محللون: قرار "العليا الإسرائيلية" بشأن استثمار الغاز في المتوسط يوجه ضربة لنتنياهو
نتنياهو
يرى محللون أن رفض المحكمة العليا الإسرائيلية، الاتفاق الموقع بين الحكومة وكونسورسيوم إسرائيلي أمريكي لاستثمار احتياطي الغاز في المتوسط، من شأنه عرقلة طموحات بنيامين نتنياهو في تحويل إسرائيل إلى مصدر للغاز الطبيعي، من دون أن يلغي هامش المناورة لديه.
ورفضت المحكمة الإسرائيلية العليا، الأحد الماضي، اتفاقا مثيرا للجدل وقعته حكومة نتنياهو مع كونسورسيوم إسرائيلي-أمريكي للتنقيب عن الغاز في مياه البحر المتوسط، وعزت قرارها إلى وجود بند "غير مقبول" في الاتفاق كونه يحول دون تغيير نص الاتفاق لـ10 أعوام.
وكان نتنياهو مثل أمام المحكمة ليدافع عن الاتفاق في فبراير، في سابقة في تاريخ إسرائيل، وقال أمام القضاة: "الاتفاق الحالي لا بديل منه، وعدم الموافقة عليه سيؤدي إلى تداعيات سلبية على البلاد".
ووصفت صحيفة "هآرتس" اليسارية قرار المحكمة، بأنه من القرارات الأكثر إثارة للجدل في تاريخ المحكمة، لكن المحكمة أعطت البرلمان الإسرائيلي مهلة عام لتعديل الاتفاق، ما يسمح بإنقاذ الصفقة التي تم التفاوض عليها لأشهر.
ويقول أستاذ القانون في الجامعة العبرية في القدس باراك مدينا: "في الواقع، وافقت المحكمة على معظم قرارات الحكومة".
وكانت المحكمة قالت في نص قرارها: "قررنا إلغاء الاتفاق بشأن الغاز نتيجة هذا البند الذي يمنع تغييره".
وتستثمر شركة "نوبل إنرجي" و"ديليك جروب" معا منذ العام 2013 حقل تمار الواقع على بعد نحو 80 كيلومترا قبالة سواحل حيفا، كما تتعاونان في تطوير حقل ليفياثان الشاسع الواقع أيضا قبالة المدينة، والذي يتوقع أن يبدأ استثماره عندما يبدأ الاحتياطي في تمار بالنضوب.
وانتقد نتنياهو قرار المحكمة، معتبرا أنه يشكل "تهديدا خطيرا لتطوير احتياطات الغاز في إسرائيل"، وتعهد رئيس الوزراء بإيجاد طرق أخرى، للتغلب على الضرر الشديد الذي سيتسبب به القرار الغريب للاقتصاد الإسرائيلي".
وبحسب ميدينا، فإن مهاجمة لنتنياهو للمحكمة العليا أمر مثير للقلق، لا سيما وأن المحكمة رفضت جزءا واحدا فقط من الاتفاق.
ويوضح أستاذ القانون أن رد فعل نتنياهو قد يكون مرتبطا بالسياسة أكثر منه بالقرار نفسه، وينتقد خصوم نتنياهو الاتفاق الذي يقولون إنه يعطي الأفضلية للشركتين المعنيتين على حساب المستهلكين.
وجاء رد شركة "نوبل" أكثر توازنا، إذ حثت على التوصل إلى حل سريع.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة ديفيد ستوفر، في بيان: "قرار المحكمة مخيب للآمال، ولو أنه اعترف بأن تطوير الغاز الطبيعي في الوقت المناسب مسألة ذات أهمية وطنية استراتيجية لإسرائيل"، مضيفا: "الأمر الآن متروك للحكومة الإسرائيلية لإيجاد حل يلبي على الأقل شروط اتفاق الإطار، وعليها القيام بذلك بسرعة".
- مخاوف من الاحتكار -
ويتمحور الجدل بشأن تطوير حقل ليفياثان في شرق المتوسط، والذي يوصف بأنه واحد من أكبر حقول الغاز الطبيعي، ومن شأن الحقول أن تغير وضع الطاقة في إسرائيل، ليس لأنها تتيح استقلالا في قطاع الطاقة، لبلد يعتمد إلى حد كبير على الخارج في هذا المجال فحسب، بل لأنها تفتح أيضا للدولة العبرية فرص تصدير طاقتها وإقامة علاقات استراتيجية جديدة في المنطقة.
وبذل نتنياهو مجهودا كبيرا لدفع الاتفاق قدما، وأثارت المناورات التي نفذها للالتفاف على قانون منع الاحتكار قلقا، واستخدم نتنياهو شرطا غامضا لإقرار الاتفاق عبر وزير الاقتصاد، وهو منصب يشغله هو حاليا.
ولم يقل نتنياهو كيف سيعمل على إنقاذ الاتفاق، مع وجود احتمال بأن يلجأ إلى البرلمان الإسرائيلي للحصول على موافقته على الاتفاق بغية إعطائه مزيدا من الشرعية.
ولكن بحسب مدينا، فإن قرار المحكمة العليا قد يسمح له بتنفيذ التغييرات اللازمة من دون اللجوء إلى البرلمان.
ويشير أستاذ القانون إلى أن إحدى الوسائل لحل المسألة، تكمن في تضمين الاتفاق دفع تعويض للشركات المعنية في حال حصول تغيير في القانون أو الاتفاق، ويعاد الاتفاق بعد التعديل إلى المحكمة العليا لمراجعته.
ومع أن تجنب الذهاب إلى البرلمان قد يكون الطريقة الأسرع، إلا أن الشركات المعنية ستكون في وضع أفضل في حال تمرير مشروع قانون على البرلمان، بحسب ما تقول بريندا شافير التي شغلت منصب مستشارة للحكومة الإسرائيلية في قضايا الطاقة.
وتقول شافير، وهي أستاذة زائرة في جامعة جورج تاون في الولايات المتحدة، إن إقرار القانون في البرلمان سيكون أكثر متانة من قرار حكومي، ويملك نتنياهو 61 مقعدا في البرلمان في إطار مقاعد الائتلاف الحكومي اليميني الهش الذي يقوده.
وتتابع شافير: "قد يكون ذلك أفضل للشركات، لأن الاتفاق ليس ثابتا جدا من دون موافقة البرلمان، ولهذا أعتقد أنه رغم أن الشركات غير سعيدة اليوم، لكن الأمر يصب في مصلحتها على المدى الطويل".