إدمانه للقمار جعله ينفق كل راتبه الشهري في أسبوع واحد، ولتعويض خسارته، أقدَمَ على القتل من أجل الحصول على الأموال، وشجعه على ذلك ثقته في نفسه كـ"طبيب شرعي قديم ومحترف"، حيث اعتقد أن ارتكابه لهذه الجريمة ليس بالصعوبة المتوقعة، فبالتخطيط الدقيق يستطيع أن يفعلها باتقان دون أن يكشفه أحد.
ولرفضها إعطائه أي بنس من ثرواتها بسبب إدمانه على القمار، بدأ الطبيب الشرعي "دوجلاس مور" التفكير في قتل زوجته "ألينا"، بعد أن أصبح يكرهها لهذا السبب، إلى جانب خذلانها له بعد أن ظل ولمدة أسبوع كامل، يتوسل إليها، رغم شخصيته الشديدة، إلا أن إصرارها على تركه دون مال ليعود إلى رشده، رسَّخ لديه أهمية التخلص منها.
بين قتلها بـ"السُّم أو دفعها من أعلى السلم أو ضربها حتى الموت".. استبعد دوجلاس كل هذه الخطط التي من الممكن أن تكشفه، من خلال الفحص الجنائي، إلى أن استقر في النهاية على خطة، اعتقد أنها لن تفضحه، بأنه ذهب إلى ولاية، قريبة من بلدته، مستقلا القطار، لشراء مسدس من نوع "سميث" مرتديا شاربا مستعارًا، ونظارة سميكة، وكتب اسما وهميا في أثناء توقيعه على الفاتورة.
بعد عدوته إلى بلدته، توجه إلى مكان للعب القمار مع أصدقائه، وبدأ بالتمثيل أمامهم بشرب الخمر وكأنه "غير متزن"، ما جعل أحد أصدقائه يوصله إلى منزله، ثم تركه وهو يراه مترنحا أمام الباب، وسرعان ما دخل إلى البيت، فخلع معطفه وصرخ مناديا عليها بقوة: "يا ألين"، فاستيقظت الزوجة وذهبت إليه وهي في حالة من الغضب، لتتفاجأ بتصويبه المسدس تجاهها، وإطلاق النار، وفقا لسلسلة مقالات للدكتور نبيل فاروق، تحت عنوان "طب ولكن جنائي".
لم يكن باستطاعة ألين فعل أي شيء سوى محاولتها أن تمد يديها حتى تمسك بما تجده أمامها، وهو معطف زوجها، والذي لم يستطع دوجلاس أن يزيحها من بين يديها بسبب تشبثها به، ما جعله يخلعه لها حتى يستكمل خطته، حيث ذهب إلى غرفة نومها وأخفى ممتلكاتها من مجوهرات وأموال في مكان سري، ثم عاد مرة أخرى لجثتها الهامدة، وارتدى معطفه دُون أن يبعد قبضتها عنه، ثم مسح بصماته على المسدس، واتصل بالشرطة وهو يتظاهر بأنه غير متزن بسبب شرب الخمر.
وعندما جاءت الشرطة مصطحبة معها الطبيب الشرعي الفرنسي "آلان روجيه" زميل دوجلاس، الذي بدأ يروي لهم تفاصيلا صنعها من خياله، بأنه عندما عاد إلى المنزل بعد أن أوصله صديقه، وجد زوجته وهي تنزف، وحينها لم تكن قد لفظت أنفاسها الأخيرة بعد، فأمسكت بمعطفه ورددت اسمه ثم صمتت.
لم يخبر دوجلاس في التحقيقات، أنه كان يحب زوجته، ولكنه أوضح بوجود خلافات بينه وبين ألين، مثل أي ثنائي، وأن ذلك لم يدفعه بالطبع لقتلها، وأثناء ما كانت الشرطة تفتش المنزل وحجرة الزوجة، ذكرت في التقرير اختفاء ممتلكاتها، وأن تشبثها بمعطف زوجها يعني أنه لم يتحرك من مكانه، إلا أن زميله الدكتور روجيه شعر بعدم الارتياح تجاه هذه الجريمة.
وعندما كان روجيه يفحص معطف دوجلاس وجد داخله تذكرة قطار صغيرة تحمل تاريخ نفس يوم الحادثة، وقرر السفر بنفسه في نفس الوجهة، حاملا معه رقم المسدس الذي قُتلت به ألين، وذلك عندما وجد أن زميله زوج المجني عليها لم يُشر في حديثه إلى هذه الرحلة، وبعد التجول في محلات بيع الأسلحة، استطاع التوصل إلى مكان بيعه، إلا أن صاحب المتجر لم يستطع التعرف على صورة دوجلاس من دون الشارب المستعار والمنظار السميك، وعاد الطبيب الشرعي وهو متأكد أن زميله هو من قتل ألين.
كانت ثقة دوجلاس بنفسه، كونه طبيبا شرعيا، ما زالت موجودة، وتجاهل فحوصات روجيه الذي استطاع أن يجد في بطانة المعطف أيضا، بقعة من دماء ألينا، والتي من المستحيل أن تصل إلى هذا المكان بدون أن يخلعه الجاني، فكان هذا ما لم يضع له دوجلاس حسبانا، وأُلقي القبض عليه، بعد أن حلَّ زميله لغز الجريمة.
تعليقات الفيسبوك