تم تأكيد حالتين من الطاعون الدبلي مؤخرًا
في يوم 6 يوليو الماضي، تصدرت دولة الصين عناوين الأخبار بجميع وسائل الإعلام في العالم، بعدما أعلنت مستوى الخطر الثالث لتفشي مرض الطاعون الدبلي، إثر إصابة شخصين بالمرض، لترتفع حصيلة المصابين إلى ثلاثة.
وقال المركز الوطني للأمراض الحيوانية بالصين، إن صبي يبلغ من العمر 15 عاما، أصيب بالطاعون الدبلي والمعروف باسم (الموت الأسود) في إقليم جوفي التاي الغربي المنغولي، بعد تناوله لحم حيوان المرموط الحامل للعدوى ليصاب بحمى شديدة ويتوفى بعد ثلاثة أيام، وفقا لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
حيوان المرموط السبب
وذكرت تقارير وسائل الإعلام المحلية، أن الصبي الذي لم يتم الكشف عن هويته تناول لحم حيوان المرموط مع صديقين له قبل أن يتوفى بعد ثلاثة أيام من ظهور الحمى عليه، الأمر دفع الحكومة لدق جرس الإنذار، ويعيش عشرات الأشخاص الذين كانوا على اتصال به في عزلة حالية بمنازلهم خوفا من تفشي العدوى أكثر وتحولها لجائحة جديدة يصعب السيطرة عليها، كما تم فرض إغلاق في خمسة أحياء أو مقاطعات لوقف الانتشار.
وتم تأكيد حالتين من الطاعون الدبلي مؤخرًا في مقاطعة خوفد المجاورة ، وهما لرجل يبلغ من العمر 27 عامًا، وشقيقه، 17 عامًا، كما تم تطعيم المئات بعد اتصال مباشر أو غير مباشر مع الشقيقين.
وفي أبريل عام 2019، توفي زوجان بسبب الطاعون الدبلي في مقاطعة بيان أولغي المنغولية الغربية بعد تناول لحم المرموط الخام، واعترفت وزارة الصحة المنغولية بأن مناطق ألتاي الجبلية في الصين وروسيا وكذلك منغوليا معرضة لخطر الإصابة بالطاعون بسبب حيوانات المرموط المصابة، بناءً على دراسة جديدة.
وقال دورج نارانجيلل، المسؤول البارز، إنه من "المهم للغاية عدم اصطياد حيوانات المرموط أو تناول لحمها نظرا لكونها سامة للغاية وتحمل مرض الطاعون الرئوي القاتل، والمرموط أو الغرير هو من فصيلة القوارض وينتمي إلى عائلة السناجب.
وقتل الطاعون من قبل 200 مليون شخص في القرن الرابع عشر، وهو فتاك للغاية ما لم معالجته خلال الـ24 بعد الإصابة.
ماهو الطاعون؟
الطاعون مرض من الأمراض المعدية الموجودة لدى بعض صغار الثدييات والبراغيث المعتمدة لها، وقد يُصاب الناس بالطاعون إذا ما تعرضوا للدغ البراغيث الحاملة للعدوى، ويظهر عليهم الشكل الدبلي للطاعون.
وقد يتطور الطاعون الدبلي في بعض الأحيان ليتحول الى طاعون رئوي، وذلك عندما تصل البكتيريا إلى الرئتين، وانتقاله من شخص إلى آخر أمرٌ ممكنٌ من خلال استنشاق رذاذ الجهاز التنفسي المصاب بالعدوى من شخص مصاب بالطاعون الرئوي.
والمضادات الحيوية الشائعة فعالة في علاج الطاعون، في حالة تقديمها في وقت مبكر للغاية، لأن مسار المرض عادة ما يكون سريعاً.
يعد الطاعون الدبلي أكثر أشكال الطاعون شيوعاً على الصعيد العالمي، وهو ينجم عن لدغة برغوث حامل للعدوى، ويخترق الفيروس الجسم في موضع اللدغة ويعبر الجهاز الليمفاوي لتصل إلى أقرب عقدة ليمفاوية وتتكاثر فيها، ثم تلتهب العقدة الليمفاوية وتتوتر وتصبح مؤلمة ويُطلق عليها اسم "الدبل"، وفي مراحل العدوى المتقدمة، يمكن أن تتحول العقد الليمفاوية الملتهبة إلى قرحات مفتوحة مليئة بالقيح، وفقا للموقع الرسمي لمنظمة الصحة العالمية.
