ضحايا الاحتجاز: اللى أوله «تقرير».. آخره «جثة»
ضحايا الاحتجاز: اللى أوله «تقرير».. آخره «جثة»
محمد عبدالنبى قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة
تختلف أسباب الاحتجاز، وتختلف الظروف المناخية والصحية المصاحبة له، ولكن يبقى المصير واحداً، معاناة تفضى فى أحوال كثيرة إلى الموت، ضحايا خلف جدران لا يملكون من مصيرهم شيئاً، بعضهم خلف جدران السجن أو حجز قسم الشرطة، والبعض الآخر داخل حجرات مستشفيات الأمراض النفسية، فيما يقبع عشرات الآلاف داخل دور الرعاية، منهم الأطفال والمعاقون والمسنون، تتفاقم أزماتهم من وقت لآخر مع حوادث فجة تستفز الرأى العام، ثم تعود لتخفت من جديد ليبقى الوضع على ما هو عليه، لا يغيره شىء حتى تلك التقارير التى تصدر بين حين وآخر لمنظمة حقوقية هنا أو مبادرة من هناك، أقصى ما تقدمه لهم مجرد «توصيات» تبقى قيد الأوراق.
قصص عديدة لمعاناة من لا يملكون من أمر أنفسهم شيئاً، يقعون تحت يد السلطة لأى سبب فتبدأ المأساة، داخل السجون حكايات بلا حصر، وداخل أروقة الدولة الأخرى سواء تلك التى تنتمى بصورة مباشرة للنظام الحكومى أو تلك التى تقع تحت إشرافه، الوضع واحد وليس للضحايا سوى التقارير فلا اللوائح والمبادئ تسرى ولا التقارير وتوصياتها تجد أى صدى.
يعرف نجيب جبرائيل، رئيس الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان، المحتجزين لدى أجهزة الدولة المختلفة بأنهم الأشخاص المقيدة حرياتهم، من ليس لهم قدرة على الخروج والذهاب إلى مكان آخر بخلاف الموجودين به، تقع مسئوليتهم على الدولة، ويتحمل مسئوليتهم -فى حال حدث لهم أى شىء- الوزير المختص: «يعنى مثلاً إذا توفى شخص فى مستشفى للأمراض النفسية أصبح المسئول هو وزير الصحة، وإذا توفى فى السجن أصبح وزير الداخلية هو المختص، وهكذا، هذه المسألة يسمونها فى القانون المسئولية التقصيرية، مسئولية عن الفعل والعلاقة السببية بين الضرر والمتسبب فى الضرر، هنا يستحق أهل الفقيد تعويضاً، ناهيك عن أن دستور 2014 يؤكد فى الباب الأول منه بالمادة الخامسة تلازم المسئولية مع السلطة، واحترام حقوق الإنسان وحرياته، وبالتالى تتحمل السلطة أى ضرر يقع على المواطن نتيجة تطبيق سلطاتها عليه».
«جبرائيل» يؤكد أن ما تقوله النصوص شىء وما يخبر به الواقع شىء آخر: «عندنا إهمال فى كل شىء، أقرب واقعة حضرتها بنفسى ما حدث مع توفيق عكاشة، حين تم إلقاء القبض عليه وهو رجل مريض، بصرف النظر عن جريمته، حينما يحتجز شخص لسبع ساعات دون أن يعلم أحد عنه شيئاً، وهو مريض بالسكر وضغط الدم، ولم يتم إدخال دواء له، الحديث هنا لا يكون عن الجريمة ولا عن فكرة القبض عليه، ولكن عن غياب أبسط حقوق الإنسان، الحق فى الدواء والحياة».
«الوطن» ترصد قصص ومعاناة مئات المواطنين تحت يد السلطة
المحامى الشهير أكد أن ما يحدث فى جميع جهات الدولة كوم وما تشهده وزارة الداخلية كوم آخر: «مشهورة بالقصور الشديد فيما يتعلق بأماكن الاحتجاز، والأقسام بالذات من الصعب جداً إدخال أى دواء أو طعام لمن لديهم حالات مرضية تلزمهم بنوعيات طعام معينة أو أدوية دورية لا يمكن الاستغناء عنها، ناهيك عن مستشفيات السجون ذات الإمكانات الضعيفة».
