"الشاطر" وافق على صفقة للإفراج عن "مبارك" مقابل 10 مليارات دولار
تعد أبرز الوثائق التى تم تسريبها، تلك التى تتعلق بالشأن المصرى ورد فعل المملكة العربية السعودية على صعود الإخوان إلى الحكم بعد ثورة 25 يناير 2011، واقتراحات كيفية التعامل مع الجماعة. ومن بين أكثر الوثائق التى أثارت الجدل فور نشرها، تلك التى حملت خاتم «سرى للغاية وغير قابل للتداول»، والتى تضمنت لقاء مسئول مصرى لم يتم الكشف عن هويته، مع أحد أعضاء السفارة السعودية فى القاهرة ولم يذكر اسمه أيضاً. وبحسب الوثيقة، فإن المسئول المصرى أكد أن خيرت الشاطر، القيادى البارز فى جماعة الإخوان، وافق على صفقة كانت مقترحة للإفراج عن الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، فى مقابل تلقى مصر معونات خليجية، خلال فترة حكم المجلس العسكرى بعد ثورة 2011.
وجاء فى نص الوثيقة: «يرى المسئول المصرى أنه ليس هناك أى شك فى صدور حكم بسجن الرئيس الأسبق لفترة ستتراوح بين 5 إلى 10 سنوات، وبدون ذلك سيحدث ما لا يحمد عقباه فى مصر وكافة محافظاتها، وأوضح أنه متأكد من أن قادة دول الخليج العربية يتطلعون إلى تقديم فدية لإطلاق سراحه وسفره إلى خارج مصر وأن أكثر قادة دول المجلس حرصاً على ذلك هو خادم الحرمين الشريفين». وأضافت الوثيقة: «أكد المسئول المصرى أنه تحدث مع السيد خيرت الشاطر، من الإخوان والمرشح لنيل منصب رئيس الوزراء فى الفترة المقبلة، عن صفقة للإفراج عن الرئيس مبارك مقابل مبلغ تدفعه دول الخليج فى حدود 10 مليارات دولار، حيث إن الشعب المصرى لن يستفيد من سجنه وأن هذه الفكرة لاقت القبول لديه وأنها ستلقى القبول فى الشارع المصرى وأسر الشهداء ومصابى الثورة، خاصة إذا تم الإعلان عن تخصيص مبلغ مليار دولار من هذا المبلغ لهم، وإن تم هذا الأمر فسيتم تسويقه من الإخوان أنفسهم، حيث سيقنعون أهالى الشهداء والمصابين بقبول الدية، وستشمل الصفقة أيضاً سفر حرم الرئيس معه دون تدخل الحكومة المصرية».
ونقلت الوثيقة تأكيد «المسئول المصرى» أن «هناك أحكاماً مشددة بالسجن سوف تصدر ضد أبناء الرئيس مبارك، وأنه تم الاتفاق مع الإخوان على الإفراج عن أبناء الرئيس مقابل إعادة أموالهم المهربة». وعلى صفحات الوثيقة، كُتب بخط اليد: «ترفع مع التوجيه أن الفدية ليست فكرة طيبة، ولو دفعت الفدية لن يتمكن الإخوان المسلمين من عمل شىء للإفراج عن مبارك، ويبدو أنه ليس هناك خيار إلا أن يظل الرئيس فى السجن، وإذا قضى سنتين يمكن أن تتغير الظروف ويمكن إيجاد حل لهذا الموضوع، إذ إن رغبة الذين قاموا بالثورة تنص على ضرورة دخوله السجن، ولن يستطيع الإخوان تغيير هذا الأمر».
وفى وثيقة أخرى صادرة عن وزارة الخارجية السعودية، تم رفع اقتراح إلى العاهل السعودى الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بأن «تتم مفاتحة الإخوان من قبَل المملكة ودول الخليج العربى بأن تتحمل هذه الدول دفع الحقوق المالية التى يمكن أن يصدر بها حكم على الرئيس مبارك لصالح المدعين. وأيضاً أن تعرض إحدى دول الخليج انتقال الرئيس مبارك إليها واستضافته فيها مراعاة لظروفه الصحية». ولفتت الوثيقة الثانية إلى أن «مسئولاً مصرياً»، لم تسمه أيضاً، أكد «أهمية أن تقدم المبادرة من قبَل المملكة ودول الخليج لتجنيب المجلس العسكرى أى حرج أمام الرأى العام المصرى».
