رائحة فساد فى قلعة «كيما» الوطنية
رائحة فساد فى قلعة «كيما» الوطنية
مصنع الفيروسيليكون
خطاب جاء مسرعاً من أقصى جنوب «المحروسة» فى أسوان إلى البورصة المصرية فى 29 يونيو الماضى، لإخطارها بنبأ سار عن الأحداث الجوهرية لشركة الصناعات الكيماوية المصرية «كيما» من بدء تجارب تشغيل مصنع الفيروسيليكون الجديد، وأنه سيتم افتتاحه فى اليوم الأول من يوليو الماضى بعد إحلال وتجديد الفرن القديم الذى أنشئ عام 1967 بعد أن تكلف الفرن الجديد 50 مليون جنيه مصرى، بطاقة إنتاجية متاحة قدرها 7500 طن فى السنة، إضافة إلى العديد من المميزات التى تواكب تطور الصناعة العالمية لإنتاج سبائك الفيروسيليكون، من حيث الجودة والتكلفة والظروف البيئية للعمل داخل المصنع وما إلى ذلك من مميزات فى البيئة الداخلية والتأثير الخارجى للصناعة.
الشركة تعلن شراء فرن جديد بـ50 مليوناً.. والمحافظ: 25 مليوناً.. والمستندات: 18 مليوناً
وكان من الغريب أن يعلن محافظ أسوان، مصطفى يسرى، فى تصريحات صحفية، منتصف مايو الماضى خلال تفقده مصنع «كيما»، بحضور العضو المنتدب الدكتور جمال إسماعيل والدكتور منصور كباش، رئيس جامعة أسوان، أنه تُجرى أعمال إعادة تأهيل وتطوير قسم الفيروسيليكون بمصنع شركة كيما للأسمدة، بتكلفة 25 مليون جنيه، فى إطار خطة الدولة لإعادة تجديد شباب المصنع، وهو ما يعد نصف المبلغ الذى أعلنت عنه الشركة فى بيانها للبورصة، ما دفع «الوطن» للتقصى حول القيمة الحقيقية للمشروع، وكانت المفاجأة التى كشفت عنها الجريدة بعد حصولها على نسخ العقود الرسمية للمشروع، بمساعدة تحالف شباب التغيير، التى وُقعت بين شركة «كيما» والشركة الصينية التى تولت إحلال فرن جديد بدلاً من القديم، بأن القيمة الحقيقية التى تقاضتها الشركة الصينية من شركة «كيما» أسوان أقل حتى من المبلغ الذى أعلن عنه محافظ أسوان بقرابة 7 ملايين جنيه مصرى، وأقل من المبلغ الذى أعلنت عنه شركة كيما بـ32 مليون جنيه مصرى، حيث جاء المبلغ كما هو موضح فى البند الثالث من العقد 2496500 دولار أمريكى، أى ما يعادل 18 مليون جنيه مصرى تقريباً، وأكد البند نفسه الذى احتوى على القيمة الحقيقية لتكلفة المشروع بأنه مبلغ نهائى لا يجوز زيادته بأى حال من الأحوال أو تحت أى ظرف من الظروف.
وتم تداول قيمة المشروع بـ50 مليون جنيه إعلامياً فى تصريحات صحفية، وخلال الافتتاح الذى تم فى أوائل يونيو الماضى وحضره المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، برفقة كل من وزراء التنمية المحلية، والصحة، والإسكان، والرى، والتعليم العالى، وتم تأكيد المبلغ خلال العرض الذى شاهده «محلب» حول المشروع بأنه أنشئ بتكلفة 50 مليون جنيه وبفترة استرداد عامين، وتناول العرض وقتها أسباب التفكير فى المشروع بإحلال وتجديد الفرن القديم الذى أنشئ عام 1967 نظراً لانخفاض كفاءته، وانخفاض كمية الإنتاج، وعدم التوافق البيئى وسوء حالة بيئة العمل، وشرح العرض أن الفرن الجديد يهدف إلى تحقيق مزايا عديدة أهمها، تحسين ظروف بيئة العمل خارجياً وداخلياً، بالتخلص من كافة انبعاثات غبار السيلكا بمنطقة الفلاتر، وخفض الضوضاء والفقد الحرارى، وزيادة كمية الإنتاج من سبيكة الفيروسيليكون بنسبة 40% عن الإنتاج السابق، وتحسين مواصفات المنتج، مع انخفاض كمية الخامات اللازمة «كوارتز، فحم، رايش»، وتخفيض معدل استهلاك الطاقة بنسبة 5% تقريباً لكل طن، مما يقلل من التكلفة الكلية للمنتج النهائى، وترشيد استهلاك الطاقة الكهربية، وهى كلها مميزات لم يتم تنفيذها على أرض الواقع بعد بدء تشغيل الفرن الجديد، ما خلق بيئة عمل صعبة وفقاً لعمال من داخل المصنع فى تصريحات لـ«الوطن».
