«فكيهة» حكاية «سيدة» أصبحت نموذجاً لـ«نساء بلا عائل»
عزبة فكيهة
كأنها جزيرة عشش فيها وباء، لا يقترب منها النسوة دون أن تصيبهن لعنته، أو يتخذن بإرادتهن القرار بالاقتراب منه، الفقر والجهل مضاف إليهما الحياة الاجتماعية غير المستقرة، أسباب جعلت من عزبة «فكيهة» حديث القاصى والدانى، وأوقات عديدة محل الشبهات بوصفها موطئ أقدام السيدات اللائى هجرهن أزواجهن والعائل الوحيد ولم يعد، فاضطررن إلى حياة لا تأخذ بهن أى رحمة أو شفقة، من عمل شاق متواصل لتوفير لقمة العيش للأسرة ونظرة مجتمع لا ترحمهن وأحوال متدنية، هنا العزبة التى جمعت المتشابهات من النساء، ليكن خليفات سيدة مرت بذات الظروف عاشتها بحذافيرها، هجرها الزوج أيضاً فى سن صغيرة دون أى مبرر، فحملت عتادها مهاجرة إلى حيث لا تعلم، لتستقر بها الحال هنا، فى أفقر أحياء الجيزة، حيث «ترسا المنيب»، لتضحى السيدة، حسب روايات السكان الجدد، ركيزة للمكان الذى حمل اسمها من جانب «عزبة فكيهة»، وأسطورتها التى صبغت كل وافد إليها بمعاناتها من جانب آخر.
فى بيوت متواضعة متراصة إلى جوار بعضها، لا تملك إحداهن حرية الإفصاح، مغلقة على ما بداخلها بحكم أن البيوت أسرار، يختلقن عللاً متباينة لأسباب غياب الزوج، مسافر، هاجر، مريض، توفى، وأسباب أخرى، ورغم أن «الحال من بعضه» فإن الخوف من «المعايرة» الاجتماعية يجعلهن يتكتمن على الأمر فى منطقة شعبية لا ترحم الزوجة باعتبارها وتد المنزل، خاصة فى «ترسا المنيب» التى يرجع أصول ساكنيها إلى الصعيد، حيث الخوف من اللوم والعادات والتقاليد، وبين مغبة القلق والحزن والوحشة التى لا تفارقهن ليل نهار، شىء وحيد يؤنسهن، مثل شعبى يتذكرنه كوسيلة للعلاج الذاتى من أمراض نفسية سكنتهن قبل زمن بسبب غياب العائل، كل منهن تحدث حالها «اللى يشوف بلوة غيره.. تهون عليه بلوته» البلاوى والمآسى فى عزبة فكيهة تتباين بين كل سيدة والأخرى، كل منهن جاءت من موطنها بتركة من الهموم والذكريات المؤلمة، عل الزمن يمحو آثارها أو تمحو هى تلك الآثار من الوجود حتى تتخلص من وصمة عار خلفها زوج خرج ولم يعد، وصفة سيدة معلقة فلا هى نالت لقب متزوجة، ولم تحصل على إثبات انفصالها، وبرفقتها أبناء يلومونها على جُرم لم تقترفه يداها.
«الوطن» فى العزبة التى حملت اللعنة وعاشت بمنطق «لا ضل راجل ولا ضل حيطة»
لا تخلد إلى نومها دون أن يراودها شبح ذلك اليوم الذى غاب فيه الرجل وغاب معه «ضل الحيطة» أيضاً، تشعر أنها عارية وسط صحراء، لا يؤويها منزلها البسيط ولا يحميها أى عائل، مهما حاولت أن تنسى تفاصيل يوم الرحيل يلاحقها أينما ذهبت، نظرات من حولها، سؤال بناتها الثلاث «بابا راح فين؟!»، لا تملك إلا الإجابة بغمضة عين تدارى فيها نظرات الانكسار والخوف أن تلمح إحداهن شيئاً حرصت أن تواريه، ليس لعلة فيها، لكن لأنها لا تعرف حقيقته، «هدى صديق عبدالطاهر منصور» التى شارفت على إتمام عقدها الخمسين، عاشت مع زوجها 27 عاماً لم تذق فيها طعم الراحة من أجل فتيات كل جريرتهن أنهن أبناء لهذا الرجل «بناتى أكبرهم 25 سنة، التانية 20 والصغيرة 18 سنة».