وتضمنت الوثيقة أيضاً مقترحاً وضعه كاتب البرقية نفسه، والذى لم تتضح هويته، على النحو التالى: «أبدى للنظر الكريم أننى أبلغته أننى سأرفع ذلك لمقامكم الكريم بهذه المعلومات، واستفسرت منه: هل يقبل الشعب والإخوان فكرة الفدية لإطلاق الرئيس مبارك وهم من أكثر المتحمسين لسجنه؟ فقال إنه فاتح الإخوان وقبلوا الفكرة، فأخبرته أننى لا أعلم إن كانت قيادة بلادى ستقبل بفكرة الفدية، ولكننى سأرفع ذلك لها». وجدد كاتب البرقية تأكيده بأن الفكرة لا تلقى قبولاً واستحساناً فى نظره، حيث إن رغبة الذين قاموا بالثورة هى ضرورة دخوله السجن ولن يستطيع الإخوان المسلمين تغييرها».
وأشارت وثيقة صادرة عن وزارة الخارجية السعودية، موجهة إلى خادم الحرمين الشريفين بتاريخ 2 يونيو 2012، إلى أن السفارة السعودية فى القاهرة أفادت بأن أغلب المصريين يحبسون أنفاسهم انتظاراً للنطق بالحكم على «مبارك» ونجليه وعدد من كبار معاونيه، وهى المحاكمة المعروفة بمحاكمة القرن، حيث إنه من المتوقع أن يكون لهذا الحكم ردود فعل واسعة بين المصريين على النحو التالى، أولاً: هناك توقعات بنزول توجهات سياسية وحزبية وائتلافات ثورية إلى الشارع حال صدور أحكام مخففة ضد «مبارك»، رغم أن القاضى أحمد رفعت، رئيس المحكمة، مشهور بالصرامة فى تطبيق القانون، وقد استمر فى نظر القضية مع هيئة المحكمة عشرة أشهر على مدى (٤٠) ألف ورقة تضم حيثياتها. ثانياً: إذا جاء حكم المحكمة ضد «مبارك» والآخرين مشدداً فسيكون التصويت فى الانتخابات الرئاسية محصوراً بين مرشح جماعة الإخوان ولصالح الفريق شفيق. ثالثاً: هناك ربط بين المجلس العسكرى من جهة وبين الأحكام التى ستصدر ضد الرئيس الأسبق من جهة أخرى، باعتبار أن ردود فعل الشارع المصرى سترتبط بهذه الأحكام، وبين ما يردده البعض من حماية المجلس العسكرى لقائده الأعلى السابق «مبارك»، ابتداء من شهادة المشير طنطاوى والفريق عنان فى هذه المحاكمة وصولاً إلى عدم تقديم أدلة كافية نتيجة حرق مقار لمؤسسات مهمة مثل مقر أمن الدولة ومجمع المحاكم ومقر الحزب.
وفى برقية أخرى، أشارت السفارة السعودية فى القاهرة إلى أن «الأمريكيين ساوموا مبارك على المشاركة فى حرب العراق كما حاولوا توريطه فى حرب أفغانستان؛ وهو ما رفضه، مقابل التوريث والتفاهم بشأن الديمقراطية وحقوق الإنسان والمجتمع المدنى فى مصر، وأن مصر رفضت رفضاً قاطعاً مقايضة أراضٍ إسرائيلية بأرض مصرية فى سيناء، كما رفض مبارك تولى مسئولية قطاع غزة باعتبار أن ذلك سيكون مدخلاً لقيام إسرائيل بنفض يدها من الفلسطينيين كافة». وبررت الوثيقة المسربة من السفارة السعودية غياب «مبارك» عن الساحة الإقليمية والدولية بأنه اعتمد على التحرك فى المحور المصرى الخليجى مع التركيز الشديد على السعودية كقوة رئيسية والاهتمام بالإمارات والكويت والبحرين، والتعامل بتشكك وحذر مع سوريا.