في 17 أكتوبر لعام 1943 رحلت مي زيادة تاركة إرثا من "أدب المرسلات" إن جاز التعبير، فهي واحدة من أكثر الأديبات العربيات تعاملا برسائل سواء، ونظرا لتعدد أحبائها تنوعت أساليب الغزل بها من الشعر وحتى الخطابات التي عبرت حدود من أجل التعبير لها عن شعور تجاهها.
ولدت الشاعرة والأديبة اللبنانية الفلسطينية مي زيادة في 11 فبراير 1886، واشتهرت بصالونها الأدبي الذي كانت تقيمه في منزلها الكائن في شارع عدلي، كل يوم ثلاثاء منذ عام 1913، قبل أن ينتقل عام 1921 إلى إحدى عمارات جريدة الأهرام ويستمر حتى الثلاثينيات من القرن الماضي، وكان يحضره صفوة المجتمع أمثال عباس العقاد وطه حسين وأحمد لطفي السيد وشيخ الشعراء إسماعيل صبري والشيخ مصطفى عبد الرازق والمفكّر شبلي شميل وأمير الشعراء أحمد شوقي وشاعر النيل حافظ إبراهيم وشاعر القطرين خليل مطران والشاعر الثائر ولي الدين يكن، والأديب مصطفى صادق الرافعي والكاتب انطوان الجميل والدكتور منصور فهمي وغيرهم من رجال الفكر والسياسة.
محمود عباس العقاد
في رسالة أرسلتها إلى العقاد من برلين في 30 أغسطس عام 1925، قالت فيها: "وحسبي أن أقول لك: إن ما تشعر به نحوي هو نفس ما شعرتُ به نحوك منذ أول رسالة كتبتها إليك وأنت في بلدتك التاريخية أسوان. بل إنني خشيتُ أن أفاتحك بشعوري نحوك منذ زمن بعيد، منذ أول مرة رأيتك فيها بدار جريدة المحروسة، إن الحياء منعني، وقد ظننتُ أن اختلاطي بالزملاء يثير حمية الغضب عندك. والآن عرفتُ شعورك، وعرفتُ لماذا لا تميل إلى جبران خليل جبران".
وتابعت: "لا تحسب أنني أتهمك بالغيرة من جبران، فإنه في نيويورك لم يرني، ولعله لن يراني، كما أني لم أره إلَّا في تلك الصور التي تنشرها الصحف. ولكن طبيعة الأنثى يلذ لها أن يتغاير فيها الرجال وتشعر بالازدهاء حين تراهم يتنافسون عليها! أليس كذلك؟! معذرة، فقد أردت أن أحتفي بهذه الغيرة، لا لأضايقك، ولكن لأزداد شعوراً بأن لي مكانة في نفسك، أهنئ بها نفسي، وأمتّع بها وجداني".
جبران خليل جبران
عاشقان لم يلتقيا البتة لأن جبران كان مقيما في أمريكا. وقد دعته مي للعودة إلى مصر قائلة: تعال يا جبران وزرنا في هذه المدينة، فلماذا لا تأتي وأنت فتى هذه البلاد التي تناديك. تعال يا صديقي، تعال فالحياة قصيرة وسهرة على النيل توازي عمراً حافلاً بالمجد والثروة والحب.
وفي كتاب "مي زيادة" لخالد غازي، أشار فيه إلى أن: "في أول رسالة كتبتها مي إلى جبران خليل جبران عام 1921، كتبت تقول: أمضي مي بالعربية، وهو اختصار اسمي، ويتكون من الحرفين الأول والأخير من اسمي الحقيقي الذي هو ماري، وأمضي إيزيس كوبيا بالفرنجية، غير أن هذا لا أسمي، ولا ذاك، إني وحيدة والدي، وإن تعددت ألقابي.
ورغم كثرة أسفار مي إلى ألمانيا وإيطاليا لكنها لم تذهب إلى نيويورك، بل تدعو جبران لزيارتها في أوروبا ولا يفعل هو، ورغم ذلك كتب جبران في إحدى خطباته: "الكلمة الحلوة التي جاءتني منك كانت أحب لديَّ وأثمن عندي من كل ما يستطيع الناس جميعهم أن يفعلوا أمامي، الله يعلم ذلك وقلبك يعلم".
مصطفى صادق الرافعي
كتب الرافعي في كتابه أورق الورد رسائلها ورسائله، أنه أهدها زجاجة من العطر الثمين وكتب معها: "يا زجاجة العطر اذهبي إليها.. وتعطري بمس يديها.. وكوني رسالة قلبي لديها.. وها أنذا انثر القبلات على جوانبكِ فمتى لمستكِ فضعي قبلتي على بنانها.. وألقيها خفية ظاهرة في مثل حنـّو نظرتها وحنانها.. وألمسـِـيها من تلك القبلات معاني أفراحها في قلبي ومعاني إشجانها .. وها أنذا أصافحكِ فمتى أخذتكِ في يدها فكوني لمسة الأشواق.. وها أنذا أضمكِ إلى قلبي فمتى فتحتكِ فانثري عليها معاني العطر لمساتِ العناق".
تعليقات الفيسبوك