سمير فرج: نحن فى حالة حرب وإعلامنا يعيش فوضى عارمة تحتاج إلى رادع مهنى.. ووجود وزير للإعلام حماية للأمن القومى
سمير فرج: نحن فى حالة حرب وإعلامنا يعيش فوضى عارمة تحتاج إلى رادع مهنى.. ووجود وزير للإعلام حماية للأمن القومى
اللواء سمير فرج
قال اللواء سمير فرج، المدير الأسبق للشئون المعنوية بالقوات المسلحة، إن الوضع الإعلامى فى مصر يعيش حالة من الفوضى العارمة، مما يمثل خطراً حقيقياً على الأمن القومى المصرى، مشيراً إلى أنه بات بمقدور أى شخص يمتلك رأس المال أن ينشئ قناة أو بوقاً إعلامياً يفرض من خلاله رأيه ومعتقداته على رجل الشارع المصرى ويقف أمام الدولة أيضاً إن استلزم الأمر تحقيقاً لمصالحه الشخصية، واصفاً إياه بـ«رأس المال السياسى الذى يتحكم فى عقول المصريين»، معترفاً بأن نظام مبارك كان له إعلامه الخاص أيضاً. وطالب «فرج» فى حواره الخاص مع «الوطن» بضرورة عودة منصب وزير الإعلام مرة أخرى لضبط منظومة الإعلام المصرى مرة أخرى، بشرط ألا يكون به إعادة استنساخ لوزراء إعلام سابقين، أثقل منصبهم كاهل الحرية الإعلامية فى مصر على مدار سنوات طويلة.
فيما أشار «فرج» قائلاً: على الإعلاميين والصحفيين أن يتفهموا طبيعة تغطية أحداث العمليات العسكرية ومحاربة الإرهاب، فنحن فى حالة حرب، وهناك أمور يمكن أن تُعلن وأخرى لا، ويجب على الإعلامى أن يستمع لصوت العقل العسكرى لأنه يكون لديه حسابات مختلفة على أرض المعركة. ويكشف «فرج» من ناحية أخرى عن عديد من المفاجآت والأسرار التى تُعلَن لأول مرة، منها حقيقة عرض منصب وزير الإعلام عليه، ولماذا قبضت عليه قوات الأمن الإنجليزية حينما كان يدرس فى كلية «كمبرلى» الملكية بعد أن اتهمته بأنه «إرهابى»!
■ بمَ تصف الحالة الإعلامية فى مصر الآن؟
- حالة ضبابية، مشوشة، مشوَّهة، وللأسف هى حالة تتحكم فى الشارع المصرى وعقول المصريين، وهذه مشكلة خطيرة، بخاصة أن لدينا كتلة كبيرة من الشعب تتلقى المعلومة من التليفزيون وليس من خلال القراءة على سبيل المثال.
■ إلى أى مدى يتدخل رأس المال السياسى من خلال سطوة رجال الأعمال فى هذه الحالة، بخاصة فيما يتعلق بتنمية الدولة ومحاربة الفساد؟
- لقد قُلتِها، إنه رأس المال السياسى، اليوم أى رجل أعمال يريد أن يناطح الدولة ويذيع ما يريد لن يكلفه الأمر سوى 25-50 مليون جنيه! ليبدأ بعدها التحكم فى الوضع العام للدولة ويحاول أن يفرض آراءه على الناس من خلال مذيعيه وإعلامييه! وما دامت لا توجد محاسبة فكل من يريد أن يقول شيئاً سيقوله «بفلوسه»!
■ إعلام ما قبل ثورة 25 يناير كان «له ما له وعليه ما عليه»، بخاصة أنه كان إعلاماً يخدم نظام مبارك فى المقام الأول.
- ما يتعلق بإعلام مبارك نعم كان له ما له وعليه ما عليه، وهو كثير، ومع ذلك لن نخوض فى هذه الجزئية، فمن المعروف أن مبارك كان له كيانات إعلامية تخدمه، لكنى أفضل أن نتحدث عن إعلام اليوم، فما مضى انتهى وولى، لكن الأخطر ما يقوم به إعلام اليوم.
■ لماذا هو الأخطر؟
- من المفترض أن أى دولة فى العالم لها إعلام خارجى يستطيع أن يتحدث عن تلك الدولة أمام الرأى العام العالمى ويدافع عنها أيضاً إن لزم الأمر، أين مصر الآن من الإعلام الخارجى، بخاصة أننا نعانى أحداثاً ومنعطفات تاريخية وسياسية متتالية مهمة، بل بالغة الأهمية؟ أقول بكل رضا إننا إذا أردنا تقييم الإعلام الخارجى المصرى فسأعطيه «صفراً كبيراً» أو «Big Zero»!