«فى سجن الاستئناف الناس كانت هتموت من الحر، مفيش مروحة، إصلاح السجون واجب وضرورة إنسانية، ياما طلعنا تقارير واتكلمنا، ما بيعملوش حاجة منها، الحل فى تعديل تشريعى بمنظومة لائحة السجون، وأن تكون ثقافة ضباط السجون أكثر مرونة وإنسانية، فالمسجون ليس جماداً، والدليل أن عمليات إنقاذ المساجين الذين يتعرضون لحالات صعبة لا يتم إلا بالتدخلات والمكالمات وتتناسب سرعة الإنقاذ مع شهرة الشخص، وقد رأينا بأعيننا جميعاً أسامة الشيخ الذى كاد يموت بسبب حالته الصحية وقلة الدواء، حتى مبارك حين أرادوا نقله إلى طره لم يجدوا مكاناً مؤهلاً طبياً بأبسط الأجهزة لاستقباله».
المسجونون ونزلاء دور رعاية الأيتام والمسنون والمرضى فى المستشفيات النفسية يبحثون عمن ينصفهم
تتوقف حياة أسرة الشاب الراحل «محمد عبدالنبى» على «تقرير» ينصف فقيدهم، سواء جاءهم من «الطب الشرعى» أو من «المنظمات الحقوقية» أياً كان اسمها، يصرون أن فقيدهم مات بفعل «التعذيب» بحجز «إمبابة» بداية الشهر الحالى، الشاب الذى كان فى طريقه من مدينة الشروق إلى بيته تم القبض عليه بأحد الأكمنة، حيث أكدوا له أنه مدان بقضية: «حولوه على قسم الوراق، وقالوا له القضية قديمة ومحتاجة إعادة إجراءات، وفعلاً تم عمل إعادة الإجراءات ودفع الكفالة لكن لم يتم الإفراج عنه، ما أخلوش سبيله وبعتوه على حجز إمبابة لأن قسم الوراق اتحرق أكتر من مرة ومعدش فيه حجز، وهناك الأوضاع كانت فعلاً بشعة» يتحدث خيرى الشويخ، ابن عم الفقيد والمحامى الذى يتابع وقائع الحادث: «حجز إمبابة بشع بما تحمله الكلمة من معنى، نسب تجمع كبيرة جداً، بيناموا واقفين عشان مفيش مكان، محدش يقدر يريح ودى حاجة مايحتملهاش بشر». العديد من القصص سمعها الرجل عن فقيد عائلته «عرفنا أن فى اتنين أمناء شرطة ضربوه لحد ما مات، والإصابات فى جسمه تشهد، جنب حاجبه اليمين وفى وشه وكتفه وضهره، وأشعة على الدماغ بتبين أن كان فى نزيف فى المخ بعد ما حصله إصابات وإغماء»، يتحدث المسئولون بالقسم عن أن محمد عبدالنبى الشهير بـ«بطاطس» كان مدمناً وأنه نتيجة لأعراض الانسحاب تعرض لوعكة صحية قضت على حياته، ويتحدث المحامى عن أن فقيدهم تم إعطاؤه «حبوب» من زملاء الزنزانة حين بدا أنه سيتعرض للضرب «كى لا يشعر بالألم».. فى النهاية مات «محمد» واتهمت أسرته القائمين على حجز إمبابة بقتله: «قدمنا بلاغ فى النيابة ومنتظرين تقرير الطب الشرعى عشان نرفع قضية وناخد حق محمد»، بعيداً عن كل التفاصيل الكبيرة والصغيرة يتمسك المحامى بنقطة واحدة واضحة له ولكل متابعى القضية: «اللى نعرفه إنه دخل القسم سليم وطلع منه ميت وهم المسئولين فى كل الأحوال، منتظرين تقرير مشرحة زينهم عشان ينصفنا».
لا يثقون فى الحكومة ولا تقارير الجهات الرقابية ويعيشون على أمل «نظرة من وسائل الإعلام»
تعذيب أو حر أو سوء تهوية أو حتى تأخر فى الرعاية الطبية، تختلف الأسباب، وتبقى النتيجة واحدة، مسجون فى عهدة جهاز كامل بحجم الداخلية، مات، الأرقام المعلنة حتى هذه اللحظة تشير إلى وفاة ثلاثة مساجين فى قسم أول شبرا الخيمة، وسجين فى جمصة، وأربعة بسجن الوادى الجديد جراء الموجة الحارة، التى جاءت لتكشف الكثير بشأن التجهيزات المزرية والأوضاع المأساوية لكافة المحتجزين.
محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائى، أكد بدوره عدم وجود فارق جوهرى بين المحتجزين لدى جهات الحكومة المختلفة: «كل واحد محتجز لدى مكان وإرادته غير مكتملة أو منعدمة، فالمسئولية كاملة تقع على عاتق السلطات، ولا يملك تجاهها المجتمع ومنظماته سوى إصدار التقارير التى تكشف حقيقة الأوضاع دون جدوى».
«تقارير حقوق الإنسان» هى المنفذ الوحيد للمحتجزين تثبت الحالة ولا تحمى من الموت
لم يقابل «زارع» حوادث موت المساجين والمرضى بهلع أو مفاجأة، هو يعلم جيداً حقيقة الأوضاع: «الأزمة قائمة طوال الوقت، لكن من وقت لآخر تقع مصيبة لافتة فتبدأ الأنظار تتوجه إليهم ويتصاعد الاهتمام الذى سرعان ما يخفت من جديد، مثل تلك المصائب اللامعة تمثل حلولاً مؤقتة لأصحاب الأزمات المزمنة ممن يقبعون تحت يد السلطات فى كل مكان، مستشفيات كانت أو سجوناً أو دور رعاية بأنواعها».
لا يتطرف «زارع» فى الاتهام والهجوم على أجهزة الدولة، ويمثل لها بوزارة الداخلية على سبيل المثال: «صحيح أن سجون مصر غير آدمية، تقتل المرضى لقلة التجهيزات، وتقتل الأصحاء من شدة الحر، والمسألة هنا ليست إهمالاً متواصلاً من الدولة التى أصبحت على البلاطة، لكن يتعلق الأمر بتاريخ طويل من عدم الاكتراث للإنسانية، فمثلاً طريقة بناء السجون فى مصر جعلت الزنازين عبارة عن أفران، خصوصاً تلك التى تم تأسيسها فى التسعينات من القرن الماضى، وقتها كان الإرهاب مزدهراً والمطلوب من السجن أن يكون موقعاً صعب الهروب منه، من هنا لم يفكر البناة والمخططون فى إنسانية المساجين ولا ظروفهم الصحية فى ظل تلك المبانى الخرسانية الملقاة فى صحراوات جرداء، وإنما فى التأمين، والنتيجة زنازين ضيقة ونوافذ صغيرة عالية، وأماكن قاحلة بلا مراوح أو تكييفات نتحدث هنا عن سجون كوادى النطرون وطره والوادى الجديد وأبوزعبل ودمنهور والفيوم، طغت بها المعايير الأمنية على حساب المعايير الإنسانية لذا تعد النجاة منها أمراً قدرياً».
تكشف التقارير الصادرة من جهات مختلفة حجم المأساة التى يعانيها المساجين، فبحسب التقرير السنوى للمجلس القومى لحقوق الإنسان، الصادر فى مايو الماضى، تتكشف نسب التكدس داخل أقسام الشرطة والتى تصل إلى ٤٠٠٪ وفى السجون إلى ١٦٠٪، أما التنسيقية المصرية للحقوق والحريات التى دشنتها مجموعة من المحامين والنشطاء مؤخراً، فقد رصدت فى تقرير لها حوادث موثقة لانقطاع الكهرباء عن المسجونين، وعدم وجود أى تهوية بالزنازين، فضلاً عن التكدس الشديد لهم، والذى سبق أن أثبته تقرير القومى لحقوق الإنسان، مشيرين إلى أن سجن العقرب يشهد عدداً من الحالات الصعبة كما هو الحال فى «عنبر 2» الذى به حوالى 120 سجيناً من الإسلاميين أغلبهم ممن تعدت أعمارهم الـ50 يعانون مشاكل صحية وتمنع عنهم الرعاية الصحية تماماً.
المساجين الأكثر حظاً فى التقارير والتوصيات ولا توجد أرقام عن بقية المحتجزين
تقارير بلا نهاية رسمية وغير رسمية، لكنها تبقى قيد أوراقها، فـ«الطريق مسدود» بحسب عنوان التقرير الصادر عن وحدة المساعدة القانونية لضحايا جرائم التعذيب واستعمال القسوة بالمجموعة المتحدة للمحاماة، والذى تم إعداده كحصيلة عامين فقط من المحاولات غير المجدية للوصول إلى العدالة من ضحايا تعرضت سلامتهم الجسدية والنفسية وكرامتهم الإنسانية إلى المساس 465 حالة تعذيب واستعمال قسوة وقتل خارج نطاق القانون حصرتها الوحدة، فى عدد مختلف من المحافظات، تم حفظ ثلث البلاغات، وبقى الثلثان قيد التحقيق، ويؤكد التقرير ضعف عدد الشكاوى التى أحيلت إلى المحاكمة أو التى فى طريقها إليها والتى لا تزيد نسبتها على 4% وهو رقم يغنى عن التعليق!
