مثقفون: فيلم «محمد» فرصة لتصحيح صورة الإسلام ولا سلطة للأزهر فى منعه
مثقفون: فرصة لتصحيح صورة الإسلام.. ولا سلطة لـ«الأزهر» فى منعه
جابر عصفور
أشعل عرض فيلم «محمد رسول الله»، أمس فى دور العرض السينمائى بإيران، معركة جواز تجسيد الأنبياء والرسل فى الأعمال الفنية، بين الأزهر من جهة والمثقفين الذين يرون فى تدخله نوعاً من الهيمنة والرجعية، وإهدار فرصة ذهبية لتصحيح صورة الإسلام المغلوطة فى الخارج، واصفين موقفه بـ«المتعنت».
«عصفور»: موقف الأزهر رجعى وجامد.. و«الشناوى»: نوع من التعنت
من جانبه، انتقد الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة السابق، موقف الأزهر الرافض لعرض الفيلم، والذى وصفه بـ«الرجعى والمتشدد»، مطالباً إياه بالتراجع عن موقفه، خاصة أنه لا يُحرم فقط ظهور الأنبياء بل الصحابة أيضاً، وأن يصبح أكثر مرونة، وأن يُصبح تفكيره منفتحاً على التغيير الذى أتاح طرح ومشاهدة كل ما يُصوَّر عبر السماوات المفتوحة والإنترنت، والذى أتاح لنا جميعاً مشاهدة أفلام جسدت الأنبياء «عيسى ونوح وموسى ويوسف».
وأكد «عصفور» أن الأزهر لا يملك سلطة منع فيلم تم تصويره وعرضه فى إيران، وذلك على الرغم من إعلان المخرج عدم ظهور وجه «الرسول الكريم»، مشيراً إلى أن رفض الأزهر له ومطالبته بمنع عرضه موقف فى غاية التعسف والجمود ويناقض ما قمنا به فى مصر منذ أكثر من 60 عاماً فى رائعة طه حسين «الوعد الحق».
من جانبه، وصف الناقد الفنى طارق الشناوى موقف الأزهر من عرض الفيلم بـ«المتعنت»، خاصة أنه لا يمنع فقط تجسيد الرسول لكن أيضاً يحظر تجسيد الأنبياء والصحابة، بل وصل تشدد البعض إلى تحريم مشاهدتها، مؤكداً أننا فى أمس الحاجة فى الوقت الحالى إلى هذا الفيلم تحديداً، وعرضه أمس فى مهرجان «مونتريال» فرصة ذهبية لتصحيح صورة الإسلام فى الخارج، التى شُوهت كثيراً مؤخراً جراء أفعال «داعش»، ومن على شاكلتهم الذين يختمون مقاطعهم المصورة لقطع الرؤوس والمذابح الجماعية باسم الله والرسول.
وقال «الشناوى» إنه من الغريب رفض رجال الأزهر للفيلم حتى من قبل أن يشاهدوه، وهو نوع من التعنت، خاصة أنه لم يظهر وجه الرسول، مشيراً إلى أنه على الرغم من ذلك فإنه وفى ظل قوانين الأزهر تم عرض فيلم «آلام المسيح»، فى 2004 برؤية تخالف ما ورد فى القرآن، وبالرغم من ذلك كان أغلب حضور الفيلم من المحجبات، وقد تأثرن بمقتل المسيح، إلا أن ذلك لم يحولهن عن الإسلام أو يغير قناعاتهن، وتعاملن معه برؤية فنية. وطالب الناقد الفنى رجال الأزهر بالتحرر من تلك القوالب الجامدة، وعدم الركون إلى ما سبق بالتمسك بقانون وضعه شخص عام 1926، قبل إنتاج أول فيلم مصرى، وأنه ما دام لم ينزل نص صريح يحرم التجسيد فنحن لا نحطم قاعدة دينية، وكل شىء قابل للنقاش.
وقال الأديب محفوظ عبدالرحمن، إنه يجب مناقشة فكرة تجسيد الأنبياء فى الأفلام، لأن ذلك يكون فى صالح الدين والمجتمع والفن، موضحاً أن التجربة التى يقاس عليها ذلك هى التجربة المسيحية فى أوروبا وأمريكا فى الستينات، حيث كان هناك موجة من الأفلام الدينية، وفى هذه الفترة أنتج عدد من الأفلام الكبيرة المهمة، وأعتقد أنها ساعدت فى قوة الإيمان عند الشباب الذين كانوا فقدوا الإحساس بالدين والفكر عقب الحرب العالمية الثانية.
وأكد «عبدالرحمن» أنه لا بد من وضع قواعد لهذه الأفلام من حيث الحفاظ على عنصر التدقيق التاريخى، ومن خلال أدوات تصل بنا إلى عمل كبير وعظيم، مشيراً إلى أن الأفلام الدينية كانت ساحرة للمسيحيين وغيرهم، والتجربة مفيدة ولن نخسر شيئاً، خاصة أنه منذ بدء السنيما المصرية تم تجسيد شخصيات مثل خالد بن الوليد وياسر بن عمار، لقيت نجاحاً كبيراً، متسائلاً: «كيف يتم تحريم ظهور الصحابة؟ هل كل من كان فى عهد الرسول مقدس؟ ويجب منع تجسيده».