يجلس وحيداً أمام محله الصغير، الذى يتسع بالكاد لفرن كبير لم يتغير موضعه منذ أكثر من 50 عاماً، لصناعة الكنافة البلدى، المهنة التى ورثها يونس محمد عن والده، ويعيش من عائدها طوال السنة. قرر الابن الأكبر مساعدة والده وتعلم صناعة وبيع الكنافة البلدى، وتوزيعها فى مناطق متنوعة سيراً على قدميه، لزيادة المبيعات، بعد أن كسا الشيب ملامح والده: «اشتغلت فى مهن كتيرة، بس قلت فى الآخر صنعة أبويا أولى بيّا، كان هو بيبيع فى المحل وأنا بألف فى الشوارع، وكبرت على ده الحال عشان أقدر أصرف على ولادى الستة، لحد ما رجلى اتبهدلت من كتر المشى».
فى الصباح الباكر يبدأ «يونس»، صاحب الـ62 عاماً، عمله داخل المحل، الذى يقع فى شارع الزاوية بمنطقة الخانكة، بنفس أسلوب وأدوات والده، بما فى ذلك الفرن البلدى الذى بناه والده بيده، معتمداً على أدوات نحاسية طويلة الأجل وغير مؤثرة على الطعم، مستخدماً غطاءً من القماش المبلل، للحفاظ على الكنافة وجعلها طازجة طوال اليوم.
يرفض «يونس» النصيحة التى قدمها له كثيرون باستخدام فرن آلى، رغم احتياجه إليه لتقليل الجهد المبذول فى صنع الكنافة: «اتعودت على القديم، سواء الفرن، أو الأدوات لازم تكون عمولة.. الصينية والكوز لازم يبقوا نحاس، عشان الكنافة تطلع بالطعم اللى الناس أخدوا عليه، والفرن الآلى حاجة تانية خالص».
لـ«يونس» زبائن من مناطق مختلفة، اعتادوا على شراء الكنافة التى يصنعها بيده، ولا يجدونها فى كثير من الأماكن حتى خلال شهر رمضان، رغم ارتفاع سعرها عن المصنوعة فى فرن آلى: «بيجيلى زباين من حلوان عشان يشتروا الكنافة البلدى بـ20 جنيه للكيلو، أصلها متعوب فيها وطعمها مختلف عن الآلى، المشكلة الوحيدة بالنسبة لى إن شغلى متوقف على محبى الكنافة البلدى، اللى بقت زى العملة الصعبة».
تعليقات الفيسبوك