حب العمر
أمل محمود
المرأة لديها استعداد فطرى للحب والعطاء الذى يفوق الرجل لوجود دور خطير تلعبه المرأة فى الحياة ألا وهو دور الأم، فالمرأة لديها قدرة عالية على الحب والارتباط سواء بأبنائها أو بشريك الحياة، لكن قد يتحول حب المرأة تجاه الرجل إلا أنه لا يمكن أن يتحول تجاه أبنائها لأى شىء آخر إذا ما كانت أماًَ سوية.
وجميعنا لا ندرك هذا الحب قبل الولادة، نعم نحن نعلم أن أمهاتنا تحبنا لكننا لا نعرف نوع هذا الحب ولا نعطيه أهمية كبيرة بل وفى معظم الأوقات نأخذه كأمر مسلم به، بل وربما نتضايق منه أحياناً إذا ما كانت الأم تخاف بشكل مفرط على أبنائها وتبالغ فى حمايتهم، وكانت هذه هى مشكلتى مع أمى. ولكن بعد أن رُزقت ببنت وبدأت تكبر، اكتشفت أن أمى كانت فى غاية التساهل معنا، وكانت قوية تضحى بتعب أعصابها فى مقابل إسعادنا، فأنا أكثر خوفاًَ وهلعاًَ على ابنتى، فعشق الأم لأبنائها لا يضاهيه أى عشق، فهو غير مشروط، ملىء بالقلق والتضحية التى لا تنتظر مقابلاًَ، فهو الحب المؤكد الوحيد على وجه الأرض، والعلم يثبت لنا ذلك، فالأبحاث الحديثة تقول إن العمليات التى تحدث فى عقل الأم منذ حملها تشبه نفس العمليات التى يسببها الحب الرومانسى وما يصاحبه من سعادة، توتر، خوف ورغبة فى حماية المحبوب (الطفل)، فالعلاقة بين الأم وطفلها تنبع من علاقة بيولوجية عميقة، وهرمون الأوكسيتوسين الذى يربط الأم بمولودها يفرز بمجرد النظر إلى وجه المولود ويستمر إلى آخر يوم فى عمر الأم، وهذا هو نفس الهرمون الذى يربط المحبين ولكن بنسبة أقل من تلك التى لدى الأم.
فحب أمهاتنا لا يتغير مع الزمن أو يشيخ أو يتحول إلى شعور آخر كما يحدث بين المحبين، حب الأم نعمة، هدية لا تضاهيها أغلى هدايا الأرض، فحاولى اليوم أن تشعرى أمك بقبس من حبها لكِ، فالأهم من هدية عيد الأم المادية، الهدية المعنوية؛ الحب، الحنان، الكلمة الحلوة.
وكل سنة وأمى وأمهاتنا جميعاً طيبين دايماًَ يا رب.