هذا إلى جانب شكاوى تقدم بها أهالى أسوان من انبعاثات غاز السيلكا الذى زعم الخطاب الموجه إلى البورصة بأن الفرن الجديد يتميز بتحسين ظروف بيئة العمل خارجياً وداخلياً بالتخلص من كافة انبعاثات غبار السيليكا بمنطقة الفلاتر وأن الشركة وضعت خطتها بإنتاج السيلكا فيوم 92 - 95% وذلك للاستفادة من الغبار الناتج من المصنع الجديد، فضلاً عن الحفاظ على البيئة من التلوث، وتبلغ كمية الغبار 1500 طن سنوياً، بقيمة قدرها 2٫4 مليون جنيه، وهو ما تنفيه المؤشرات الأولية من انبعاثات غبار السيليكا بعد ما رصد جهاز شئون البيئة بجنوب الصعيد فى أوائل أغسطس الحالى تسريب غاز السيليكا وتعطل الفلاتر وانتشار أدخنة كثيفة محملة بغبار السيلكا الضار.
تقرير يكشف عن ارتفاع الحرارة حول الفرن الجديد وقسم الحامض وعدم اتخاذ الشركة الإجراءات الوقائية اللازمة
وأكد تقرير جهاز شئون البيئة، الذى تناولته المواقع الإخبارية، أن السبب الحقيقى فى الأزمة هو وجود أعطال بفلاتر فرن الفيروسيليكون الجديد، الذى افتتحه رئيس الوزراء مطلع يوليو الماضى، بسبب زيادة درجة حرارة الغازات الناتجة من الفرن، ما أدى إلى توقف الأتربة، التى يصدرها فرن الفيروسيليكون وهو ما نتج عنه تلف «بنطلونات» الفلاتر، ما تسبب فى زيادة انبعاثات غبار السيلكا.
وكشف التقرير عن ارتفاع درجة الحرارة حول الفرن وقسم الحامض، بجانب عدم اتخاذ المصنع الإجراءات الوقائية بمنع تسريب غازات «الأمونيا» بوحدتى الحامض والسماد، ووجود تركيزات عالية تعدت الحدود المسموح بها، بالإضافة لتجاوز نسبة الانبعاثات لغاز ثانى أكسيد النيتروجين من مدخنة رقم «4» للحدود المسموح بها، وكذلك تعدى نسب قياسات الضوضاء داخل وحدات التحكم بفرن الفيروسيليكون للحدود المعتمدة، وبعد زيارة «الوطن» لمقر جهاز شئون البيئة أكد رئيسه الدكتور محمود على حسين أنه رصد مخالفات بمصنع الفيروسيليكون وكتب تقريراً أرسله إلى وزارة البيئة. وتأتى هذه المخالفات والتجاوزات البيئية من المصنع علماً بأن البند الثانى من العقد الذى وقعته شركة «كيما» مع الشركة الصينية نص على التزام الشركة الصينية التطابق التام لوسائل الأمان واشتراطات الأمن الصناعى والتوافق البيئى فى بيئة العمل الداخلية مع المعايير والاشتراطات البيئية بالقوانين والتشريعات المصرية.
ورصدت «الوطن» شكاوى عدد من أهالى المناطق المجاورة للمصنع، حيث يقول جمال خليل، فى العقد الرابع من عمره، يقطن فى منطقة المحمودية، إنه منذ شهور قليلة زادت كمية الأدخنة والغازات التى تسبب اختناقات لأهالى القرى المجاورة للمصنع، وأن الغازات تشكل فى الصباح شبورة فى الهواء وتنتشر فى كل القرية، وإنها تتغير وجهتها باتجاه الرياح ما يعنى أن كل القرى المحيطة تتضرر بحسب حركة الرياح. ويضيف جمال خليل حامد، 60 عاماً، رئيس مجلس محلى مدينة أسوان سابقاً، وأحد أهالى منطقة الصداقة المجاورة لمصنع الفيروسيليكون، أن الغازات كانت قد انقطعت لمدة 3 أيام فى الفترة التى زار فيها المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء السابق مقر الشركة، وبعدها تصاعدت غازات كثيفة تتسبب فى اختناقات لأهالى المنطقة التى يركب غالبية أهلها تكييفات صحراوية تسمح بدخول الغازات إلى داخل المنازل نظراً لطبيعة المدينة من حيث درجة الحرارة والرطوبة المختلفين عن بقية المناطق بالجمهورية، مطالباً بحل أزمة الغازات لمنع التسبب فى أمراض لأهالى القرية.
