح وهي شخصية لم يقدمها من قبل وبرع في تجسيدها، وتعتبر أيقونة الفيلم هو سعيد صالح الذي كان بأسلوبه البسيط في الأداء يخفف من حدة الاحداث والممثل الكبير عماد حمدي في تقديمه شخصية "الرجل السكران" الذي يهرب من مسئولياته ومتاعب الحياة بالخمر.
تميز فيلم "سونيا والمجنون" بأنه الأقرب للشكل الحقيقي للرواية التي كتبها دوستويفيسكي.
تعليقات الفيسبوك