فى السينما.. إذا طلبت منه أداء «مصالح الناس» مع «الصلاة».. فأنت «عدو الله»
فى معاناة تتكرر بصورة شبه يومية يصل «أحمد» لمبنى مجمع التحرير بقلب القاهرة لاستخراج بيان قيد ونجاح، ليتمكن من نقل ابنيه من مدرسة بعيدة عن المنزل إلى أخرى قريبة منه.
وبعد معاناة شديدة فى الصعود للأدوار العليا باستخدام المصعد المزدحم، يصل المواطن البسيط إلى الموظف المختص باستخراج البيان المطلوب، غير أنه لا يستطيع أن يتحدث معه فى شىء؛ إذ إن الموظف المسئول عن قضاء مصالح المواطنين (أحمد عقل) مشغول بالصلاة على الدوام، يؤديها فى غير أوقاتها، لا يكاد ينتهى من واحدة حتى يتبعها بالأخرى، وفى اللحظات القليلة بعد أن يختم صلاته، يُحيل الأعمال المنوط به إنجازها إلى زملاء له فى المكتب، وعندما يشتبك معه المواطن الذى يسعى لإنجاز مصلحته قائلاً: «أنت لو خلصت لى الشغل هتاخد ثواب أكبر، الصلاة اللى تعطل الشغل باطلة»، يصرخ فيه الموظف: «أنت بتتهجم على الصلا يا عدو الله، أنت إيه؟ كافر؟».
لا تنتهى المشاجرة، وإنما تبدأ لتتواصل أحداث فيلم «الإرهاب والكباب» الذى أخرجه شريف عرفة عام 1992 عن قصة الكاتب وحيد حامد.
بعد المشادة الكلامية بين الموظف والمواطن يخطف الأخير سلاح جندى أمن مركزى، ويهدد به الموجودين فى المجمع، وفور انطلاق الرصاص تسرى فى الجو شائعة تفيد بسيطرة الإرهابيين على المجمع، وتتحول أحداث الفيلم الاجتماعى إلى فانتازيا سياسية يظهر خلالها وزير الداخلية ورئيس الحكومة، وهما يجاهدان من أجل تخليص المجمع من الإرهابيين الذين يطالبون الحكومة بوجبة «كباب» ساخنة.
الطريف أن الموظف، الذى تسبب فى كل ما حدث بإصراره على الصلاة فى غير أوقاتها، لا يؤدى الصلاة حين يأتى موعدها بالفعل، وإنما ينشغل بتناول نصيبه من الكباب الساخن وهو يصم أذنيه عن الأذان الذى يتسلل من مسجد عمر مكرم المجاور لمبنى المجمع.
وإذا كان وحيد حامد قد قدم «المُصلى» فى شخصية ثانوية فى «الإرهاب والكباب»، فإن ابنه مروان حامد قدمه كشخصية محورية فى أولى تجاربه الإخراجية من خلال فيلم «لى لى» عن قصة للأديب يوسف إدريس؛ حيث يهبط الشيخ عبدالعال رمضان أبواليزيد (عمرو واكد) على حى الباطنية (الشهير بتجارة المخدرات) ليعمل إماما لمسجد «التوكل» الواقع فى قلب الحى، ويحاول الإمام أن يجذب أهل الحى بمن فيهم تجار المخدرات إلى الصلاة داخل المسجد خلفه، وبعد متاعب عديدة ينجح فى أن يجمعهم بالفعل خلفه فى صلاة الفجر، فى آخر الفيلم، لكنه يتركهم ساجدين بينما يتسلل هو بخياله إلى غرفة «لى لى» ابنة الحى الجميلة التى كثيرا ما راودته عن نفسه، وطلبت منه أن يعلمها اللغة العربية التى لا تتقنها، لكن عندما يصل للغرفة بخياله أيضاً تفاجئه الفتاة بأنها ليست فى حاجة إليه، فقد اشترت كتاباً لتُعلم نفسها قراءة وكتابة العربية، الأمر الذى يدفع الإمام للعودة من مغامرته الخيالية إلى حيث المصلين الساجدين خلفه فينهى الصلاة فيما تتر النهاية يهبط على الشاشة الفضية.
إمام آخر قدمته السينما هذه المرة فى فيلم «الزوجة الثانية»، الذى أخرجه الراحل صلاح أبوسيف عام 1967 عن قصة لأحمد رشدى صالح، عندما يظهر الشيخ مبروك (حسن البارودى) ضمن أحداث الفيلم ليتواطأ مع السلطة، ويزين للعمدة عتمان (صلاح منصور) زواجه من فاطمة (سعاد حسنى)، رغم كونها على ذمة الفلاح «أبوالعلا». يجبر العمدة الفلاح على تطليق زوجته ليتزوجها هو، وفيما يرفض الفلاح ويتمسك بامرأته، يحاول شيخ المسجد إقناعه قائلاً له: «إذا ما طلقتش ولادك هيتيتموا وأمك هتشحت، والعمدة هيتجوز فاطمة يعنى هيتجوز فاطمة»، يجلس الزوج المغلوب على أمره أمام المأذون ليلقى بيمين الطلاق، بينما إمام الجامع يقف إلى جواره وهو يهون عليه قائلاً: «وأطيعوا الله والرسول وأولى الأمر منكم».
الأخبار المتعلقة:
الإمام.. ألقى 60 خطبة منها 20 داخل المساجد غلب عليها أسلوب بنى أمية فى تهديد المعارضة
الشيخ ذو الأقنعة الثلاثة
د. محمد المهدى يحلل: مرسى.. داعية بدرجة «رئيس جمهورية»