هالة فؤاد.. اعتزال من القلب
الفنانة هالة فؤاد
ساعدتها ملامحها الطفولية الهادئة، ورقة إحساسها، وبساطة أدائها، في أن تستحوذ على قلوب وعقول المشاهدين رغم قلة أدوارها ورحيلها مبكرًا عن الحياة إلا أنها تركت بصمة مميزة في السينما المصرية.
نشأت هالة فؤاد المولودة في 26 مارس 1958، داخل بيت فني أصيل، حيث إنها ابنة المخرج أحمد فؤاد، ورغم ذلك لم تهتم بالفن في بداية حياتها، ولم يكن دخولها المجال الفني يطرأ على فكرها، وهو ما جعلها تدرس بكلية التجارة، إلا أن شعرت بحبها للتمثيل خلال دراستها بالجامعة فبدأت تفكر جديًا في خوض التجربة.
"عاصفة من دموع"، كان بمثابة تذكرتها الذهبية للدخول إلى عالم الفن، بعد أن رشحها المخرج عاطف سالم، لدور في هذا الفيلم، وهي في السنة الأخيرة بالجامعة، وسط مجموعة من عمالقة السينما المصرية في القرن العشرين وعلى رأسهم الفنان فريد شوقي، والفنانة مريم فخر الدين، إلا أنها استطاعت أن تثبت نفسها بين هؤلاء العظماء، وتحصد جائزتين: الأولى من جمعية الفيلم، والثانية من المجلس الأعلى للثقافة.
"الرجل الذي فقد ذاكرته مرتين"، كان تجربتها الثانية في التمثيل، ولكنه كان بداية وقوع الفنان أحمد زكي الذي كان يقوم بدور البطولة أمامها في حبها، واتخاذه قرار الزواج منها واستكمال حياته معها لتصبح "هالة" زوجته الأولى والأخيرة.
رغم قصة الحب الكبيرة التي ربطت بين هالة وزكي، والتي توجت بإنجابهما لابنهما "هيثم"، إلا أن زواجهما استمر لمدة عامين فقط، بعد أن رفضت "فؤاد" التخلي عن عملها بالسينما التي كانت الشرارة الأولى في قصة الحب الكبيرة التي جمعتهما معًا، وافترق الحبيبان، وأكملت هالة مسيرتها الفنية، لتشارك في الفوازير التي جمعتها بالفنان يحيى الفخراني والفنانة صابرين، والتي كانت بعنوان "مناسبات".
رغم انفصال هالة وزكي وتحطم قصة الحب الكبيرة التي نشأت بينهما إلا أنها ظلت حبه الأول والأخير، ولم يتزوج بعدها، وكان لا يخجل بالتصريح بأنه ظلمها وظلم نفسه حين حاول إجبارها على التخلي عن فنها، ففي حوار له قال الفنان أحمد زكي: "كنت أحلم ببيت وأسرة كبيرة، وهالة كانت إنسانة راقية ولطيفة ومهذبة، ومثلت معها ووجدتها نموذجًا هائلًا وتوسمت فيها زوجة رائعة وكانت متخرجة حديثًا من كلية التجارة، اعتقدت أنها لا تحب الفن واكتشفت أنها تعشقه".
وأضاف زكي: "وبعد الإنجاب قررت هالة أن تعود للفن، رفضتُ وفشلتُ في إقناعها وأصبحت عصبيًا معها لأقصى درجة، أردت أن أحميها من هذا العالم القاسي بأضوائه ومشكلاته التي لا تنتهي، لم نحتمل العناد، انفصلنا، وأعترف أني ظلمتها لأني استغرقت في حلمي لتأسيس بيت وعزوة لكن الحلم انتهى".
لم تتوقف حياة هالة فؤاد العاطفية بعد انفصالها عن حبها الأول، واستطاعت خوض التجربة من جديد عام 1990، حينما تزوجت من عز الدين بركات، الخبير السياحي، لتنجب منه ابنها الثاني رامي، ولكنها عانت من مضاعفات ولادة متعسرة خلال ولادتها له، حيث أصيبت بجلطات متلاحقة في رجلها وكانت على وشك الموت، فشعرت بأن الحياة قصيرة، وقررت أن ترتدي الحجاب وتعتزل التمثيل وتتفرغ لحياتها الزوجية ولعبادة الله، بعد أن قدمت نحو 24 عملًا سينمائيا ودراميًا.
بعد اعتزالها الفن أصيبت هالة فؤاد بسرطان الثدي، فذهبت إلى فرنسا لعلاجه، ولكنه ما لبث أن عاودها مرة أخرى، لتدخل في غيبوبة متقطعة، وترحل عن الحياة في 10 مايو عام 1993 وعمرها 35 عاما.