ويشير سهرى فلهم، 59 عاماً، مفتش أملاك بهيئة السكك الحديدية، وأحد أهالى منطقة الصداقة القديمة، إن نجله أصيب بأمراض صدرية وجلدية نتيجة الغازات المتصاعدة من المصنع، وذهب به لكثير من الأطباء دون جدوى، وأن زوجته تصاب بحالات اختناق نتيجة تركيبهم تكييفاً صحراوياً يسمح بدخول الغازات إلى المنزل، قائلاً: «الدنيا حر وهانموت من الحر نشغل التكييف يدخل لنا الغاز ويخنقنا يعنى نعمل إيه، رئيس الوزراء ييجى المدخنة تقف، يمشى من هنا والدخان يطلع على طول».
مخالفات عديدة فى وسائل الأمان رغم التزام الشركة الصينية فى العقد باشتراطات الأمن الصناعى والتوافق البيئى
من جهته، كشف المهندس أحمد عبدالمالك، بشركة كيما، عن كواليس مشروع بناء الفرن الجديد الذى أسند للشركة الصينية فى بنائه، بوجود خلل فى بناء الفرن الجديد وأنه غير مطابق للمواصفات التى جرى الاتفاق عليها فى العقد المبرم بين الشركة الصينية وشركة «كيما»، موضحاً أن حالة من الغضب اجتاحت العاملين فى مصنع الفيروسيليكون بعد النتائج المخيبة للآمال للفرن الجديد الذى أنشأته الشركة الصينية، مشيراً إلى أنه تم إبلاغ العمال بأن الفرن الجديد سيعمل أوتوماتيكياً وبه مميزات تعود بالنفع والراحة للعمال ولمصلحة الشركة وأرباحها، إلا أن هذه المميزات لم يطبق منها أى واحدة على أرض الواقع. ويضيف «عبدالمالك» أنه التحق بمصنع الفيروسيليكون فى 2008 ورصد خلال الفترة التى عمل فيها داخل المصنع فساداً إدارياً تصدى له، وتسبب موقفه المعارض للفساد والإهمال إلى نقله لقطاع آخر، متابعاً: «حينما كنت مهندساً فى مصنع الفيروسيليكون رفضتُ استلام خامات من الكوارتز غير مطابقة للمواصفات من المورد، إلى أن جاءت لجنة ووافقت على الشحنة، وحينها قمت بتصوير الخامات غير المطابقة للمواصفات لإرفاقها بشكوى مقدمة لرئيس الشركة، فوقع جزاء ضدى بسبب تصويرى بالموبايل وتم نقلى إلى قطاع الهندسة الميكانيكية الذى أعمل فيه الآن، وأنا ما زلت أتابع أخبار المصنع وما يجرى فيه من إهمال»، مشيراً إلى أن المورد الذى كان ولا زال يورد للشركة خام الكوارتز يدعى جمال عبدالراضى، وهو نفسه مدير الأمن الصناعى فى مديرية القوى العاملة بأسوان، وهو المنوط به الرقابة على مصنع الفيروسيليكون، من حيث إجراءات السلامة المتبعة داخل المصنع، معلقاً بقوله: «يعنى هو المورد وهو المراقب».
