الصعيدية الوتد
الصعيدية الوتد
ليست امرأة مغلوبة على أمرها، ولا تقف على أطراف أصابعها فى انتظار إشارة من إصبع الرجل، هى «الكبيرة»، وللكبيرة «أمارات»: يقولون إن المرأة الصعيدية تعيش تحت جناح الرجل، دون أن يعرفوا أن المرأة فى الصعيد هى رجل البيت، تحكم وتدير وتكلف وتوزع المهام. يقولون إن امرأة الصعيد أنثى تخاف من جبروت الرجل وترهبها مشاهد الدماء فى حفلات الثأر، دون أن يعرفوا أن المرأة تغضب وتثور وتحرّض الرجال على الثأر، ولا يخفى على «صعيدى» قاعدة «ليس بين الثائر والمثأور به سوى امرأة.. ثارت وغضبت وحرّضت». يقولون إن المرأة الصعيدية هى «ونيسة الضوء الشارد»، و«نصرة سلسال الدم»، و«نوارة الصعيد الجوانى»، ولا يعرفون أن الصعيدية لا تجلس فى مجلس الرجال ولا تلطخ وجهها بألوان الطيف ولا تُخرج ضفيرتها من أسفل حجابها. ورغم قوة المرأة الصعيدية فإنها ما زالت تعانى من مشاكل بدائية عجزت عن الوقوف أمامها: ختان، زواج مبكر، وحرمان من الميراث، تلك هى «الكبيرة» بكل متناقضاتها: قوتها وضعفها، جلدها ويأسها، هدوؤها وثورتها، أنوثتها وذكوريتها، ستظل هذه الجينات مستمرة ومتوارثة جيلاً بعد جيل، وستعجز كل الدراسات والأبحاث الأكاديمية عن فهم واقع المرأة الصعيدية مثلما فشلت الدراما فى فهم هذا الواقع والتعبير عنه.