نساء يعشن دون أزواج بعد الهجر ويرفضن الطلاق لأنه «عيب وفضيحة»
أعمار متقاربة، جميعهن شابات استيقظن على صراخ الأم «أبوكم مش لاقياه وفات لى جواب.. ماشى ومش راجع تانى»، هكذا ودعها الزوج ظنت أنه يختبر رد فعلها لكن قلبها يحدثها أنها النهاية، ظلت تهاتفه على تليفونه، لم يرد بعدها انقطعت أخباره وأغلق هاتفه منذ عامين لا تعرف أراضيه ولم يترك لها سوى تلك القصاصة الورقية اللعينة، وذكريات مؤلمة، وفتيات يلقين عليها نظرات اللوم ليل نهار «عمرى ما شفت يوم حلو معاه، كنت مستحملة علشان بناتى يتستروا فى بيوتهم، كانت خناقاتنا على المصاريف، مع أنه سواق تاكسى مكسبه حلو لكنه بخيل، مش عايزنى أشتغل، ومش عايز يديلنا أى فلوس».
«إيمان»: «هجرنى بعد 8 شهور زواج.. ورفض الاعتراف بطفلنا»
طيلة السنوات الماضية و«هدى» لا يهدأ بالها من الحديث مع أقاربه إلى أصدقائه ثم زملائه، إذا ما لمحوه مصادفة أو سمعوا عن أخباره «حررت محضر فى القسم وعملت ورقة بصورته إنه متغيب، يا ريت يرحمونى لو مات أو أصيب فى حادثة، يعرفونى بس لو اتجوز عليَّا أو مش عايزنى أعرف مكانه المهم يرتاح بالى واطمن وطمن عياله»، عامان والسيدة الخمسينية ترفض نصيحة البعض لها بطلب الطلاق «طب وبناته والفضيحة؟! رفضت الطلاق فى وجوده هاطلب الطلاق فى غيابه!»، لتعزى حالها بقرار «نار الهجر ولا جنة الطلاق».
«هدى»: «فات لى جواب مكتوب فيه ماشى ومش راجع تانى»
لا تنسى «هدى» أن معظم خلافاتهما على إنجاب الولد الذى يحمل اسم الأب «كان بيعايرنى إن إخواته مخلفين صبيان لكن هو لأ، لكن أنا إيه ذنبى، دى حكمة ربنا؟!»، هجرة الزوج المفاجئة جعلتها تفكر فى عمل الابنة الكبرى، علها تستطيع سد الفجوة المالية التى خلفها العائل بغيابه، «شغلتها فى مصنع ملابس، قلت يمكن كمان تقابل ابن الحلال اللى يسترها»، أيام قليلة وصارت الفتاة مطمع البعض، مضايقات من هنا وهناك بعد أن تسرب لأهالى العزبة بعض الشائعات عن غياب الأب، انتهزوها فرصة، وبنتى جميلة وصغيرة، فقلت لها اقعدى فى البيت وأنا هنزل أشتغل وأصرف عليكم»، مصير إخوتها لم يختلف كثيراً «قعدتهم فى البيت بدل من المدرسة علشان الحمل زاد عليَّا قوى».
«زينب»: «أخدنى لحم ورمانى عضم وسابنى أعيش فى مسجد»
بمرور الوقت بدأت «هدى» تستأنس فكرة أن تكون هى العائل، لم يكن أمامها أى خيار سوى أن تفكر فى عمل بسيط يسد احتياجات أسرتها، ورغم أنها لم تحصل على أى شهادة تعليمية سوى الابتدائية القديمة، بحسب وصفها، ولم تواجه المجتمع من قبل فكرت فى الاعتماد على جاراتها فى توفير مهنة بسيطة «الجيران لبعضها، بغسل بطاطين وسجاجيد للى عايز من أهل العزبة واللى بيعطف علىَّ ويساعدنى علشان بيعرفوا ظروفى».