مهندس بالشركة: «محلب» افتتح المشروع من شهرين والمصنع لم ينتج الكمية المعلن عنها.. والشركة عاقبت كل من اعترض على الصفقة
وفسر المهندس بشركة «كيما» الغبار الكثيف الذى يخرج من مصنع الفيروسيليكون والذى تسبب فى سُحب من الغبار أثرت بالسلب على السلامة البيئية بأسوان وتقدم الكثير من الأهالى بالشكاوى ضد الشركة بسبب الملوثات البيئية المنبعثة من مصنع الفيروسيليكون، بأن الحادث كان نتيجة وجود خطأ فى التصميم الخاص بمحطة الفلاتر، حيث إن مأخذ الغبار يكون مباشرة أعلى الفرن، ويتصاعد الغبار وهو فى حالة سخونة ما أدى إلى تلف «البنطلونات» التى وضعت خصيصاً لتحديد مجرى الغبار من الفرن إلى محطة الفلاتر التى تبعد عن الفرن بمسافة 50 متراً، موضحاً أن «البنطلونات» هى عبارة عن غطاء كبير من القماش يحدد المجرى الذى يسير فيه الغبار حتى يتجه إلى موقع الشفط، مضيفاً أن مصنع الفيروسيليكون لا يزال تحت إشراف صينى وعمال صينيين ولا زالوا يحاولون تشغيله ليصل إلى الكفاءة المطلوبة، وأن إدارة المصنع حتى الآن لم تتسلم الفرن الجديد من الشركة الصينية بصفة نهائية لوجود أخطاء جسيمة به كان أبرزها تسرب غاز السيلكا وعدم مطابقة الإنتاج للكميات المتفق عليها، لافتاً إلى أن الإنتاج داخل المصنع لم يصل إلى 25 طناً يومياً كما أعلنت الشركة، وأن الإنتاج لا يتعدى يومياً 15 طناً فى اليوم. ويضيف «عبدالمالك» أن الفرن القديم كان يعمل بشكل جيد وكان إنتاجه مناسباً ومربحاً للشركة، وكان من الممكن إجراء عمرة له بأيدى عمال المصنع دون الحاجة إلى فرن جديد أتوماتيكى لم ينجح فى الإنتاج ولا حتى فى العمل أوتوماتيكياً حتى الآن، حيث ما زال الفرن يعمل يدوياً مثل الفرن القديم، مشيراً إلى أنه كان من الممكن أن يقوم عمال المصنع بإفراغ بطانة الفرن وهى الطوب الحرارى والكربون بلوك وإحلالها بطوب وكربون جديدين، مع ترقيع «حلة الفرن» التى أساساً تم تصنيعها داخل شركة «كيما»، بدلاً من إلقائها فى الصحراء بعد تمزيقها كخردة، مشيراً إلى أن الفساد يستشرى داخل الشركة، إضافة إلى إهدار المال العام وتهديد مستقبل الشركة العريقة.
وحول انتقاده لاختيار الصينيين فى إحلال الفرن الجديد، يوضح «عبدالمالك» أن مصانع شركة كيما أوروبية من الدرجة الأولى، حيث أقامها الألمان والروس والبلغاريون، حيث تخصص الألمان فى الجانب الكيميائى، وتخصص الروس فى الجانب الميكانيكى، فيما تخصص البلغار فى إنشاء وتجديد الأفران، وأن كل منهم له خبرة عالية فى مجاله، وتم تجريبهم منذ عقود طويلة وكانت كل أعمالهم ناجحة، مشيراً إلى أنه حتى الآن يحاول الصينيون تشغيل الفرن والقضاء على المشكلات الناجمة عن أخطاء تصميم الفرن بلا جدوى، ما يكبد الشركة خسائر متوقعة، أو يهدد الصناعة بشكل كامل فى مصنع الفيروسيليكون، موضحاً أن العمال بدأوا يتساءلون عن وجود الصينيين داخل المصنع لهذه الفترات دون حل مشكلات الفرن، على عكس الخبراء البلغار الذين كانوا يُعدون ويشغلون الفرن فى 7 أيام بحد أقصى.
م. أحمد عبدالمالك: الصينيون يحاولون إصلاح وتشغيل الفرن الجديد بلا جدوى مما يكبد الشركة خسائر متوقعة ويهدد صناعة الفيروسيليكون فيها
وتواصلت «الوطن» مع عدد من العمال والفنيين بمصنع الفيروسيليكون، وصرح عدد منهم عن المشكلات التى يواجهونها داخل المصنع بعد صفقة الفرن الجديد التى وصفوها بالمشبوهة وإحدى أوجه الفساد المالى والإدارى بالشركة، إلا أنهم تحفظوا على ذكر أسمائهم حتى لا يطالهم الأذى من المسئولين بالشركة، حيث ندد أحدهم بأداء الفرن الجديد الذى يشرف عليه الصينيون، مشيراً إلى وجود مشاكل بإنشاء وبناء الفرن من حيث التزامهم بالبطانة الكاملة للفرن، وأن الفرن القديم كانت بطانته أقوى من الجديد ما يزيد من عمره الافتراضى.
وانتقد «العامل» التصميم الذى وضعه الصينيون للفرن الذى تسبب فى ارتفاع درجة حرارة الفرن، بحسب قوله، مشيراً إلى أن الفرن القديم كانت به تهوية وكان به ترس يمكن به تحريك الفرن لعمل إصلاحات للفرن فى حالة وجود عطل به، إلا أن الفرن الجديد عبارة عن قطعة واحدة ولا يمكن تدويره وتحريكه لإصلاح أى أعطال وارد حدوثها فى المستقبل، ما يعنى أن الفرن سيحتاج إلى عمل عمرة أو تغييره مع أول عطل يحدث، معلقاً بقوله: «دلوقتى الفرن لما كان يحصل أى حاجة فى الحلة ولا فى جسم الفرن، الترس ده كان بيحرك الفرن ويجيبلنا مكان المشكلة فين علشان نعرف نحلها أو ونش يخش يشيل ويحط ويصلح، إنما دلوقتى الفرن بقى حتة واحدة، يعنى لا قدر الله لو حصل حاجة الفرن كله يبقى عايز يتغير».