■ هل ما قلته يستدعى مجدداً الحديث عن ضرورة عودة منصب وزير الإعلام؟
- نعم، مصر تحتاج إلى وزير للإعلام، لكن وزير إعلام مختلف، واعٍ بتفاصيل المشهد الإعلامى بكل تفاصيله المعقدة، ولا يعيد من خلال كرسيه إنتاج وزراء سابقين شغلوا ذات المنصب، يجب أن ننسى تلك المرحلة تماماً، فنحن نريد وزير إعلام يضع سياسة إعلامية مختلفة وتتعاطى مع الأحداث والتطورات الهائلة فى مصر سواء فى الحصول على المعلومة أو نقلها بمهنية شديدة وخطة إعلامية محددة وواضحة.
■ إذن كيف يمكن أن يضبط هذا الوزير الأداء الإعلامى فيما يتسق مع أهمية الدور الذى يجب أن يقوم به الإعلام تجاه الشارع المصرى؟
- يضع هذا الوزير خطة إعلامية تشمل كل المؤسسات الإعلامية كالتليفزيون والصحافة وغيرهما، فالصحف القومية مثلاً بها كوارث كثيرة، ماسبيرو به أيضاً مشكلات كبيرة، وغيرها من باقى المؤسسات الإعلامية، وهنا يجب أن يكون فى كل مؤسسة صحفية أو إعلامية مسئول عن حل تلك المشكلات من خلال ما تم الاتفاق عليه فى تلك الخطة الإعلامية، ويكون على تواصل بشكل مباشر مع وزير الإعلام لتنظيم العمل الإعلامى فى مصر لخدمة الأمن القومى وتفعيل تلك الخطة الإعلامية والالتزام ببنودها.
■ يتردد أنك رفضت تولى منصب وزير الإعلام منذ فترة، هل هذا صحيح؟
- نعم، وهذا يعود إلى سبب وحيد، هو قناعتى أننى أديت دورى على مدار السنوات الماضية، ويجب أن نبحث عن الشباب، فمتى يمكن لأجيالكم أن تجد مكاناً لها إن لم يكن الآن؟
الوضع فى مصر مختلف عن الدول المتقدمة، فمسألة إلغاء وزارة الإعلام يمكن أن أستوعبها بعد 5 سنوات يكون قد تم خلالها تدشين مجالس إعلام متخصصة وفقاً لمعايير مهنية واضحة، وتم كذلك تفعيل ميثاق العمل الصحفى بشكل حقيقى وفاعل، ويكون قد تم تدشين نقابة متخصصة للإعلاميين، وتكون هناك قوانين منظمة للعمل الإعلامى، لكن ما نشهده الآن حالة عارمة من الفوضى والتعدى الصارخ على الآخرين..
نحن لا نطالب أبداً بعودة قانون حبس الصحفيين، لكن لا بد من أن يكون هناك رادع مهنى لكل من يخرق مواثيق العمل المهنى.
■ البعض يرى أن تجربة تولى الشباب المناصب القيادية مُخاطرة كبيرة لعدم وجود خبرات كافية لديهم تتوافق مع تلك المناصب.
- هذا تفكير خاطئ، أعيّن الشباب ويكون بجانبهم مستشارون ذوو خبرة طويلة فى مجالهم، ليتعلم منهم الشباب بمرور الوقت ويضاف إليهم رصيد مهم من التجارب المهمة.
■ تقلدت منصب مدير إدارة الشئون المعنوية لمدة 8 سنوات كاملة فلماذا لم تُنتِج مصر فيلماً يليق بنصر أكتوبر حتى اليوم؟
- هذه قصة طويلة، لكن يمكن اختصارها فى أننى ذهبت يوماً إلى المشير طنطاوى وقلت له نريد أن نصنع فيلماً عن نصر أكتوبر لعدة أسباب، من بينها أن المعدات العسكرية التى كانت مشاركة فى الحرب لن نجدها متوافرة بعد فترة قصيرة بسبب التطور العسكرى لكى نتمكن من تمثيل المشاهد على حقيقتها، إضافة إلى ذلك أنه فى ذلك التوقيت كان معظم قادة أكتوبر على قيد الحياة، واليوم بكل أسف نحو 90% توفاهم الله، فضلاً عن أن هذا الحدث العظيم لم يؤرَّخ بما يستحق وبما تستحقّ مصر كذلك، ولقد اتفقنا على إنتاج فيلم روائى لمدة 4 ساعات ما بين الاستعدادات للحرب «حرب الاستنزاف» حتى العبور، ووافق المشير وبالفعل بدأنا فى العمل.