بهجرة الزوج هجرتها راحة البال، حيث والداه متوفيان وبعض أشقاء الزوج يحملونها مسألة غياب شقيقهم ولا يساعدونها بأى مبلغ مالى، أغلقت هدى عليها بابها، حتى حدث ما خافت وقوعه، العريس طرق الباب طالباً خطبة الابنة الكبرى ومقابلة الأب، فما كان من الزوجة إلا أخباره أن والدها توفى، «مكنتش عارفة أقوله إيه؟ سابنا وطفش؟ فقلت له مات وخايفة يعرف فيسيب بنتى»، لا تنسى الابنة هذه الكذبة لأمها «طب أعمل إيه العريس ممكن يطفش لو عرف إن أبوها هجرنا من سنتين ولا حس ولا خبر، وخايفة البنات تبور وتقعد جنبى، ولو عشت النهارده مش هعيش لهم بكرة».
«كريمة»: «خلعت زوجى غيابياً بعد 5 سنوات من الهروب»
«هدى» التى كانت تباهى نساء عزبتها بعزوة الزوج وصلاح أحوال البنات، بات حالها من حال معظمهن، لكنها تردد دوماً «حتى لو عايش هو فى نظرى متوفى، ضل حيطة أحسن من ضل الراجل» كلما اختلت بحالها تذكرت أنها ما زالت فى أوفر صحتها لكنها ترفض فكرة الانفصال الغيابى، فتقول «حكم واتحكم علىَّ، خلينى عايشة على أمل كداب إنه يرجع لبناته، لكنه كزوج أمره انتهى بالنسبة لى».
8 أشهر فقط هى عمر الفرحة التى عاشتها «إيمان سلامة»، الفتاة التى لم تتم الـ20 عاماً، تغيب عنها الزوج بعد أشهر قليلة من زفاف أثمر ابناً صار عمره الآن عامين ونصف لم ير والده ولا لمرة واحدة «كنا بنحب بعض اتجوزنا بعد 3 سنين انتظار»، لا تدرى الفتاة الصغيرة التى ابتليت بإرث من الهموم ما أصابها على حين غرة، «فى يوم لقيته طفش، ولم هدومه، وقطّع قسيمة الزواج بعد ما باع عفش البيت»، إيمان تعلم أن زوجها الذى يكبرها بعام واحد لا يتحمل مسئولية لكن خوف والدتها على ابنتها الصغيرة أن تكون لقمة سائغة فى فم الجميع، لا سيما بعد وفاة الأب وطمع أبناء العم فى الإرث، جعلها ترحل من محافظة الفيوم إلى المنيب، ليستقروا فى عزبة فكيهة، وينتهى بها الحال بعد أن اشتد عود الفتاة إلى الرضا بالزواج من شاب كان صديقاً لشقيقها، عرف أنه ميسور الحال بالنسبة للمحيطين به فطمعت الفتاة فى عيشة هنيئة مصحوبة بحب واقتناع، «كان متقدم لى كتير من الفيوم ولاد عمى بس كانوا طمعانين فى الـ7 قراريط اللى حيلتى، قلت آخد اللى بيحبنى، ونعيش مستورين».
أشهر الزواج القليلة بدايتها عسل ونهايتها مُر، 8 أشهر انتهت بخلافات واعتداءات باليد وإصابات ومحاضر وبلاغات بسبب استيلائه على مشغولاتها الذهبية من الشبكة وبيع أثاث البيت من أجل تناول المخدرات «أمى قالت لى استحملى وارضى بالمكتوب»، ارتضت «إيمان» عواقب اختيارها، لم ينبس لسانها بكلمة حتى فوجئت ببيع البيت الخالى من الأثاث أيضاً «ساعتها قلت له أروح فين قال لى اقعدى مع أمك أو أجرى شقة بفلوس ورثك»، ثمار الزيجة بدأت تتحرك فى أحشائها، أخبرت الزوج الذى لم يحرك ساكناً ولم يغير من أفعاله بل على العكس أمعن فى خطاياه، حتى لجأت إلى حماتها علها تنجدها «عشت مع حماتى، سقتنى الويل، ضربتنى وبيعتنى الأثاث المتبقى من جهازى، وطردتنى من البيت»، وسط كل هذه الظروف لم يكن أمامها سوى العودة إلى عزبة فكيهة دون أى جديد سوى طفل ضحية زواج لم يدم طويلاً «رجع جوزى يعيش معايا فى بيت أمى وأخويا بعد ما خلصت فلوسه، علشان طمعان فى معاش أبويا 250 جنيه شهرياً من معاش السادات، واستمرت معاملته السيئة واستيلاؤه على فلوسى، وفى كل مرة عائلتى تحملنى نتيجة اختيارى، لحد ما خلص على الفلوس وقرر يسيب البيت معرفتش طريقه وغيّر تليفونه».
