سنوات عديدة قضتها سعاد عبدالحليم التي تبلغ من العمر 65 سنة، من محافظة الجيزة، وهي تتنقل من مكان لآخر سعيا للحصول على غرفة تعيش بها، فشلت تلك المحاولات ولم تتمكن من تحقيق حلم حياتها بامتلاك شقة أو غرفة واحدة، حتى تقدم بها العمر، وهنا بدأت تفكر في الموت، وتخشى أن يصبح مصيرها الحتمي مقابر الصدقة، لا تريد أن تصبح حمل ثقيل علي أحد بعد وفاتها، كما كانت طيلة حياتها، كل ما تحلم به مقبرة صغيرة مجهزة، وهنا ربما تصعد روحها للسماء بعد أن اطمأنت أن لها مستقر أخير سيوضع الجثمان به دون أن يعكر صفوه أحد: «مش عايزة لما أموت ميلقوش مكان لجثتي، نفسي اتستر».
معاناة عجوز تحلم بمدفن
منذ 40 عاما كانت «سعاد» تتمتع بصحتها، تزوجت من رجل من أبناء الصعيد، عاش معها وأنجب منها 5 أبناء، وكانت له زوجة أخرى هناك في قريته، توفي الرجل منذ ما يزيد عن 25 عاما، وهنا بدأت الأمور تتبدل والأحوال تنقلب، والحياة تضيق، 5 أبناء خرجت بهم تلك الأم المكلومة تسعى لتربيتهم، لم تجد لها مكان بعد انتهاء عقد الإيجار الموقع خلال حياة زوجها الراحل، لتجد نفسها دون سكن: «بنتي متجوزة، اخدتني عندها في أوضة، وقاعدة معاها دلوقتي، بس أنا مش مبسوطة بالوضع دة، وفي نفس الوقت مش عارفه أعمل إيه أو أتصرف إزاي، حاسة إني تقيلة عليها».
صعوبات عديدة واجهتها «سعاد» في حياتها جعلتها تبكي وهي تروي قصتها، تنقلت من مكان لمكان حتى استقرت في منطقة المنيب لدى ابنتها، خلال تلك السنوات كانت تعمل السيدة خادمة في المنازل دون أن تخبر أحد بطبيعة عملها: «كنت بنزل أمسح سلالم وبيوت ومبقولش لا، وكنت مخبية علشان عيالي، بس هما برضه ظروفهم صعبة، ومش هيقدروا يشيلوا همي وحملي، علشان كدة كنت بنزل أخدم في البيوت ومقولتش».
الآن وبعد أن وصلت السيدة لسن 65 عاما، بدأت تفكر في مصيرها بعد الموت، فهي لا تعرف لها مدفن، تريد فقط أن تضمن أن رفاتها ستظل باقية: «نفسي في حتة تربة أتلم فيها، أنا حاسة إن أجلي قرب وخايفة أموت وملقاش مكان اندفن فيه، وعندي تليف في الكبد ومبقتش أقدر أنزل اشتغل تاني، والظروف صعبة ومفيش معايا فلوس أشتري تربة».
تعليقات الفيسبوك