■ من كان سيتولى تأليف الفيلم؟ وماذا عن باقى طاقم الفيلم؟
- أسامة أنور عكاشة، وقبض عربون تعاقد بالفعل، أما المخرج فكان شريف عرفة، وقد كان وقتها مخرجاً بدأ اسمه يلمع، وتعاقدنا مع 4 مخرجين آخرين من هوليوود بجانب «عرفة» لتصوير المشاهد العسكرية، كل فى تخصصه، يعنى مخرج للمعارك البرية، وآخَر للمعارك البحرية، والثالث للجوية، والرابع للحرب بشكل عام، ورصدنا وقتها ميزانية ضخمة جداً لإنتاج الفيلم، وقمنا بتشكيل لجنة من 35 ضابطاً ممن شاركوا فى الحرب، بالإضافة إلى 4 محررين عسكريين واثنين من علماء السياسة حتى يخرج العمل بشكل متكامل، من بينهم الكاتب الكبير الراحل جمال الغيطانى، والصحفى محمد عبدالمنعم، ثم توقف كل شىء فجأة.
«السيسى» يمثّل مشكلة حقيقية لأمريكا فى المنطقة لأن مخطَّط الأمريكان بالتعاون مع الإخوان كان ماضياً فى تقسيم مصر، وكنا على وشك أن نصبح لاجئين مثل بعض الدول المحيطة بنا بكل أسف! فمصر وجيشها كانا المُستهدَفَين منذ بداية تقسيم المنطقة وفقاً لمشروع الشرق الأوسط الكبير الذى تحدثت عنه كونداليزا رايس من 2005، والأسبوع الماضى كنت فى أوروبا شاهدت ظروفاً مأساوية للاجئين السوريين، العراق التى كانت تمتلك واحداً من أقوى جيوش المنطقة انتهى تماماً وقسمت العراق، ليبيا الوضع مأساوى، اليمن حالياً الوضع فيها سيئ، 4 دول تم تدمي
■ ما سبب توقف العمل على إنتاج فيلم عن حرب أكتوبر؟
- فُتحت علينا النار من الكاتب الصحفى الراحل إبراهيم سعدة فى جريدة الأخبار بحملة كبرى ضدى أنا شخصياً لأنه لم يكُن يستطيع أن يهاجم المشير طنطاوى، واتهمنى بأننى أريد أن أمجد «عبدالناصر» على حساب «السادات» فى الفيلم لأننا أتينا بأسامة أنور عكاشة المعروف بناصريته الشديدة! وقامت حملة كبرى ضدنا وضد العمل قبل أن نبدأ، وللحقيقة وللتاريخ «أسامة» كتب قصة رائعة للغاية للفيلم لكنه للأسف توُفّى قبل أن تكتمل، فما كان وقتها من الرئيس الأسبق مبارك إلا أن اتصل بالمشير حسين طنطاوى وطلب منه إيجاد بديل لعكاشة بسبب الحملة الصحفية، وبالفعل اتصلنا بالراحل أنيس منصور ليكتب قصة الفيلم، ووافق وقال إنه سيعاونه لينين الرملى، ووافقنا وتم تكليفهما، وفجأة توقفت الأمور مرة أخرى.
■ لماذا؟
- لا أعرف، ظل الأمر قيد المشاورات والاختيارات المتعددة والنقاشات لمدة سنة كاملة، ثم توقف تماماً.
■ عام 1975 دخلت فى مناظرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلى آرييل شارون للحديث عن نصر أكتوبر 1973 على قناة «بى بى سى»، وكنت وقتها طالباً فى كلية «كمبرلى» الملكية البريطانية، حدثنا عن تفاصيل تلك المناظرة التى لم يعرفها أحد.
عدم النشر له بعد استراتيجى من المهم أن نكون مقتنعين أن الوضع فى سيناء ومكافحة مصر للإرهاب، يجب أن يكون له طريقة واستراتيجية خاصة فى التعامل معه إعلامياً، بخلاف أى تعامل إعلامى مع أى قضية أخرى، فنحن فى حرب، وعندما تكون هناك أوامر عسكرية بعدم إذاعة أمر ما، فهذا ليس للتقليل من شأن الإعلامى أو الصحفى صاحب المعلومة، بل لأن الأمر يكون له بُعد استراتيجى خاصّ وبطبيعة العمل العسكرى فى حربه على الإرهاب، وهنا لا بد للإعلامى من أن يستمع لصوت العقل العسكرى الذى يكون دوماً له حسابات مختلفة على الأرض.
