عام 2012 هو عام الإخفاق الذريع لنخبة السياسة فى مصر. رئيس مدنى منتخب جعل من الانفرادية والانحياز لرؤى ومصالح جماعته وحزبها وتخبط القرارات العلامات الأبرز لدوره، وتراجع من ثم القبول الشعبى له وفقدت مصر بالتبعية رئيساً كان بمقدوره أن يصبح رئيساً لكل المصريات والمصريين.
جمعية تأسيسية لوضع الدستور شُكلت مرتين بعوار فاضح ثم أخرجت نصاً دستورياً مشوهاً يعصف بالحقوق والحريات ويكرس الاستبداد الرئاسى. وأحزاب وتيارات سياسية، جميعها تنتمى للإسلام السياسى، ضغطت لتمرير الدستور المشوه فى استفتاء شعبى بدلاً من السعى لتعديل مواده المعيبة وبناء توافق وطنى حوله قبل الاستفتاء. وأحزاب وتيارات معارضة تتأرجح فى دورها السياسى بين مواقف مبدئية لا تأخذها لنهاياتها المنطقية (بطلان الدستور ومقاطعة الاستفتاء التى انقلبت مشاركة) وبين مساومات يغيب عنها وضوح الرؤية الاستراتيجية والأهداف التكتيكية (عزم البعض المشاركة فى الانتخابات البرلمانية دون مشروطية ترتبط بالدستور أو بنزاهة الانتخابات).
عام 2012 هو عام عنف لفظى ومادى غير مسبوق فى مصر. من جهة، عنف لفظى مستمر لقنوات التطرف الدينى، وترويج لطائفية تنزع الإنسانية وقيم العيش المشترك عن مجتمعنا، ونشر لخطاب الكراهية والإقصاء بين المختلفين سياسياً.
من جهة أخرى، عنف مادى بدأ مع كارثة بورسعيد وانتقل إلى العباسية ثم تجدد خلال الأسابيع الأخيرة فى حصار مدينة الإنتاج الإعلامى وحصار المحكمة الدستورية العليا وقتل وسحل وتعذيب أمام «الاتحادية» وحرب شوارع «القائد إبراهيم». والقائمة قد تمتد إلى أمور كثيرة أخرى، وحصادها المرير هو تحول العنف اللفظى والمادى إلى مكون اعتيادى فى حياتنا اليومية وافتقادنا من ثم إلى مقوم مجتمعى أساسى للتحول الديمقراطى، السلم الاجتماعى.
عام 2012 هو عام من الضجيج الذى لم ينقطع ليوم واحد؛ ضجيج السياسة، ضجيج الإعلام، ضجيج صراعات حملة الأختام فى مجتمعنا، ضجيج شبكات التواصل الاجتماعى، ضجيج الاحتجاجات الاجتماعية المشروعة التى تتجاهلها السياسة ونخبتها، ضجيج المواطن مع استمرار معاناته المعيشية دون تحسن. ضجيج 2012 أفقدنا جميعاً، أو أفقد قطاعاً واسعاً من المصريات والمصريين التفاؤل بالغد والثقة فى أن التغيرات التى نمر بها ستصل بنا فى نهاية المطاف إلى دولة الديمقراطية وحكم القانون ومجتمع العدالة.