ويُعتبر انتقال الطاعون الدبلي بين البشر أمراً نادر الحدوث، ومن الممكن أن يتطور وينتشر إلى الرئتين، فيما يُعرف باسم الطاعون الرئوي والذي يُعتبر من أنواع الطاعون الأكثر وخامة وخطورة.
الطاعون الرئوي
أما الطاعون الرئوي أو طاعون ذات الرئة – هو أشد أشكال الطاعون فتكاً، وقد لا تزيد فترة حضانته على 24 ساعة، وأي شخص مصاب به قد ينقل المرض عن طريق الرذاذ إلى البشر الآخرين.
والطاعون الرئوي غير المعالج يكون مميتاً، ما لم يتم تشخيصه وعلاجه في وقت مبكر، ومع ذلك، فإن معدلات التعافي تكون مرتفعة إذا تم اكتشاف المرض وعلاجه في الوقت المناسب (في غضون 24 ساعة من ظهور الأعراض).
أعراض الطاعون الدبلي والرئوي
عادة ما تشمل الأعراض ظهور حمى مفاجئة في البداية، ورعشة، وآلام في الرأس والجسم، وضعف وقيء وغثيان.
وقد تظهر أيضاً الغدد الليمفاوية المؤلمة والملتهبة أثناء الطاعون الدبلي.
فيما تظهر أعراض الشكل الرئوي بشكل سريع بعد العدوى (أحياناً خلال أقل من 24 ساعة)، وتشمل أعراضاً تنفسية وخيمة مثل ضيق النفس والسعال، الذي يصاحبه البلغم الملوث بالدم في كثير من الأحيان.
ويتراوح معدل وفيات الطاعون الدبلي بين 30٪ و60٪، في حين يكون الشكل الرئوي مميتاً في حالة غياب العلاج، ولكن معدلات التعافي من النوعين جيدة إذا ما عُولج الناس في الوقت المناسب.
وقد تتسبب جثة شخص تُوفي إثر إصابته بالطاعون في الإصابة بالعدوى للأشخاص المخالطين له عن كثب، من قبيل من يعدون الجثمان للدفن. ومصدر العدوى هو البكتيريا التي لا تزال موجودة في سوائل الجسم.
البراغيث عامل رئيسي في نقل الأمراض
ويقول الدكتور شريف حتة، أستاذ الفيروسات والطب الوقائي، إن الفئران وبعض أنواع الأرانب تحمل بكتيريا تعرف باسم "Yersinia pestis"، وهي بكتريا لا هوائية تصيب دماء الفئران وتنتقل إلى البشر من خلال البراغيث التي تنقلها من الفئران إلى الإنسان، وهناك نوع معين من أنواع البرغيث يعرف باسم "Xenopsylla cheopis" أو براغيث الفئران الشرقية، هي المسئولة عن إصابة البشر بالطاعون، حيث تلدغ الفئران ثم تمتص دمائها وبعد ذلك تقرص الشخص وتنقل له المرض.
كيف يصاب الإنسان بالطاعون؟
وذكر أستاذ الفيروسات في حديثه لـ"الوطن"، أنه قد يصاب الإنسان بالطاعون أو العدوى من الفئران بشكل عام من خلال الاحتكاك بالحيوان نفسه مثل أكله، أو تواجد الفئران في مكان عمله أو منزله، أو يحتك بإفرازات من ذلك الحيوان، وهو الأمر الذي يفسر سر انطلاق الفيروسات الأوبئة والفيروسات من الصين بسبب البيئة نفسها التي يعشون بها ونظامهم الغذائي الذي يفرض عليهم أكل الحيوانات البرية بأنواعها المختلفة مثل الصراصير والجراد والفئران والخفافيش.
تعليقات الفيسبوك