الخيط والإبرة رفيق حكي الصديقات على أريكة البيت، يتسامرن ويضحكن وأياديهن تعمل تلقائيًا، بينما الصغير يجلس قبالتهم يتابع الغُرز وتتسع عيونه مع كل خط مستقيم أو دائري يُشكّله الخيط، حفظ الطريقة وأحبها حتى لاحظت الأم وصديقتها، وشرعن في تعليمه، ليبدع بالتطريز على كل شيء أمامه أحذية أو ملابس أو سلاسل، واتخذه طريقًا للمستقبل من سن المراهقة.
أمي وصديقتها علماني التطريز.. واحترفت من سن 17
نشأ عبدالله أنور، 19 عامًا، في بيت "الهاندميد" جزء أصيل منه، كان تظريز الخرز هواية الأم ووظيفتها من منزلها، ترافقها فيه بالساعات صديقتها، التي كانت تعمل بأتيلهات قديمًا، حتى تفرغت للعمل من بيتها أيضًا، إذ يصفها بـ"التطرزجية" وصاحبة الفضل عليه، لاتقانها التطريز والخياطة والتفصيل، حيث كان يجلس إلى جوارها أكثر الوقت بدعم من والدته، ليتعلم فن الغُرز الذي لا نهاية له.
"التطريز مش بتاع البنات"، ذلك ما آمن به عبد الله، وبرهن عليه بعمله في وجه المحيطين وغيرهم على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل 3 سنوات، حينما شرع في احتراف التطريز ومشاركته الجميع ما يفعله بملابسه وكل المحتويات التي تقابله، حتى أنه أطلق اسم "كلشينكان" على مشروعه الذي افتتحه بفضل تشجيع أخته، وكان الاسم اقتراح من والدته "يدل على أن كل شئ ينفع التطريز عليه، فأنا مستعد للتطريز عليه".
حب التميز كان دافع آخر لشغف عبد الله، بالتطريز فأصبح يُطرّز على كل شيء يقابله ويعيد تدويره، فخاض تجربة التطريز على "الكوتشي"، بعدما رأى صديقة له ارتدته في خطوبتها مُرصعًا بخرز اللولي الذي سقط وأفسد مكان الشمع مظهره، فرسم بالخيط مكانه حتى غيّر شكله وأضفى له مظهرًا جذابًا، كما الحال في السلاسل التي تُباع فارغة، إذ أحضرها ورسم على قماش بحجمها وألصقه بها ومنه للملابس و"الكاب" وغيرها من المستلزمات اليومية.
يتفاهم الطالب الجامعي مع القماش، ليرى أنه وراء الانسجام والإبداع الظاهر فيما يفعله، وقرر أن يتخذه مسلكًا لحلمه البعيد عن دراسته بالفرقة الأولى لكلية الآداب قسم التاريخ بجامعة حلوان "بسعى بكل الطرق إني اتعلم الفاشون ديزاين وابدأ فيه".
تعليقات الفيسبوك