المرأة فى رحلة البحث عن «مكانة»: قادت مصر إلى «بر الأمان»
نساء وصلن إلى البرلمان بعد عقود من الكفاح
اتفق خبراء ونشطاء فى مجال حقوق المرأة على تطور ملف الحريات والحقوق التى حصلت عليها المرأة خلال السنوات القليلة الماضية، حيث حازت 89 مقعداً بمجلس الشعب، مشيرين إلى أن ذلك كان نتاج كفاح عقود مضت للحصول على هذه الحقوق المكتسبة، وتفعيل القوانين التى تخص حقوق المرأة وحرياتها، وأكد الخبراء أن الأمر لا يتعلق بإصدار القوانين فقط لأنها موجودة من خمسينات القرن الماضى، ولكنها لم تكن تطبق وتترجم على أرض الواقع، موضحين أن دور المرأة ظهر جلياً خلال الثورة بعد مشاركتها فى فعاليات الموجات الثورية، أو حتى فى صفوف المصابين والمعتقلين، ورغم كل ذلك لم تحصل على حقوقها كاملة.
فرخندة حسن: تنامى دور المرأة لا ينتقص من الرجل فى شىء.. و«القومى» ساعد فى استخراج مليونى رقم قومى للسيدات.. والنائبات سيحققن «طفرة» فى أداء البرلمان
قالت عزة كامل، مدير مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية «أكت»، إن أبرز تطور فى تنامى دور المرأة خلال السنوات الأخيرة هو مشاركتها فى البرلمان بـ89 مقعداً، وهو رقم لم يكن موجوداً من قبل، كما تم وضع استراتيجية لمناهضة العنف ضد المرأة، لكنها لم تطبق حتى الآن، مشيرة إلى أن البرلمان لم يظهر أداؤهن بعد، وبخلاف مقاعد البرلمان خرجت المرأة للمطالبة بحقوقها بشكل كبير بعد ثورة 25 يناير، موضحة أن المرأة لم تحصل على أى مكاسب بعد الثورة سوى عدد المقاعد التى حصلت عليها فى البرلمان، وبالرغم من أنه ليس بالكبير مقارنة بالدول الأجنبية فإنه كبير فى مصر لأنه يعد المرة الأولى التى تحصل المرأة على مثل هذا العدد من مقاعد البرلمان.
وتضيف سمية الألفى، الخبيرة فى مجال حقوق المرأة والطفل، أن السنوات الأخيرة، وبالتحديد بعد الحراك السياسى فى 2011، أظهرت مشاركة المرأة فى كل الأحداث التى غيرت الوضع السياسى وأنظمة الحكم، وأنها دفعت ثمناً كبيراً من مشاركتها فى المظاهرات والثورات على الأنظمة، فكان منها المعتقلون والمصابون ومعها حدثت أشهر حالات التعذيب، ورغم ذلك لم تترجم جهودها وتضحياتها إلى حقوق تحصل عليها بشكل مباشر، فما حصلت عليه لم يكن كافياً لدورها كامرأة بغض النظر عن أحداث الثورة التى جعلت من بين بعض النساء رموزاً للتعدى أو التعذيب أو الاعتقال.
سمية الألفى: شاركنا فى كل الأحداث التى غيرت الوضع السياسى وأنظمة الحكم.. ودفعنا ثمناً كبيراً فى المظاهرات والثورات
وتشير «الألفى» إلى أن الإعلام يتحامل على المرأة ويظهر فى كثير من الأحيان أنه ضدها بصورة أو بأخرى، من خلال إظهار نماذج سيئة وإهانة المرأة، وعرض ما يتعلق بفضائح أو إبراز مهنة الراقصة والسخرية منها، فى الوقت الذى لم يظهر فيه دور المرأة العاملة والمربية فى آن واحد، معلقة: «بيجيب المرأة المتسلقة والراقصة وبينسى الست اللى بتشتغل طول النهار وترجع علشان بيتها وأولادها والنماذج الكويسة»، موضحة أن القوانين لم تنصف المرأة حتى وإن كانت هناك بعض القوانين التى وُضعت لها مؤخراً، ولكنها على كل حال تحتاج إلى تطبيق على أرض الواقع، فى ظل نظرية مخزية يوجهها المجتمع إلى المرأة ويختزلها فى حوادث مشينة وينظر لها على أنها عورة كنتيجة للفكر السلفى الذى سيطر على الشارع والقرى الفقيرة والمناطق الشعبية، مطالبة بجهود حقيقية من الدولة فى تغيير ثقافة المجتمع وهى الثقافة السلبية عن المرأة، التى ظلت مسيطرة لعقود عدة.