- «السادات» بعد حرب أكتوبر أجرى انفتاحاً علمياً عسكرياً على غرار الانفتاح الاقتصادى، فقبل أكتوبر كان كل ضباطنا يتعلمون فى روسيا، أما بعد أكتوبر 73 فقرر «السادات» أن يكون التعليم العسكرى ناحية الغرب، بخاصة أن إسرائيل تعمل وفق العقيدة العسكرية الغربية، وكنت أول ضابط مصرى ذهب للدراسة فى أكبر كلية عسكرية فى العالم «كمبرلى»، وهى ذات الكلية التى تَخرَّج فيها آرييل شارون آل عازر، ومعظم قادة أفريقيا، كانت الأمور تسير على ما يرام إلى أن فوجئت فى صباح أحد الأيام بمانشيت رئيسى فى جريدة «صن داى تايمز» فى الصفحة الأولى والتى توازى صحيفة الأهرام المصرية من حجم الانتشار والشعبية: «كيف تقبل بريطانيا أن يدرس طالب مصرى فى كليتها العسكرية لكى يذهب بعد ذلك ويقتل الإسرائيليين؟»، وكان ذلك عام 1974، ولم نكُن انتهينا بعدُ من عملية فك الاشتباك عقب انتصار 1973. المثير فى الأمر أن دراستى أثيرت كقضية مناقشة فى مجلس العموم البريطانى، وأصبح الموضوع أكثر إثارة للرأى العام البريطانى حينما طلب منى بشكل مباشر «إدجر آلان»، وهو أهم مذيع بريطانى يقدم برنامج توك شو «بانوراما» تتابعه بريطانيا كلها كل يوم أحد من كل أسبوع، أن أتحدث عن انتصار أكتوبر كضابط مصرى شاب، وبحماس الشباب وافقت مبدئياً على أن أحصل على موافقة قياداتى فى مصر أولاً، وبالفعل اتصلت بالمشير أحمد إسماعيل، وزير الدفاع فى حرب أكتوبر، ولأننى كنت أؤدى مهام عديدة فى غرفة عمليات الحرب وقتها فقد كان يعرفنى جيداً، وقال لى: «انت ضابط شاطر وطالع الأول على دفعتك، واللى شايفه من مصلحة مصر قوله، واللى مش مصلحة مصر ما تقولوش».
فريق تحكيم بريطانى لـ«شارون»: أنت جنرال دموى لأن خسائر إسرائيل فى «الثغرة» تساوى كل خسائرها فى حروب «73 و67 و56»
■ ثم ماذا حدث بعد ذلك؟
- أعطيت الموافقة لإدجار آلان بعد أن حصلت على الموافقة الرسمية من مصر، لكن كان لى شرطان أساسيان: أولهما أن تكون الأسئلة معدة مسبقاً وأطلع عليها، فضلاً عن أننى لن أجيب عن أى سؤال إضافى على الهواء. وبالفعل أتى لى بالأسئلة وكانت كلها تودّى فى داهية! بخاصة أن «بى بى سى» بدأت بالفعل فى إذاعة «بروموهات» عن البرنامج تحمل عنوان «لأول مرة.. ضابط مصرى على شاشتنا يتحدث عن حرب أكتوبر».
■ ماذا فعلت؟
- ذهبت للمحلق العسكرى المصرى فى إنجلترا بالأسئلة، وقال لى «ما الذى تفعله؟» فقلت له: هل هذا اللقاء من مصلحة مصر؟ فصمت وأجرى اتصالاته، بعدها قام المشير الجمسى بالاتصال بى، وكان تولى حينها منصب وزير الدفاع، وطمأننى على أن الأمور ستكون على خير ما يرام وألا أقلق، وبالفعل كان فى ذلك الوقت قبيل الحلقة إجازة «عيد الفصح» لمدة أسبوع، وعدت إلى مصر وتم تشكيل لجنة تتكون من «هيئة العمليات والمخابرات» وبدأنا فى وضع الإجابات العملية اللازمة عن كل الأسئلة لأننا كنا نستعرض خطة القوات المسلحة المصرية فى الحرب فيما كانت إسرائيل أيضاً ستقدم خطتها فى الحرب، وبعد أن عدت إلى لندن كانت الطامة الكبرى، وهى أن المذيع البريطانى «إدجر آلان» أبلغنى فجأة بأننى سأكون فى مناظرة على الهواء مباشرة مع آرييل شارون «الذى كان قائداً للكتيبة العسكرية القتالية رقم 143 فى حرب أكتوبر»، إضافة إلى الحلقة المسجلة التى اتفقنا عليها، وسيكون هذا اللقاء عقب إذاعة الحلقات المسجلة، وأن مدة المناظرة نحو نصف ساعة، وستُحكَّم بيننا لجنة من أساتذة من المعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية فى لندن.