وتابع قائلاً: «الفرن القديم بالنسبة للفرن الجديد حديث جداً جداً، لأن الفرن الجديد واضح إن الصينيين ماعندهمش خبرة فى المجال ده ولا فى تصميم الأفران زى البلغاريين، وعلشان كده ظهرت مشاكل واتحرقت البنطلونات، والفلاتر مش قادرة تستحمل الغبار، لأنه سخن»، مشيراً إلى أن سوء الخامات التى توضع فى الفرن يمنح الشركة الصينية الحق فى عدم التزامها بجودة المنتج والكمية المتفق عليها وهى 25 طناً يومياً وهو ما يتيح لها الهروب من الشروط الجزائية ضدها، حيث إنه لا بد أن تكون الخامات مطابقة للمواصفات حتى لا يكون للشركة الصينية أى حجة أو عذر، واصفاً الصفقة بأنها مشبوهة.
ويضيف «العامل» أنه تقدم ومجموعة من زملائه فى المصنع بشكاوى عديدة للجهات الرقابية، منها الجهاز المركزى للمحاسبات بأسوان، والرقابة الإدارية ومكتب شئون العاملين، دون أن يحصلوا على أى أوراق أو إيصالات بأرقام وتواريخ الشكاوى، إلا أن محاولاتهم للفت نظر الجهات الرقابية باءت بالفشل، حيث استمر مسلسل الإهمال والفساد داخل المصنع، ما يهدد الشركة وسمعتها فى إنتاج سبائك السيلكا، مشيراً إلى أن بعض العاملين الذين اعترضوا على الإهمال نالهم الجزاء وتم نقلهم إلى قطاعات أخرى، وكان هو من بينهم، لافتاً إلى أن الرد الذى جاءه من المسئولين بالشركة كان «خليك فى حالك اشتغل وملكش دعوة»، موضحاً أنه بخلاف نقل رؤساء الشركة للمعترضين على الإهمال والفساد، تقدم عدد من عمال المصنع بطلبات نقل إلى أقسام وقطاعات أخرى لعدم تحملهم بيئة العمل مع الفرن الجديد إلا أنه لم يتم قبول أى منها.
مهندس بالشركة: «محلب» افتتح المشروع من شهرين والمصنع لم ينتج الكمية المعلن عنها.. والشركة عاقبت كل من اعترض على الصفقة
فى الشأن نفسه يستنكر أحد الفنيّين بمصنع الفيروسيليكون المشروع الذى سمح للصينيين بتغيير وإحلال فرن جديد بدل الفرن القديم، مشيراً إلى أن الصينيين ليست لديهم الخبرة التى كانت تتوافر لدى البلغاريين، وأنه التحق بالمصنع منذ عام 1994 وتلقى تعليمه فى المصنع على تشغيل الفرن وإدارته وحل مشكلاته من الخبراء البلغار، مشيداً بأسلوبهم العلمى الدقيق فى إنتاج السبائك والمراقبة على الخامات التى تلقى فى الفرن قبل خلطها، إضافة إلى الأوزان وطريقة التشغيل، مضيفاً أنه يعمل فى الفرن منذ سنوات طويلة وحضر إجراء عمرتين له، ما منحه خبرة كبيرة فى الفرن والتمييز بين الأفران وليس هو وحده بل جميع العمال الموجودين على دراية بجودة الفرن فى تصميمه وتشغيله، كما أن النتيجة هى التى تحسم، مشيراً إلى أن المنتج ليس مطابقاً للمواصفات التى أعلنت عنها الشركة بعد توقيع العقد مع الشركة الصينية.
وحاولت «الوطن» التواصل مع المهندس عيد محمد عبدالله الحوت، رئيس مجلس إدارة شركة كيما والعضو المنتدب الذى وقع على عقد الاتفاق مع الشركة الصينية «xuzou jiaxun metallurgical equipment co.ltd» لإنشاء الفرن الجديد، إلا أنه استقبل اتصالاً هاتفياً بعد عدة محاولات منّا وأبدى اعتذاره لنا ورفض الرد على ما جاء بالتحقيق من معلومات ومستندات.
خطاب الشركة إلى البورصة بقيمة الصفقة
نسخة من العقد تكشف القيمة الحقيقية للصفقة