يرى بعض العلماء أن هناك أسبابا عديدة تفسر اختلاف الناس حول تفضيل الناس بعض الأطعمة والإحجام عن البعض الآخر، وتتراوح هذه الأسباب ما بين عوامل وراثية وأخرى نفسية، بالإضافة إلى عوامل ذات صلة بالتطور البيولوجي للبشر.
وذكر موقع "بي بي سي" بعض هذه الأسباب وأوردها فيما يلي:
- العوامل الوراثية
يعود اختلاف أذواق الناس حول الطعام إلى الفروق الفردية، وغالبا ما يعزي ذلك إلى الحامض النووي "DNA"، وتساعد الشفرة الجينية لدينا في تحديد كيفية تعامل الدماغ مع الرسائل الحسية، ما يعني أن كل شخص سوف يصدر استجابات مختلفة لمذاق نفس الطعام، وكشفت دراسة أجراها فريق بحثي في جامعة كاليفورنيا عام 2004، أن مراكز الاستقبال الخاصة بحاسة الشم تقع في مناطق من الجينات ذات تباين وراثي أكثر من المعتاد.
وينتج عن هذه الاختلافات الوراثية اختلافا في إدراك طعم ورائحة الأطعمة المقدمة إلى كل شخص، ما يفسر السبب وراء إقبال الناس على الأطعمة أو إحجامهم عنها.
- آلية دفاعية جيدة
لطالما كانت حاستا اللمس والتذوق من العوامل التي تسهم في إنقاذ حياة الإنسان بالفعل، فكان الإنسان الأول في الماضي البعيد مضطرا إلى تطوير طريقة تساعده في اختيار الأطعمة المفيدة وتفادي تناول الأطعمة الضارة.
وهذا يجعلنا لدينا القدرة لتمييز الأطعمة ذات المذاق المُر، والتي يقول العلماء إنها ظهرت كآلية دفاعية ضد السموم الضارة في النباتات، كما يُعتقد أن القدرة على تذوق الطعم الحلو تطورت في الأساس لدى الإنسان الأول من أجل اكتشاف مصادر الجلوكوز أو مصادر الطاقة المتاحة في النباتات، ويرجح أيضا أن ارتفاع نسبة السكر في الدم ما هو إلا قدرة بدائية تطورت من أجل الحفاظ على الحياة قبل أن تصبح الأطعمة متوافرة طوال الوقت كما هي عليه اليوم.
- ربما تحدد الطعام الذي تفضله قبل مولدك
تتأثر حاسة التذوق بالعقل أيضا، إذ يري علماء النفس أننا غالبا نتعلم ما نحب وما لا نحب من أنواع الطعام، وتبدأ عملية التعلم هذه في مرحلة مبكرة جدا عندما نكون أجنة في بطون الأمهات، وكشفت دراسة فرنسية سابقة، أن الأجنة تتعلم تمييز الروائح من خلال النظام الغذائي الذي كانت تتبعه الأمهات.
فالأطفال المولودون لأمهات كن يتناولن الثوم خلال فترة الحمل على سبيل المثال، يميلون في الغالب إلى تفضيل رائحة الثوم، مقارنة بغيرهم من الأطفال الذين لم يتعرضوا لتلك الرائحة وهم في بطون أمهاتهم، وعندما نصل كأطفال إلى سن الثانية، نستطيع أن نتناول جميع أنواع الطعام، كما تقول إليزابث فيليبس، الأستاذة في جامعة أريزونا.
وتضيف أنه بعد هذه السن يطور الأطفال مخاوف تجاه الأطعمة الجديدة التي يتناولونها للمرة الأولى.
وتتابع: "الآباء والأمهات يعتقدون أن الأطفال يحبون هذا الطعام أو يكرهون ذاك، لكن الحقيقة هي أنهم لا يحبون أي طعام جديد، لكن هذا الإعراض عن أنواع معينة من الطعام قد يدوم طوال العمر، كما يمكن أن تتكون كراهية تجاه بعض الأطعمة من خلال ما يعرف بـ(الارتباط الشرطي)، إذ يمكن أن يكره الشخص طعاما ما طوال حياته حال إصابته بمرض عند تناوله للمرة الأولى في صغره".
- اختلاف الجنس يتحكم في علاقة حب وكراهية الأطعمة
توصلت دراسة كندية أجراها فريق بحثي في جامعة مانيتوبا، إلى أن الناس يربطون بين الأطعمة الصحية والأنوثة، بينما يربطون بين الأطعمة غير الصحية والذكورة، وقالت ليوك زهو، باحثة شاركت في إعداد هذه الدراسة: "أكد المشاركون في الدراسة أن الطعام كان له مذاق جيد في الحالات التي كان فيها توافق بين كون الطعام صحيا ونوع الشخص الذي يتناوله".
وأيضا تؤثر الثقافة والبيئة التي يوجد فيها الشخص فيما يمكن أن يأكله أو يشتهيه، وهو ما يؤكد على دور الصور النمطية الخاصة بنوع الشخص في تحديد ما يحب وما يكره من الأطعمة.
- لا داعي للقلق فيما تحب أو تكره من طعام
بالرغم من هذه العوامل التي تتحكم فيما نحب أو نكره من الأطعمة، يمكننا أن نغير عادات الغذاء الخاصة بنا كأن نكره طعاما ما كنا نحبه أو نحب طعاما كنا نكرهه، ويمكنك الاعتماد في ذلك على تناول الكثير من أنواع الطعام، فكلما كثرت أنواع الطعام التي نتناولها، كان من السهل علينا أن نغير الأنماط الغذائية التي نتبعها.
وتشبه تجربة تغير الأذواق تجاه الأطعمة والمشروبات خدعة نمارسها على الدماغ بهدف توجيهه إلى أن يحب نوعا ما من الطعام أو الشراب، إذ يمكننا مثلا إضافة السكر إلى الخضروات أو تغيير لون الطعام أو الشراب.
تعليقات الفيسبوك