لدينا لجان مختلفة بالمجلس القومى لحقوق الإنسان، تتابع الانتهاكات وصدور التقارير والتوصيات، يتحدث جورج إسحاق، مقرر لجنة الحقوق السياسية والمدنية بالمجلس قائلاً: «أن يموت الشخص فى المستشفى خير له أن يموت بالسجن، هذا ما نحاول عمله حين نرى حالات لمساجين مرضى يحاولون الحصول على علاجهم، فعلى سبيل المثال كان أحد السياسيين يعانى داخل سجن العقرب وتم نقله إلى طرة وهو التصرف الذى نرجو تعميمه على كل الحالات وليس السياسيين فقط، لأنه بموجب قانون السجون الجديد إذا كانت الحالة خطيرة أو الوضع صعباً، فمن حق السجين الانتقال سواء إلى المستشفى أو إلى مكان به رعاية أكثر». «إسحاق» أكد أن دور المجلس يقف عند حدود الرقابة وطرح المقترحات والتوصيات، لكن يبدو أن هناك حلاً آخر فى يد أهل المتضررين: «من حق أهالى المتضررين أن يلجأوا للقضاء، فإذا كان الإهمال متعمداً من جانب الجهة المسئولة عن المتوفى تصبح قضية قتل عمد ويحاكم المسئولون جنائياً، ولكن إذا كان ضمن نطاق الرعونة والتقصير تتحول إلى دعوى مدنية يطالب أصحابها بتعويض عن الضرر النفسى والمادى الذى وقع عليهم، خاصة لو كان الراحل يعولهم» يتحدث الدكتور عثمان عبدالقادر، أستاذ القانون بجامعة أسيوط، مشيراً إلى أن الاختلاف بين حالة المتوفين من البشر والحيوانات أن الأخيرين لن يطالب عنهم أحد بتعويض نتيجة ضرر.
لم يكشف حال محتجزى مستشفيات الصحة النفسية سوى الوفاة الجماعية التى وقعت بمستشفى الخانكة، لتبدأ الأنظار فى الاتجاه إلى هناك حيث يقبع مرضى لا حول لهم ولا قوة، عاجزين عن الخروج من غرفهم أو الاستغاثة فهم من ناحية «فاقدو الأهلية» ليس لأصواتهم معنى، ومن ناحية أخرى مرضى يتناولون أدويتهم التى تتحكم فى كل شىء حتى درجات حرارتهم التى صادف ارتفاعها مع ارتفاع درجات حرارة البلاد.
الدكتور محمد المهدى، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، أكد أن ظروف المرضى النفسيين داخل المستشفيات واحدة طوال الوقت، لكن المصائب تقع من وقت لآخر لظروف خارجة عن إرادة المسئولين كموجة الحر الأخيرة: «صدر قانون رعاية المريض النفسى عام 2009، وهو من القوانين الجيدة على مستوى الوطن العربى وبدأ تطبيقه فعلاً فى كل المراكز النفسية ودور النقاهة وأى مكان يحتجز فيه مريض نفسى، ووضعت شروط كثيرة لاحتجاز المريض النفسى بالذات، فمثلاً هناك درجتان من الاحتجاز، درجة الدخول الإرادى، وهذه مادة معينة فى القانون تتيح للمريض النفسى الداخل إرادياً للعلاج حق الحركة داخل المؤسسة الطبية النفسية والاتصالات والزيارات والخروج فى أى وقت، ودرجة الدخول الإلزامى وتلك أيضاً فصلها القانون بتفاصيل عديدة حتى لا يتم احتجاز مريض وهو لا يستحق الاحتجاز، ويشترط فى هذه الحالات أن يكون هناك ضرر على المريض أو المحيطين به نتيجة الاضطرابات النفسية الشديدة التى يفقد فيها المريض الاستبصار بالمرض، ويفقد القدرة على التعاون لأخذ العلاج، وتتدهور حالته بشكل شديد، لو ترك خارج المستشفى أو أن تكون هناك احتمالات لإيذاء غيره بسبب أفكاره المرضية أو سلوكياته المضطربة وهنا لم يترك الأمر للمستشفى الحكومى أو الخاص أن يحتجز مريض بناء على قرار خاص من إدارة المستشفى وإنما اشترط فى القانون أنه فى خلال 48 ساعة يتم عمل تقييم مستقل بواسطة إخصائى منتدب من المجلس القومى للصحة النفسية يزور المريض بشكل مستقل فى المستشفى ليقرر ما إذا كان احتجازه قانونياً وله داعى له أم لا».
