الرمال تفترش الأرض في كل مكان، وشعاع الشمس يتسرب من بين الستارة المسدل بعض منها والضحكات تتردد في أرجاء المكان معلنة عن فرحة الصغار بالنزهة التي يعيشونها، مقلبين بالجروف وشوكته البلاستيكية بعض الرمال، التي تتخلل ذراتها خصلات شعورهم و"مايوهاتهم"، بينما تناولهم والدتهم أكواب العصير ليرووا عطشهم، بهذه الطريقة تحوِّل نجلاء أنور شرفة منزلها إلى شاطئ لتصرف أطفالها عن الجلوس لساعات طويلة أمام الوسائل التكنولوجية المختلفة.
لا تستبدل نجلاء البلكونة بالذهاب إلى المصيف، وإنما لاحظت حب أطفالها للعب بالرمال، التي تغسلها وتضعها في الشمس لتجف حتى تضيفها إلى تربة بعض النباتات التي تزرعها في منزلها: "لاحظت أن الأولاد لما كنا بنصيف في الغردقة مكنوش بيحبوا ينزلوا الميه علشان مالحة وبتأذي جلدهم، وبيحبوا يلعبوا في الرمل اللي بأشتريه للزرع أوي، فاستغليت الفكرة دي".
تخشى ربة المنزل، التي تركت عملها كمدير إداري بإحدى شركات المستلزمات الطبية، على صغارها من مشاهدة شاشة التليفزيون طوال ساعات النهار، أو الانغماس في الألعاب العنيفة على الهاتف المحمول، لتفضل صخبهم في العالم الواقعي على غيابهم في عالم افتراضي لا تملك السيطرة عليه: "أنا اتفرغت مخصوص من الشغل علشان أربيهم كويس، وعندي شقاوتهم أحسن بكتير من سكوتهم وهما ماسكين التليفون وبيحملوا أي حاجة ممكن تأذيهم".
تفرغ الشقة تماما من السجاد وأي شيء، يمكن أن يتسخ أثناء تراشقهم بالرمال، وتجولهم بالعجل و"الأسكوتر" ولا تمنع صاحبة الـ35 عاما ولديها اللذان تتراوح أعمارهما بين الرابعة والخامسة وفتاتها الوحيدة التي لم تتخطَ الثامنة، تماما من التعامل مع التكنولوجيا: "بسيب لهم التليفون لفترات صغيرة، ميبقوش جاهلين ويعرفوا يتعاملوا مع التكنولوجيا زي أصحابهم".
لا تكتف نجلاء بتحويل البلكونة فقط وإنما تتحول كراسي منضدة السفرة المغطاة بملاءة إلى خيمة يمكن أن يتناولوا طعامهم بها وهم يشاهدون أحد أفلام الرسوم المتحركة، حتى شغفت فتاتها الصغيرة بهويتها المفضلة في تصنيع الحلي من الخرز والخيوط، لتبتكر منها هدايا لأقاربها وحلي تتباهى بها: "بأخليهم يحبوا اللعب الواقعي ويسيبوا التليفونات ويجروا علشان يلحقوا يلعبوا".
تعليقات الفيسبوك