برأيى أن أربعة عوامل رئيسية تراكم بعضها فوق بعض هى التى حوَّلت (سيناء) إلى قنبلة موقوتة توشك على الانفجار فى وجه الوطن فى أى وقت.. أركانٌ أربعة هى القهر والإهمال والعنصرية والظلم، ساهمت فى خروج سيناء من الحسابات الوطنية بشكل عملى بعيداً عن شعارات أدمنها النظام السابق، ولم يكن لها من الواقع رصيد حقيقى.
أولها كان تعامل وزارة الداخلية مع مشاكل المخدرات وتهريب السلاح فى سيناء بصورةٍ قمعية تعمم العقاب على الصالح والطالح ولا تعرف عن معانى الإنسانية والرحمة حتى فى التعامل مع المجرم شيئاً؛ تكريساً لروح (إنا فوقهم قاهرون) بكل حذافيرها؛ فكانت الشبهة وحدها ذريعة كافيةً للتنكيل بأهل المتهم وذويه وقبيلته من النساء والرجال والأطفال، إشباعاً لروح السادية التى تحلى بها رجال (العادلى).. وقد كانت نار الثأر تتقد فى قلوب بدو سيناء مع كل مداهمة أمنية تنتهك فيها الأعراض؛ ويزيد الاتقاد عاماً بعد آخر.
والجهاز الإعلامى أخذ حظاً وافراً من عوامل الظلم والعنصرية؛ فتفَنن عبر عقود فى إنتاج أفلام ومسلسلات ترسخ فى عقول المصريين صورة ذهنية بالغة السوء عن أهل سيناء؛ حتى أصبح السيناوى فى نظر عموم المصريين أحد رجلين؛ إما خائن لوطنه بالعمالة لإسرائيل، أو بالاتجار فى المخدرات.. والنار ما زالت مشتعلة تحت الرماد.
ثم الإهمال بكل صوره؛ ومن أكثرها بشاعة تغييب المؤسسات الإسلامية وعلى رأسها الأزهر، وإقصاء التيارات الإسلامية التى تبنت النهج الإصلاحى عن التواصل مع أبناء سيناء بصورةٍ توضح حقيقة المنهج الإسلامى الفكرى البعيد تماماً عن اعتناق مذاهب تكفيرية شيطانية؛ والذى يعلمُ المسلم منذ نعومة أظافره أن كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه؛ وعلى أن غير المسلمين من شركاء الوطن دماؤهم وأموالهم وأعراضهم معصومة؛ فكان أن تغلغلت أفكارٌ شيطانية لا علاقة لها بالإسلام من قريبٍ أو بعيد بين قطاعٍ ليس بالقليل من أبناء سيناء لم يجدوا من يأخذ بيدهم أو يهديم سبيل الرشاد.. هذا بالإضافة إلى أوضاعٍ اقتصاديةٍ متدنية يعيشها أغلب أبناء سيناء فى الوقت الذى تبصر فيه عيونهم ملايين الدولارات تدخل جيوب حفنةٍ من رجال أعمال يسيطرون على منتجعات شرم الشيخ والغردقة؛ ولو فاض منهم شىء فإنما هو فتاتٌ يلقى لأيتام.. قد بلغ اتقاد النار فى القلوب ذروته إذن لكنه كمن تحت الرماد يعلن عن نفسه من وقتٍ لآخر. سنوات من الإهمال والعنصرية والظلم وضعت أهلنا السيناويين أمام خياراتٍ ثلاثة لا مناص عنها؛ إمَّا المخدرات زراعة وتجارة وتهريباً، أو العمالة لأعدى أعدائنا من باب النقمة على البلد التى ازدرته، أو تكفير لمن يرى فيهم صورة جلاد سامه سوء العذاب من قبل.. وتلك أدهى وأمر.