بعد أكثر من 40 عامًا على انتشار موال «شفيقة ومتولى» الذي أبدعه المطرب الشعبي ـ صعيدي النشأة ـ حفني أحمد حسن، يعود إلى الأضواء مجددًا، ضمن رسالة ماجستير خُصصت لدراسة الأعمال الفنية التي تناولته، أعدها الباحث حسام عبدالعظيم وتمت مناقشتها في المعهد العالي للنقد الفني.
ويعد «شفيقة ومتولي» من أكثر المواويل الشعبية انتشارًا منذ الخمسينيات وارتبط به اسم مبدعه «الريس حفني» وتخطى كونه موالا، وتنقل بين أعمال فنية متعددة مسرحيات ومسلسلات وأفلام في فترات زمنية متباعدة.
قصة «شفيقة ومتولي»
وتركز قصة «شفيقة ومتولي» على موروث «الثأر للشرف»، الذى دفع «متولي» بطل الموال لقتل شقيقته، بعد أن طالتها اتهامات بالانحراف الأخلاقي ومخالطة الرجال في غيابه، فيما يغلب على المجتمع الذى تدور فيه أحداث القصة، طابع قبلي لا يتهاون مع تلك الانحرافات.
ويقول الباحث حسام عبدالعظيم المتخصص في النقد الأدبي لـ«الوطن» إن رسالة الماجستير التي استغرق إعدادها 3 سنوات تناولت المعالجات الفنية لموال «شفيقة ومتولي» بين عامى 1962-2020، بشكل متكامل، مضيفا أنه اتبع منهج النقد الثقافي لبحث الأسباب التي جعلت من شفيقة ومتولي مادة خصبة استلهمها للكتابة.
10 أعمال تناولت الموال
وتضمنت الرسالة دراسة مستفيضة لـ 6 نصوص مختلفة للموال، و10 أعمال فنية قامت بمعالجتها هي: مسرحيات «شفيقة ومتولي»، لشوقي عبد الحكيم 1962، «شفيقة ومتولي»، لأحمد علام 1971، «طلوع روح»، لزكي عمر 1977، «الليلة نحكي»، لمجدي الجلاد 1988، «غنوة الليل والسكين»، لمتولي حامد 1998، «دم السواقي»، لبكري عبد الحميد 2002، وفيلم «شفيقة ومتولي»، 1978، ومسلسل «شفيقة ومتولي»، 1993، والمسلسل الإذاعي «شفيقة ومتولي»، 1971، والفيلم التسجيلي «شفيقة ومتولي»، 2018.
وقارنت الرسالة بين النصوص الستة، والمعالجات العشرة التى تناولتها، لدراسة الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التى تأثر بها كل عمل فني، واستكشاف أشكال سيادة الرجال على النساء، عبر ثنائية الشرف والعار كمؤشر للسيطرة الاجتماعية.
وضمت لجنة لمناقشة رسالة الماجستير التي أعدها الباحث حسام عبدالعظيم، الدكتور حجاج أبو جبر أستاذ النقد الأدبي (مشرفًا أساسيًا ومناقشًا)، والدكتور زين العابدين أحمد نصار، أستاذ النقد الموسيقي (مشرفًا ومناقشًا ومقررًا)، والدكتور محمد السيد زعيمة أستاذ الدراما والنقد المسرحي مناقشًا، والدكتور مصطفى جاد عميد المعهد العالي للفنون الشعبية ومناقشًا.
التراث هوية وحصن
ويوضح مُعد الرسالة أنه كلما اشتدت الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية كلما كان التراث الشعبي أكثر صلاحية لاستخدامه كمعبر فني في الأزمات، لما يحمله من هوية جعلته حصنا أمينا يستطيع أن ينتقد من خلاله كل مبدع ما يحيطه من أحداث.
ولفتت الدراسة إلى أن الأعمال الفنية التي تناولت «شفيقة ومتولي» انحاز بعضها لصالح «متولي» بينما انحاز آخرون لصالح «شفيقة»، وترى الدراسة أن كلاهما حتى وإن كان قاهرا للآخر بشكل عائلي، فإنه يظل مقهورا من أطراف أخرى بالمجتمع.
وكشفت الدراسة عن صراع دائم بين حضور الخطاب الذكوري المحافظ وبين الخطاب النسوي الذي يهدف للتحرر، نتيجة اختلاف مفهوم الشرف في مقابل العار.
التكنولوجيا في خدمة التراث
ويأمل الباحث حسام عبدالعظيم في أن تكون دراسته حافزا لمزيد من الدراسات لتناول التراث الشعبي، باعتباره أحد الروافد المهمة للفنون التي تمثل المرآة التي يرى فيها المبدع عصره ويحلم به، مؤكدا أن التراث له دور مهم في مواجهة موجه القبح السائدة والعشوائية الفنية الرديئة التي هبطت بالذوق العام.
ولفت الباحث إلى أنه يمكن للتكنولوجيا الحديثة أداء دور الأرشيف التاريخي للتراث، بحيث يمكن بضغطة زر العودة لموروث الأجداد وعادات الشعوب والقبائل والأمثال الشعبية والأزياء، ومن خلال الدعاية الإعلامية والإعلانية يمكن للوسائط الحديثة أن تنشر الثقافة المصرية والتراث الشعبي بشكل عالمي.
تعليقات الفيسبوك