«الوطن» تجيب عن السؤال اللغز.. أين اختفت دولارات مصر؟
«الوطن» تجيب عن السؤال اللغز.. أين اختفت دولارات مصر؟
هشام رامز
على مدار نحو 5 سنوات كان الاقتصاد المصرى هو الخاسر الأكبر نتيجة تحولات سياسية واضطرابات أمنية أدت إلى جفاف موارد الدولة من النقد الأجنبى، انخفضت الصادرات والاستثمارات الأجنبية، وانحسرت إيرادات السياحة بوصفها من أبرز إيرادات العملة الصعبة، الأمر الذى جعل البنك المركزى ومحافظه فى مرمى النيران، وموقف لا يحسده عليه أحد.
تحليل لأداء «المركزى» خلال فترة «هشام رامز»: إطلاق مبادرات للتمويل العقارى والسياحة والمصانع المتعثرة
الفترة الماضية شهدت تزايداً فى الطلب على العملة الأجنبية، فى مقابل موارد لا تزال أقل من طموحات السوق، مما دفع هشام رامز محافظ البنك المركزى، المستقيل، لإصدار ضوابط منظمة لسوق الصرف، بدأت بوضع قائمة للبنوك حدد فيها أولويات توفير العملة الأجنبية للاستيراد، شملت القائمة السلع الأساسية، فالأقل أهمية، ثم الأقل، ثم أصدر ضوابط حظر فيها على البنوك العاملة فى السوق قبول إيداعات النقد الأجنبى الكاش بأكثر من 10 آلاف دولار يومياً بحد أقصى 50 ألف دولار شهرياً، وهى ضوابط معمول بها عالمياً لمكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب وللحد من نشاط السوق السوداء بما يكفل للبنوك قدرة أكبر على توفير الدولار لاحتياجات المواطن الأساسية.
تلك القرارات، وفقاً لتصريحات هشام رامز محافظ البنك المركزى، أدت إلى ارتفاع موارد البنوك من العملة الصعبة إلى 150 مليون دولار يومياً بدلاً من 10 ملايين دولار يومياً، وفى محاولات موازية لدعم الاقتصاد الوطنى أطلق البنك المركزى عدة مبادرات لدعم الاقتصاد الوطنى كان أهمها مبادرة التمويل العقارى لشريحتًى محدودى ومتوسطى الدخل بفائدة تقل عن المعمول بها فى السوق بنحو 50% ولمدة 20 سنة وتعويم المصانع المتعثرة ومساندة القطاع السياحى، إلا أنه لم تعلن أى أرقام عن نتائج تلك المبادرات من قبَل البنك المركزى الآن بخلاف النجاح فى جمع تمويل قناة السويس الجديدة بقيمة 64 مليار جنيه فى 8 أيام عمل.
وظل التساؤل الأهم: كيف أدار البنك المركزى موارد الدولة من العملة الصعبة؟ وأين ذهبت الدولارات؟ ببساطة يمكن الإجابة عن ذلك التساؤل من خلال النظر إلى ميزان المدفوعات الذى يبين طفرة كبيرة فى الاستيراد، وخاصة فيما يتعلق بالسلع الترفيهية التى يمكن الاستغناء عنها، فى مقابل تواضع الإيرادات من العملة الصعبة، وهو ما أدى إلى انخفاض الاحتياطى النقدى الأجنبى إلى مستوى 16.3 مليار دولار، على الرغم من الحصول على مساعدات مالية وعينية من دول الخليج كان آخرها 6 مليارات دولار خلال المؤتمر الاقتصادى بخلاف المساعدات العينية التى قلصت الضغوط على موارد الدولة من العملة الصعبة.
ووفقاً لأحدث تقارير البنك المركزى فإن مصر أنفقت على الاستيراد والخدمات مبالغ قيمتها 189.5 مليار دولار، خلال 30 شهراً، موزعة بواقع 148.1 مليار دولار للاستيراد، و41.4 مليار دولار للخدمات، فيما قام «المركزى» بسداد أقساط وفوائد ديون خارجية قيمتها 10.25 مليار دولار.
وفى نفس الفترة سجلت أبرز إيرادات العملة الصعبة تدفقات للداخل بنحو 136.8 مليار دولار، موزعة بواقع، 60.5 مليار دولار للصادرات، و47.1 لتحويلات المصريين فى الخارج، و12.9 مليار لقناة السويس، و16.3 مليار للسياحة.
وتتضح أزمة توافر الدولارات فى مصر من ارتفاع الاستخدامات، وعلى رأسها بند الواردات، مقابل إيرادات الدولة من العملة الصعبة، فبالنظر إلى ميزان المدفوعات عن العام المالى الماضى 2014-2015، ارتفع العجز فى الميزان التجارى إلى نحو 38.785 مليار بزيادة قدرها 4.723 مليار دولار مقابل عجز قيمته 34.062 مليار دولار فى العام المالى 2013-2014، وذلك نتيجة لارتفاع مدفوعات الاستيراد بنحو 662 مليون دولار لتصل إلى 60.843 مليار دولار مقارنة بنحو 60.181 مليار دولار، ويجب الأخذ فى الاعتبار أن هناك تراجعاً فى واردات المواد البترولية بقيمة 888 مليون دولار خلال العام المالى الماضى لتصل إلى 12.358 مليار دولار مقابل 13.246 مليار دولار، بينما ارتفعت فاتورة استيراد السلع الأخرى بنحو 1.55 مليار دولار، وهو ما يعنى استيراد كميات أكبر من السلع غير البترولية، نظراً لانخفاض أسعارها فى العالم كله بنسب تتراوح بين 30 و50%.
وعلى مستوى الصادرات انخفضت خلال نفس الفترة بنحو 4.061 مليار دولار لتصل إلى 22.058 مليار دولار مقابل 26.119 مليار دولار، وذلك نتيجة تراجع سعر البترول عالمياً، وهو ما دفع الصادرات البترولية إلى الانخفاض بنحو 3.747 مليارات دولار، لتصل إلى 8.705 مليار دولار مقابل 12.452 مليار دولار، فيما لم تنخفض صادرات السلع الأخرى إلا بنحو 313 مليون دولار فقط، لتصل إلى 13.353 مليار دولار مقابل 13.666 مليار دولار.
وخلاصة لما سبق فإن حل لغز أزمة الدولار فى مصر يتمثل فى ترشيد الاستيراد وتدعيم موارد الدولة من النقد الأجنبى بتشجيع السياحة والصادرات والاستثمارات الأجنبية.