يؤكد «المهدى» أن الحالات التى يتم حجزها بشكل إلزامى تكون حرية الحركة لها مقيدة بقدر ما تستدعى الحالة، أما المشكلة التى برزت مؤخراً فى صورة عدد وفيات كبيرة، فقد أرجعه إلى «التقارير»: «لما المفتشين بيزوروا المستشفيات الحكومية ويجدوا بعض الأشياء الناقصة كالمراوح والتكييفات التى تستدعيها سلامة المريض يتم كتابة تقارير بها وملاحظات لاستكمالها، لكن للأسف الشديد أحياناً الميزانيات تكون غير كافية لاستكمال المتطلبات، ويقع متخذ القرار بين نارين إما إغلاق مكان كبير كمستشفى الخانكة أو العباسية أو الإبقاء على وضعها مع رفع الملاحظات والتقارير للوزارة لتأخذ دورتها، هنا تقع المصائب مع وجود ظروف استثنئاية كالموجة الحارة، لأنها تكشف ببساطة النواقص التى لم تستكمل، فى النهاية يبقى الأمر قيد تقرير يصدر وميزانية لا تسمح».
«زارع»: طريقة بناء السجون تزيد المأساة.. و«هلال»: لا توجد بيانات عن ضحايا دور الأيتام والمسنين المجموعة المتحدة: 4% فقط من قضايا التعذيب وصلت إلى ساحات القضاء
«لا توجد أرقام بشأن الضحايا فى دور المسنين أو دور الأيتام ولم تقم وزارة الصحة خلال الموجة الأخيرة بتصنيف الضحايا حسب أماكن وجودهم أو فئاتهم» يتحدث هانى هلال، أمين عام الائتلاف المصرى لحقوق الطفل، مشيراً إلى أنه من الصعب جداً الحديث عن أوضاع الفئات الخاضعة لدور الرعاية، فى ظل غياب إحصاءات أو أرقام واضحة، لكن الأكيد أن هناك نسب تكدس، ومعاناة، حتى إن غياب الإحصاءات يعد انتهاكاً فى حد ذاته، فمشاكل دور الرعاية وخصوصا الأيتام منها كبيرة للغاية وتحتاج إلى عمل كبير.
«نفسنا حد ييجى يدرس حالتنا بجد ويكتب تقرير لصالحنا لعل وعسى الأمور تنصلح» يتحدث أشرف مجدى، أحد نزلاء دار «أحباب الله» فى مدينة 15 مايو، الشاب الذى أصبح مع الوقت أحد مشرفى الدار يؤكد تفاقم الأمراض بالدار نتيجة الحرارة الشديدة: «الأمراض الجلدية شديدة، معندناش إمكانات إننا نجيب حتى مراوح، الدنيا صعبة ومدينتنا صحراوية والدنيا والعة، طلبنا من المتبرعين كتير لكن بدون فايدة، مخزن الأكل الخاص بالدار تحت الأرض فى البدروم، من شدة الحرارة الأكل بيبوظ، معندناش حتى شفاطات، النزلاء تعبوا من الإعياء والتعب».
اتهامات للدار التى كانت تديرها شقيقة الفنان وجدى العربى أنها إخوانية قطعت التبرعات ودفعت وزارة التضامن الاجتماعى إلى التنصل منهم: «الست اللى قالوا إنها إخوانية مشيت، وبقينا تحت إشراف الشئون الاجتماعية، بنخاطبهم يساعدونا لكن بيقولولنا إنتم جمعية خاصة مش هندعمكم، ولما بنصر على موقفنا يقولوا مفيش دعم تاهدوه، مفيش فلوس» 40 طفلاً فى انتظار تقرير يشرح حالهم أو تحسن جوى يخفف معاناتهم».