صورة متشحة بالسواد تعلو عمارة 94 بشارع 105 بمنطقة المعادي، يميزها ضحكة لشخص يعد بمثابة الأب والمؤسس لذلك المكان، مدونا أسفل الصورة كلمات مؤثرة تقول "مؤسسنا، قائدنا، وضع دورنا، ارقد في سلام".. هكذا فكر مجلس إدارة وموظفوا شركة "link development" التابعة لمجموعة "A 15"، وداع وتخليد ذكرى خالد بشارة، مؤسس ذلك الكيان والرئيس التنفيذي لشركة أوراسكوم للتنمية القابضة.
وبخلاف "الصورة" التي وجدت مكانها أعلى المبنى، انتشرت صور"بشارة"، الذي لقي مصرعه بحادث سير أعلى الطريق الدائري اتجاه ميدان الرماية، الجمعة 31 يناير، أي قبل شهر من الآن، بأرجاء الشركة يزينها شعار مضمونه "سنجعلك فخورا بنا"، بجانب إطلاق صفحة على الموقع الإلكتروني للشركة تضم جميع الذكريات والمشاعر التي نشرت عن "الأب المؤسس" عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
في رثاء المدير خالد بشارة.. فريق عمل "لينك": كان "سوبر هيرو" ومتواضعا ومثلا أعلى
محبة فريق العمل لخالد بشارة لم تأتي من فراغ، فتلك الشركة تعد أول مكان أسسه "بشارة" عام 1996، تحت اسم "لينك دوت نت"، واستمر حتى يومنا هذا، ورغم تركه رئاسة مجلس الإدارة واكتفائه بكونه المؤسس وصاحب الشركة نظرا لانضمامه لعالم الأعمال بكبرى الشركات العالمية، لكنه لم ينس يوما التواجد في منزله الأول الذي أظهر بعد رحيله معنى فقدان "الأب المؤسس".
وفي أغلب حوارات "بشارة"، كان دائم الحديث عن أهمية فريق العمل، آخرهم لقائه مع "الوطن"، 12 يناير الماضي، والذي أكد خلاله أن نجاح أي مشروع يتوقف على الفريق الجيد المتكامل وليس الإدارة فقط، ففي حالة كانت الإدارة قوية والفريق ضعيفاً حتماً سيفشل هذا المشروع، أما في حالة وجود فريق جيد وإدارة ليست قوية، فإن هناك فرصاً لنجاح المشروع، وإذا كانت الإدارة جيدة والفريق جيد، فسيحقق المشروع نتائج هائلة.
ما قاله "بشارة" لم يكن مجرد كلام مرسل خلال الحوارات الصحفية والتلفزيونية، لكنه كان نموذجا يسير عليه، وهذا ما أكده عدد من الموظفين الذين تعاملوا مع الراحل بشكل مباشر؛ إذ التقت "الوطن"، معهم بالشركة الأولى التي أسسها "بشارة"، متحدثين عن ذكرياتهم مع "الأب المؤسس" والـ"السوبر هيرو"، بحسب ما وصفوه.
جوزيف سامح: رحيله صدمة.. وكنت دائما منبهر بشخصيته وتواضعه
"قابلته بعد التخرج أثناء مقابلة العمل في شركته عام 2002".. هكذا تحدث جوزيف سامح، مدير عام بشركة "link development"، عن أول لقاء بـ"بشارة"، والذي وصفه وقتها بأنه كان ودودا يحاول معرفة إمكانياته حتى يضعه في المكان المناسب، وتوالت الأيام ويزداد الموظف الشاب انبهارا بمديره الذي لا يستغل قوته أو مكانته بل دائما يتعامل بتواضع وقرب مع عائلته التي أسسها تحت مسمى "اللينكاوية".
مواقف عدة مرت كشريط أمام جوزيف سامح، عن مديره الراحل، حكى موقفا منها ويبدو عليها التأثر؛ إذ قال إن "بشارة" عادة ما يحضر الاجتماعات السنوية، وفي واحدة منها قرر التغيب لظروف خارجة عن إرادته لسفره بالولايات المتحدة، مستكملا: "كان هيحضر الاجتماع عن طريق خاصية الفيديو كونفرانس، وفجأة لقيناه دخل، كل الناس فرحت وسقفت، حسيت وقتها إنه سوبر هيرو مش موجود زيه".