أصعب الأيام فى حياة «إيمان»، هو أسعد أيام لدى أى شابة سواها، أصبحت أماً لطفل بدون أب، رفض والده الاعتراف به حتى إنها لجأت لعائلته لتسجيل ابنها بشهادة ميلاد تحمل اسمه، وعقد زواج شرعى، وبعد شهرين من ولادته استطاعت تسجيله باسم شقيقها وكأنها حملت فيه سفاحاً وليس نتاج زواج رسمى، «عارفة إنه حرام، لكن ابنى لازم يتسجل ووسطّت كل عيلتى تتحايل على أسرته للضغط عليه لتسجيل ابنه إلا أنهم أخبرونى أنهم لا يعرفون طريقه وأنه ابن عاق»، إيمان تدرك أن ردود فعل زوجها نتاج حياة قاسية عاشها هو الآخر، «اتربى فى بيت جده وجدته لأن أمه وأبوه منفصلين من زمان، وتركوه وهو فى عمر ابنه الآن، علشان كده هو يكرر التجربة دون أن يدرى»، وسط كل هذه العواصف اضطرت «إيمان» إلى الخدمة فى المنازل حتى تستطيع سد احتياجات ابنها الذى بدأ يكبر «معرفتش أرجع أشتغل فى المصنع اللى كنت شغالة فيه لأنه مصنع سجاد ممكن يصيب ابنى بحساسية، فاشتغلت فى البيوت لحين ميسرة»، إيمان ما زالت تبحث عن حقها فى الطلاق «خلانى أمضى على ورق بعدم المطالبة بحقى فى الانفصال حتى لا أشكوه بعد غيابه أو أقاضيه وأظل معلقة دون أى حقوق أو زواج من رجل بعده».
5 سنوات تنتقل السيدة الخمسينية بين مشرحة زينهم ومديرية أمن الجيزة وقسم الهرم، انقطعت أخبار الزوج ورب الأسرة من فجر ذلك اليوم الذى ودعها فيه وابتسامة مبهمة لا تفارق ثغره، تاركاً لها شاباً وحيداً تعدى العشرين و3 فتيات فى أعمار متفاوتة، ورغم الخلافات ومرات الانفصال فإن «كريمة راجح عبدالحى» لا تستغنى عنه أبداً، كانت تستشير زوجها فى كل صغيرة وكبيرة حتى بعد اكتشافها غياب قواه العقلية، لدرجة أنهم كانوا فى عزبة فكيهة يلقبونه بـ«سامح المجنون»: «كان حامينا من الناس، ابنه الكبير بعد ما طفش وسابنا بيضربنا وبيشرب مخدرات، وجوزت بنتين فى غيابه من خلال مساعدات الجوامع، وباقى بنت 14 سنة قعدتها من المدرسة».
غياب الرجل بعد مرتين انفصال جعلها تفكر فى الانفصال الثالث والأخير «بعد ما يئست من رجوعه، اضطريت أخلعه فى المحكمة، بناء على محضر هجر، وورق يثبت إنه مختل عقلياً، بعد ما بعت كل اللى حيلتى علشان أرتاح من الهم ده واعرف أجوز البنات»، لم تتغير نظرة المجتمع للسيدة التى لا تزال تحظى بإعجاب من حولها لجمالها ورجاحة عقلها، «الناس شايفانى غلط وأولادى مش سايبينى فى حالى، وطبعاً اتطلقت منه غيابى مش عشان أتجوز لا سمح الله، لكن عشان أحدد موقفى وأحسم المسألة لأنى لا أقبل أن أكون معلقة»، سنوات الغياب ومماطلة الابن الأكبر الذى يعمل نباشاً فى هيئة التجميل والنظافة فى مساعدتها مالياً أخرجت «كريمة» للعمل فى بيع المناديل الورقية، لتواجه مصيراً أشد ضراوة من سابقه «كل يوم يتعمل ضدى محضر تسول فى الإشارات ومترو الأنفاق بس هعمل إيه؟! ده أنا كمان اتسجنت كتير وعلىَّ ديون مش عارفة أسددها من وقت ما غاب».