لا بد للإعلامى من الاستماع لصوت العقل العسكرى فى أمور النشر لأن لديه حسابات أخرى على الأرض فى محاربة الإرهاب قوات الأمن الإنجليزية قبضت علىّ باعتبارى «إرهابيّاً» أثناء دخولى «BBC» لإجراء مناظرة مع «شارون»!.. وإعلامنا فى الخارج يستحق «صفراً كبيراً»
■ هل حدث لك موقف غير متوقع يوم المناظرة؟
- ضاحكاً: هذا سر أتحدث عنه لأول مرة، يوم المناظرة ذهبت إلى مقر الـ«بى بى سى» وقبل أن أدخل من الباب وجدت حشوداً كثيرة من الناس نحو 2000-3000 شخص واقفين فى عز المطر لتأييد «شارون»! ويرفعون لافتات لتأييده باعتباره بطلاً وأن عليه أن «يكسرنى فى المناظرة»، ومر من أمامى أسطول سيارات يعلن عن وصول «شارون» ومعه السفير والملحق العسكرى وزمرة كبيرة من الشخصيات العامة، وأنا داخل بمفردى وأرتدى بدلة مدنية وفى يدى حقيبة بها خطوط عامة لما سأقوله فى المناظرة المفاجئة، وعند مرورى من البوابة الأمنية يسألنى ضابط الأمن «من أنت؟»، قلت له: «أنا ضابط مصرى وعندى مناظرة الآن مع شارون»، فاستغرب جداًً ولم يصدقنى، وقال لى: «هل تمزح؟»، وفجأة استدعى قوات الأمن، وفى أقل من ثانية وجدت 10 ضباط يقبضون علىّ ومزّقوا لى أوراقى وتعاملوا معى بعنف شديد باعتبارى إرهابياً من الجيش الأيرلندى الجمهورى، وهى منظمة شبه عسكرية وجيش مؤقت سعى لتحرير أيرلندا الشمالية من الحكم البريطانى وإعادة توحيدها مع الجمهورية الأيرلندية وكانت مصدر قلق وتوتر فى بريطانيا فى ذلك الوقت»، وأريد أن أقتحم مقر الـ«بى بى سى» وألقى قنبلة! وبعد فترة بدأ الضابط يستوعب أننى لست إرهابياً واستدعى المذيع البريطانى الذى أصابه الفزع وأخذنى وطلب شراء بدلة جديدة وجابوا لى «بطانية» تحمينى من برودة الجو القارسة مؤقتاً حتى يشتروا لى ملابس جديدة أظهر بها على الهواء بعد ساعتين! فعلاً كان من أصعب المواقف فى حياتى!
رأس المال السياسى يتحكم بقوة فى إعلامنا وأى رجل أعمال معه 25 مليون جنيه «يقدر يفرض رأيه على الشارع ويناطح الدولة»
■ ما أصعب جملة سمعتها من «شارون» فى أثناء المناظرة؟
- حينما قال: «أنا من أنقذ إسرائيل بعد أن أعلنت جولدا مائير هزيمة إسرائيل على يد الجيش المصرى يوم 9 أكتوبر»، وقال أيضاً: «أنا من رفع العلم الإسرائيلى لأول مرة فى أفريقيا، وأنا فخر الدولة الإسرائيلية واليهود فى العالم».
■ ما أهم جملة إيجابية سمعتها من اللجنة الاستراتيجية بعد المناظرة؟
- فى نهاية المناظرة حينما قالت اللجنة لـ«شارون»: «أنت جنرال دموى»، فسألهم مندهشاً: لماذا؟ قالت له: لأن خسائركم فى «الثغرة» تساوى خسائر إسرائيل كلها فى حروب «73 و67 و56»!
■ وإلامَ انتهت المناظرة؟
- فازت مصر بـ8 درجات مقابل 4 فقط لإسرائيل.