الحضارات القديمة كانت قادرة دائما على إثارة دهشة علماء ومفكرين عصرنا الحالي، بسبب قدرة تلك الحضارات على التوصل لنظريات وحقاق علمية صحيحة، في وقت كان العلم فيه مازال يخطو خطواته الأولى، من أشهر الأمثلة النظريات والاكتشافات العلمية للعلماء والمفكرين القدماء، استنتاجهم لنظرية كروية الأرض، قبل آلاف السنين من اختراع كل الأجهزة التكنولوجية الحديثة والأقمار الصناعية في عصرنا الحالي.
الفكرة التي كانت سائدة قديمًا بأن الأرض مسطحة
كانت فكرة القدماء عن الأرض أنها جسم دائري مسطح، وأن السماء عبارة عن قبة تغطي سطحه بشكل نصف كروي، وكان ذلك الاعتقاد قويا جدا، لدرجة أنه ظل يفرض نفسه حتى القرن الخامس عشر الميلادي، وكان هناك أيضاً العديد من النظريات الأخرى في الحضارات القديمة، مثل نظرية الأرض المستطيلة، والأرض المربعة، والأرض المكونة من كتلة ذات سبعة أدوار، وفقاً لما نشره موقع "Science ABC".
بداية ظهور نظرية كروية الأرض في الحضارة الإغريقية
تعود أصول نظرية كروية الأرض على الحضارة الإغريقية، وبالرغم من ذكر بعض الفلاسفة والفلكيون الإغريق للنظرية، إلا أنها لم تجني شهرة واسعة إلا بتبني الفيلسوف الإغريقي "سقراط" لها، حيث لاحظ سقراط أنه عند حدوث خسوف للقمر، فإن الظل الذي تتركه الأرض على القمر يكون ظلا دائريا، وهو ما يعني أن الأرض لها شكلا كرويا. سقراط استشهد أيضاً بالشكل الكروي للشمس والقمر، وهما جرمان سماويان مثل الأرض، وحقيقة أن شكلهما يكون دائري دائما هو دليل آخر على كروية الأرض.
كروية الأرض تحظى بدليل جديد من إراتوستينس
عالم إغريقي آخر، إراتوستينس، تمكن من استنتاج أن الأرض كروية، وذلك عن طريق ملاحظة الفرق بين ظل قرص الشمس في قاع بئر مملوءة بالمياه. لاحظ إراتوستينس أنه في يوم 21 يونيو، فإن الظل الناتج عن سقوط أشعة الشمس على مياه بئر بمدينة أسوان كان يدل على أن أشعة الشمس عمودية تماما على البئر، بينما اختلف شكل الظل في بئر أخرى بمدينة الإسكندرية الواقعة في أقصى شمال مصر، حيث كان الظل مائلا بزاوية سبع درجات تقريبا.
استخدم إراتوستينس تلك المعلومة في حساب قطر الأرض أيضاً، حيث أنه كان معروفاً وقتها أن الدائرة تتكون من 360 درجة، ما يعني أن السبع درجات التي لاحظها إراتوستينس تمثل 1/50 من قطر الأرض، وبحساب المسافة بين كلا من أسوان والإسكندرية (وهي المسافة المكافئة للسبع درجات التي تمثل 1/50 من قطر الأرض)، وبضرب تلك المسافة في 50، فإن إراتوستينس استنتج أن قطر الأرض يبلغ 250 ألف ستاديا، وهي وحدة كانت مستخدمة في بلاد الإغريق، قيمتها تتراوح بين 185 و192 كيلومترا.
الاستدلال على كروية الأرض من خلال سفن البحر
بعض المفكرين القدماء أيضا استنتجوا الشكل الكروي للأرض بطرق أكثر بساطة، فلاحظ بعض الفلاسفة والعلماء أن السفن عندما تكون متجهة نحو الميناء أو اليابسة، فإن الصاري هو أول جزء يظهر منها بالنسبة للشخص الواقف على الأرض، واعتبره البعض دليل كاف على تحدب سطح الأرض، حيث أنه لو كانت الأرض مسطحة تماما إذا لبدات السفينة في الظهور كاملة.
تعليقات الفيسبوك