«كريمة» رضخت لنصيبها، فسنوات عمرها لم تخل بأية حال من الشقاء «زمان قبل الزواج كنت بشتغل مع أمى حارسة العقار بعمارات فى عابدين، كان هو نقاش عجبته اتجوزنا، عشنا كويس كان دخله مكفينا، بعدها اكتشفت إنه مختل عقلياً ويتصرف تصرفات غير متزنة، وكان يعرضنا وبناتى للأذى من أصدقائه ومضايقات من حوله»، عاشت «كريمة» لفترة طويلة تنفق على الأسرة وهو رافض للعمل نهائياً، «كان بيضربنى أنا وأمى ونخاف على نفسنا ممكن يقتلنا، ولأنه مختل عقلياً ولا يحاسب على أفعاله»، ظلت «كريمة» تنتقل من منزل إلى آخر فى عزبة «فكيهة» بسبب الإيجار الباهظ، «سابنى فى بيت إيجاره 300 جنيه ومتأخرات فى فواتير مياه وكهرباء، مش عارفة أجيبهم منين، لغاية ما ولاد الحلال دلونى على بيت من الخشب وسقفه تعريشة بوص، عايشة فيه أنا وبنتى، المطرة لما بتمطر علينا بنموت من البرد».
لم يشفع لها كبر سنها أو عشرة العمر التى تخطت الـ50 عاماً أن تواجه مصيراً مغايراً عن شابات ونساء عزبة فكيهة، «زينب هاشم» التى بلغت من العمر عتياً تركها زوجها الذى تخطى الـ90 عاماً ويعانى من العمى، خرج ولم يعد قبل 15 عاماً، دون أن يمنحها نهاية كريمة مثل الطلاق من أجل الزواج بأخرى تصغره بـ40 عاماً لتقوم بخدمته ورعايته فى كبره، تفاصيل فوجئت بها السيدة من بعض المقربين منه، «هانت عليه العشرة وفاتنى فى الشارع وطردنى من بيته، رحت عشت فى مسجد آهو بيت من بيوت ربنا محدش هيطردنى منه».
كما هجرها الزوج ولم تعرف طريقه ورفض طلاقها حتى لا تطالبه بالنفقة من معاشه الشهرى الذى يحصل عليه من جامعة القاهرة بعد سنوات من العمل كفراش، بحجة أنه ينفق على بيته الثانى، وعلاجه، بخل عليها الأولاد أيضاً بوقتهم ومالهم ورعايتها فى الكبر «محدش فيهم بيخبط على بابى، ويقولى يا أمى عايزة إيه؟!».
فى هذه السن التى تخطت الـ80 تضطر السيدة «زينب» لأن تخدم فى مساجد عزبة فكيهة، مقابل جنيه أو اثنين يومياً نظير خدمات محدودة على قدر صحتها المحدودة أيضاً، مثل أعمال التنظيف أو الحراسة، بسبب رفض المعاشات صرف أى مبلغ مالى لها شهرياً «لأنى مش معايا ورقة أو بطاقة تثبت إنى أرملة أو مطلقة»، وتضيف «مش زعلانة لا من جوزى اللى معرفش هو فين لحد دلوقتى، ولا عيالى اللى هجرونى كمان، كل يوم بصلى الفجر وارفع إيديا للسما أطلب من ربنا الرحمة إنه ياخدنى بعد ما أخلص ذنوبى فى الدنيا، أنا شفت الذل والعجز فى آخر أيامى»، لهذه الأسباب رفضت السيدة العجوز طلب الطلاق، «أنا ست أصيلة بعد العشرة الطويلة دى لا يمكن أطلب الطلاق بقى عندى أحفاد، وربنا يسامحه بقى».