تعتبر الأمراض المعدية من بين أهم الأسباب الطبيعية المؤدية للوفاة والمعاناة في جميع أنحاء العالم، إلى جانب الكوارث الطبيعية، وتركت بعض الأمراض بصماتها على الجنس البشري، وغيرت مسار التاريخ في أعقابها، في بعض الحالات، مثل حالة الطاعون، انخفضت مستويات السكان بشكل كبير لقرون بعدها، وسنستعرض بعض الأوبئة والأمراض خلال الموضوع، حسب موقع "listverse".
مرض الطاعون:
انتشر الطاعون، المعروف أيضا باسم الموت الأسود، عبر أوروبا من الشرق إلى الغرب خلال القرن 14، وبكتيريا "يرسينيا بيستيس" هي المسؤولة عن الوباء وانتقل للإنسان عن طريق البراغيث والفئران، حيث انتقلت الفئران التي تحمل البراغيث المصابة، غربا على متن السفن عبر البحر الأبيض المتوسط.
وأظهر الطاعون أن التقدم البشري في التجارة نشر المرض ببطء، ويأتي اسم الطاعون من الكلمة اللاتينية "بوبو"، في إشارة إلى البثور أو الخراج.
كانت أعراض المرض مروعة، حيث كانت تبدأ بالحمى والتعرق، ثم ارتفاع درجة الحرارة بشكل رهيب وتحول الجسم للون الأزرق، وظهور الدمامل التي تنفجر وتنشر المرض في الجو.
ووصل معدل الوفيات مع هذا المرض إلى ما يصل لـ 200 مليون شخص في جميع أنحاء أوروبا وخفض عدد سكان القارة إلى النصف، ويعتقد المؤرخون أن انتشار الطاعون ساهم في سقوط النظام الاقتصادي الإقطاعي وتسبب في أضرار لا يمكن إصلاحها للكنيسة التي كانت تشارك في الحكم بشكل كبير آنذاك.
مرض الجدري
ظهر المرض عندما وصل الأوروبيون لأول مرة إلى قارتي العالم الجديد «أمريكا الجنوبية والشمالية»، خلال أواخر القرن 15 وأوائل القرن 16، واستخدموا تقنيات عسكرية متقدمة لقهر الأمريكان بسرعة، ولكنهم جلبوا أيضا الجدري، الذي لعب دورا أساسيا في قتل الأمريكيين الأصليين.
الأوروبيون لديهم تاريخ طويل من العيش في أماكن قريبة مع الحيوانات الأليفة وكذلك الأكل والشرب من مصادر مماثلة لمصادر الحيوانات.
وبالاقتران مع أمراض العالم القديم الأخرى مثل الإنفلونزا والحصبة، قتل الجدري ما يقرب من 90% من السكان الأمريكيين الأصليين، وهو ما يفوق بكثير الأضرار التي لحقت بحرب العصور الوسطى المتأخرة. الجدري كان أيضا عامل تشوه شرير، حيث كان يترك للمصابين أثار قروح ملحوظة بأجسادهم.
مرض الزهري
هناك أربع مراحل من مرض الزهري، وهو مرض منقول جنسيا يظهر لأول مرة كقرح حميدة وبقع معدية، والزهري الثانوي يظهر مع الطفح الجلدي وانتفاخ كبير في الغدد الليمفاوية، ثم تدخل البكتيريا مرحلة كامنة قبل ظهورها كمرض الزهري العالي، مما يؤدي إلى ضعف عصبي عضلي، ويسبب العمى والخرف.
المؤرخون غير متأكدون من كيفية حصول مرض الزهري، ولكن الفرضية الرائدة تقول إنها كانت استيرادا من استعمار العالم الجديد، وزحف مرض الزهري للعديد من الأفراد المشهورين، بما في ذلك العديد من أعضاء البابوية في القرون الوسطى.
ولمرض الزهري تاريخ طويل من العلاجات الطبية التي لا قيمة لها مثل استخدام الزئبق، والتي غالبا ما كان يترك المصابين أسوأ حالا، واليوم، الزهري لا يزال واسع الانتشار، على الرغم من أنه يمكن في كثير من الأحيان علاجه بالبنسلين.
فيروس الإيدز
هناك عدد قليل من الأمراض التي دلت على وصمة عار مثل الإيدز، ويعتقد العلماء أن الفيروس انتقل إلى البشر في أفريقيا خلال أوائل القرن 20، ولكن هذا المرض لم يكتسب زخما في الثقافة الشعبية حتى أوائل الثمانينات، إلى أن ظهر في نيويورك وكاليفورنيا حالات غريبة من الالتهاب الرئوي والسرطان عند المثليين.
مرض السل
السل هو عدوى قاتلة بالجهاز التنفسي يمكن أن يأخذ شكلين؛ السل الخامل أو السل النشط، السل الخامل ليس معديًا، ويمكن لجهاز المناعة في كثير من الأحيان محاربته، في الواقع، ثلث سكان العالم لديهم السل الخامل.
أما السل النشط يمكن أن يستمر في أنظمة المناعة الضعيفة، وتشمل الأعراض نوبات من السعال، آلام شديدة في الصدر، تعرق في الليل وفقدان للشهية، ويرتبط ارتفاع نسبة فيروس الإيدز بارتفاع حالات السل حيث أن أجهزة المناعة الضعيفة تصل لمرحلة يكاد يكون مستحيلا أن يقاتل البكتيريا.
ترك السل علامته في العلم بأكثر من طريقة، في القرن التاسع عشر، كان السل غالبا ما ينتشر عن طريق الحليب، وأدى ذلك إلى تطوير تقنيات تعقيم اللبن للقضاء على بكتريا السل فيه.
الملاريا
الملاريا هو مرض معدي ينقله البعوض ويسببه الطفيليات، ويظهر على المصابين أعراض تشبه الأنفلونزا، ولا تزال الملاريا واحدة من أخطر الأمراض القاتلة في العالم، حيث أصابت أكثر من 200 مليون شخص في عام 2016، وتسببت في موت ما يقرب من 500 ألف شخص.
وسبب شهرة الملاريا هو دورها المحتمل في موت الإسكندر الأكبر، وعلى الجانب الطبي، ساعد الملاريا العلماء ليفهموا بعض أساسيات نقل الأمراض، وكيف يمكن للحيوانات التي تحمل الأمراض أن تصيب البشر وما يمكن عمله لوقفها.
وباء الكوليرا
يمكن للكوليرا أن يسبب أعراض قاتلة في أقل من 3 ساعات، وهو مرض يؤدي للإسهال بسبب بكتيريا تنتشر عادة من خلال المياه أو أنظمة الغذاء التي تفتقر إلى الصرف الصحي المناسب، وعلى الرغم من أن جذور المرض كانت في دلتا "الجانج" في الهند، انتشر الكوليرا منذ ذلك الحين في جميع أنحاء الكوكب، حيث اجتاح جنوب آسيا عام 1961 ووصل أفريقيا عام 1971 وضرب الأمريكتين في 1991.
هناك ما يصل إلى 4 ملايين حالة مصابة بالكوليرا كل عام، مع ما يزيد على 100 ألف حالة وفاة، واعتبارا من 28 يوليو 2010، قررت الأمم المتحدة الاعتراف صراحة بمياه الشرب النظيفة كحق من حقوق الإنسان، وهو قرار يرتبط بطبيعته بانتشار البكتيريا التي تنقلها المياه.
تعليقات الفيسبوك