وبخلاف البطل، خالد بشارة، في عيون "جوزيف" بمثابة القدوة، الذي آثر رحيله عليه وجعله يعيش حالة صدمة لفقدانه الفرد المؤثر بعائلته، والذي تعلم منه العديد من بينها التركيز على الهدف وتحقيقه مهما صعوبته، والإيمان بأهمية وقدرات العمل.
محمود أبو المكارم: خالد كان مليئا بالطاقة ويثق في قدرات فريقه
ما تعلمه "جوزيف"، من خالد بشارة، ذكره أيضا محمود أبو المكارم، رئيس القطاع المالي بشركة "A15"، بجانب الإيمان بالقدرات الفردية التي تستطيع تحقيق أي شئ، واصفا مديره بـالشخص الملئ بالطاقة الإيجابية.
بداية تعرف "محمود" و"خالد"، ترجع إلى عام 2005، فكانت عبارة عن علاقات شخصية بعيدة عن العمل، كونهما تقابلا في مناسبات اجتماعية تنظمها الشركة والراحل دائم حضورها، مثل مباريات كرة القدم، أما عن أول لقاء عمل كان خلال رحلة سفر إلى "فرنسا".
وقبل التعارف الفعلي، سمع "محمود"، عن المؤسس للشركة من قبل الكثيرين وتضمن ما قيل عنه "شخص ناجح، أسطورة في الشغل بيضغط على الناس وهو واثق في قدرتهم بشكل كبير".
وبعيدا عن علاقات العمل والتعامل مباشر، رأت كريستين رزق الله، محللة نظم الحاسب الآلي، من "بشارة"، جانبا آخر، وهو "الجانب الإنساني"، وذلك عندما جاء شخص يطالب بتبرعات لدور الأيتام، وفي ظل انشغال "بشارة" المستمر ترك ما بيده واستقبله بالفعل، لتلتمس موظفته به جانب الخير.
أول لقاء لـ"كريستين" مع "بشارة"، كان عام 1997، حينما جاءت للعمل بشركته لمدة مؤقتة، وبعدها أبلغها أنها أصبحت عضوا دائما بفريق العمل، راوية أحد المواقف التي واجهتها في البداية، "كنت مش عارفة أقوله إيه حضرتك ولا أستاذ لكن هو طلب مني أقول خالد دايما كان متواضع وبيحب الكيان اللي بناه".
عادة ما كان يتعامل "خالد" مع فريق العمل بمبدأ "العائلة"، وعادة ما ينصحهم أن يركزوا على هدفهم المراد تحقيقه، بحسب "كريستين"، التي تعلمت منه حب ما تعمله وحرصها على إضافة قيمة له.
وبخلاف علاقة العائلة والمدير، جمع "خالد" بجمال سليم، المدير التنفيذي لشركة "لينك داتا سنتر"، علاقة صداقة وأخوة قرابة الـ 20 عاما، فدائما كانا يجتمعان لحضور المباريات بالملاعب أو المشاركة بلعب الرياضة والسفر معا، فيقول "جمال": "خالد من الشخصيات الجذابة التواجد حواليه متعة، دائما كلنا بنشارك في قرارات الشركة".
وخلال الحديث، تذكر "جمال"، عشق صديقه للنادي الأهلي، وممارسة هواية لعب الكرة، فضلا عن آخر مكالمة جمعته به قبل رحيله بـ3 أيام، والتي كانت مضمونها العمل فقط، الأمر الذي جعله لم يصدق خبر فقدانه "خالد" في بداية الأمر.
"خالد نموذج إيجابي لن يتكرر".. بتلك الجملة رثي جوزيف ميلاد، مدير عام قطاع "لينك داتا سينتر"، "بشارة"، متذكرا البداية التي جمعتهما عام 1996، مع بداية شركة "لينك.نت"، قائلا إن العلاقة بينهما مؤثرة بشكل قوي، وعلى الرغم من أنهما من نفس العمر، إلا أن "بشارة" كان شخصا قادرا على القيادة، ويهاب منه الجميع باحترام وحب.
ومن المواقف التي لن ينساها "جوزيف"، ذلك الموقف العائد إلى عام 2001، عندما كانت الشركة تعمل على أحد المشاريع، ووجد به عددا من الأخطاء والمشاكل، لكن "بشارة" ركز على الجانب الإيجابي، وقرر تكريم "جوزيف" بجائزة على مستوى الشركة لإيمانه بمجهوده وما قدمه.
تعليقات الفيسبوك