وبسؤالها عما إن كانت تقصد بالدولة المجلس القومى للمرأة، قالت «الألفى» إنها لم تقصد مجلس المرأة فقط، فالمجلس هو جهة تنسيقية فقط وليست تنفيذية، وإنما تقصد بالدولة فى وزارة التعليم والثقافة والإعلام، إضافة إلى الإعلام الحر، مشيرة إلى ضرورة وجود منظومة تضع المعايير التى تحترم المرأة وتمنحها كامل حقوقها، وأن الدولة تربى وتنشئ إنساناً كاملاً سواء رجل أو امرأة، وأن البداية تكون فى المدارس ومنها يحمل الجنسان الثقافة والتعاليم التى تضبط المجتمع، متابعة: «أنا بتكلم على الحكومة والتعليم والثقافة والمجتمع المدنى والبرلمان اللى لازم يمرر التشريعات والقوانين اللى تحترم المرأة وتدافع عنها»، وأشارت إلى الأمر لا يتعلق بإصدار القوانين فقط، لأن إصدار القوانين سهل ولكن من الصعب تغيير أفكار راسخة فى عقول مجتمع منذ عقود، وأنه لا بد من متابعة تنفيذ القوانين وتدعيم احترامها وتقديرها من خلال الإعلام والمؤسسات التربوية.
عزة كامل: الدور على تطبيق استراتيجية مناهضة العنف ضد المرأة.. ولم نحصل على ما نستحق منذ «25 يناير» حتى الآن
وأضافت «الألفى» أن دور المرأة مهما نما وزاد لا يقلص من دور الرجل أو يؤدى إلى التراجع الذكورى فى المجتمع، لأن تقدم المرأة يعنى تقدم الرجل والأسرة والمجتمع ككل فهى بمثابة قاطرة المجتمع، وشريك للرجل تعاونه بدلاً من شعور الرجل بالمسئولية كاملة، وأكدت أن تصوير المرأة كعبء جعلها هى نفسها تصدق أنها غير قادرة على القيام بالمهام الصعبة، وتلقيها على الرجل كما يحدث فى المجتمع الريفى، متابعة: «النهوض بالمرأة هو نهوض بالمجتمع والدول ككل، ولنا فى الدول الأوروبية أسوة».
وتشير فرخندة حسن، الأمين العام الأسبق للمجلس القومى للمرأة، إلى أن تنامى دور المرأة فى المجتمع بدأ منذ فترات طويلة، لكنه ظهر بصورة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، نتيجة جهود السنوات الطويلة الماضية، موضحة أن المشاركة الفعالة للمرأة فى الاقتراعات الأخيرة، سواء على الدستور أو الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية، كان نتيجة لجهود المجلس القومى للمرأة منذ 10 سنوات ماضية أو أكثر، وأن المجلس القومى للمرأة ساعد على استخراج 2 مليون رقم قومى للسيدات، وأن قبل هذه الجهود لم يظهر دور المرأة فى الانتخابات مثل الانتخابات الأخيرة، مشيدة بعدد مقاعد البرلمان التى شغلتها المرأة، موضحة أن 89 مقعداً يمثل تقريباً 15% هو طفرة ونصر غير مسبوق، موضحة أن الأمر يحتاج إلى إصدار القوانين ومتابعتها.
وتضيف «حسن» أن المرأة حصلت على حقوقها منذ 1956 فى القانون، لكن تفعيل القانون أهم من إصداره، فما زالت المرأة تكافح من أجل تفعيل القانون، لأن النص الدستورى وحده لا يكفى، موضحة أن عدد النساء فى البرلمان يجب ألا يكون السبب فى إصدار القوانين وتطبييقه، بل يجب أن يكون ذلك برغبة رجال المجلس ورجال المجتمع وإيمانهم الكامل بدور المرأة، قائلة: «لو المرأة دخلت البرلمان علشان القوانين اللى تخص المرأة بس يبقى ده غلط، لأنها بتمثل الشعب كله زيها زى الراجل، وكمان فيه رجالة كتير بتدافع عن المرأة»، مشيرة إلى أنها راضية عن دور المرأة الذى تطور فى العقود الماضية ولا بد من استكمال الكفاح للوصول إلى المساواة الكاملة مع الرجل، وأكدت أن نمو دور المرأة ومشاركتها لا يقلل من الرجل لأنها تسير بجانبه وتعاونه، وحريات المرأة لا تقلل من قيمة الرجل فى المجتمع ولا تنتقص منه، متابعة: «هناك فجوة بين عدد الأميين من الرجال والسيدات، لكن ما ننكرش إن المرأة حصلت على حقوق كتير خلال السنوات اللى فاتت، لكنها ما وصلتش لحد المساواة الكاملة اللى كلنا بننشدها».