«أمل» تحارب «السرطان» مع طفلها.. «قلبى عليك يا ولدى»
أمل وابنها
لا تزال فى مقتبل الحياة، امرأة فى السادسة والعشرين من عمرها، تزوجت قبل أن تبلغها بست سنوات، وأثمرت حياتها الجديدة عن ابن يبلغ من العمر 5 سنوات، وتلاه «معتز» ذو الأربع سنوات، لترسم أمل حسن أحلاماً كبيرة مع زوجها يكون أبطالها الولدين، إلا أن القدر ابتلاها فى صغيرها معتز، منذ أن شعرت بكبر بطنه واصفرار وجهه أثناء أدائهم لفريضة الحج، وقررت إجراء فحوصات وأشعة له بالسعودية وقيل لها إنه يعانى من مشكلة فى الكبد، ونصحوها بالنزول به إلى مصر، وفى موطنها «قنا» استشارت الأطباء الذين أشاروا عليها بالتوجه لمستشفى 57357 لإجراء فحوصات أدق، وتفاجأ بعد 3 أيام متواصلة بالمستشفى قضتها العائلة مع الصغير فى الأشعة أنه مصاب بالمرض اللعين «السرطان».
آخر الدنيا ونهاية المطاف، هو الشعور الذى سيطر على «أمل» عند تلقيها خبر إصابة ولدها بالسرطان، فكما قالت: «حسيت الدنيا اسودت فى وشى»، لكن «الصبر» الذى أنزله الله على قلبها دفعها لمواصلة الحياة وتحدى مرض الصغير، بل شجعت زوجها على سفره إلى السعودية لاستكمال عمله، وتركت شقتها فى محافظة قنا وانتقلت إلى القاهرة، بعدما أخبرها المعالجون بمستشفى سرطان الأطفال 57357 بضرورة توجهها به إلى المستشفى إذا جاءته أى مضاعفات عقب جلسة الكيماوى، وخشيت أن تصيبه تلك الأعراض وهى فى بلد بعيد بينه وبين المستشفى ساعات طوال قد تزيد من ألم «معتز».
تحاول دعم صغيرها بتركيب «كانيولا» فى يديها مثله وترفض منعه من اللعب حتى لو كان مجهداً وفى حالة إعياء
تخلت الأم العشرينية عن مشاعر الانهيار بالصبر والصلاة، متيقنة بأن موعد الابتلاء الذى جاء بعد أداء فريضة الحج هو رسالة من الله بأن «قضاء أخف من قضاء»، وفى الوقت الذى تحتاج فيه أى سيدة إلى مساندة الزوج حتى تمر المحنة، لم تعد تُخفف أمل عن نفسها فقط بل وعن زوجها وابنهما أيضاً، فأصبحت تخبر الزوج دائماً بما يطمئنه وإن كان عكس ما يخبرها به الأطباء، لأنه «فى الغربة ومش شايفه قدامه» فتتلقى الصدمات وتخبره بها «بالراحة»، مؤمنة بأن الطبيعة تفرض عليها صبراً من واقع ابتلائها وهى فى مقتبل حياتها وليست عاجزة جسدياً عن متابعة ابنها ومراعاته وتخفيف الآلام عنه.
زادتها الأمهات اللاتى وقعن فى نفس الاختبار صبراً، فجميعهن يعانين من الأزمة نفسها، وتُصبّر كل منهن الأخرى على أمل أن يتم شفاء أبنائهن على خير، إلى جانب رؤيتها لحالات أخرى كثيرة سيئة عن ولدها أو أفضل منه، ومحاولة التخفيف عنه بإخباره بأنه ليس وحده مَن يعانى، ولكنها تجد الصغير «يكبر» قبل أوانه، جلسات العلاج المرهقة وتجربة المرض فاقت فى وعى ابنها عن سنواته الأربع، وأصبح يُصبّرها ويخبرها بأنه سيكون أحسن لأجلها، وأضحى على وعى تام بما يدور حوله وبأنه يأتى إلى المستشفى لتلقى العلاج، وأن الحفلات التى يقيمها المستشفى والهدايا التى تقدمها أشياء من الله جاءت لإسعاده.
«انت راجل.. انت بطل»، عبارات ترددها أمل على مسامع ابنها «معتز»، لتقوى من عزيمته على مواجهة المرض، والسماح له باللعب مع أطفال العائلة رغم إجهاده بسبب جلسات الكيماوى، لكنه أضعف الإيمان بالصبر بالنسبة لها فى رؤيتها للصغير يلعب كباقى ذوى عمره.
يتملك «أمل» اليأس أحياناً وتشعر بالتعب والإجهاد وتحزن كلما رأته ملازماً للفراش، لكنها ترفض الخضوع لذلك الشعور كثيراً، بعدما ترى حالته تتقدم ويتحسّن عما جاء به، وتشاركه وجعه وتطلب منه أن تضع «الكانيولا» مثله فتصبرها ضحكته ورفضه لأن يرى والدته فى مثل حالته ويُبعدها عنها ويكتفى بها لنفسه فقط، فيتبادلان الأمل ويُكملان رحلة العلاج، مجسدة مقولة الإمام على بن أبى طالب: «الصبر صبران صبر على ما تكره وصبر على ما تحب».