أهالى الشهداء لـ «مبارك»: «لما تقابل ربنا هتكدب عليه برده»
أثارت تفاصيل «يوميات مبارك فى الحبس» وحوارات الرئيس السابق مع نجليه وحبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق، التى انفردت «الوطن» بنشرها مع صور يراها الشعب المصرى للمرة الأولى، غضب أهالى الشهداء لما جاء على لسان مبارك والعادلى، خاصة ما يتعلق بقتل الشباب أمام أقسام الشرطة، والسخرية من أهالى الشهداء الذين حضروا جلسات المحاكمة فى أكاديمية الشرطة ووصفهم بالهمج والرعاع.
«الوطن» أجرت لقاءات مع عدد من أهالى الشهداء، لإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن آرائهم فى الأحاديث التى دارت فى كواليس محاكمة القرن، ولم يكن أحد يعلمها قبل نشرها فى الجريدة.
فى البداية يروى «حسن شهاب»، والد الشهيد شهاب، تفاصيل الأيام الأليمة قائلاً: «توجه ابنى إلى ميدان التحرير يوم الخميس 27 يناير، عندما علم بوجود مظاهرات فى الميدان، وحاولت والدته إثناءه عن المشاركة فقال لها «إنت ما شفتيش هما عملوا إيه فى خالد سعيد، الظلم زاد فى البلد أوى ولازم يكون لينا دور»، فتبسمت الأم فى وجهه وقالت له: «يعنى انتم اللى هتصلّحوا حال البلد»، نظر إلى عينيها وقال: «بكره تشوفى»، وشعرت أمه حينها بألم ما فى قلبها لم تفهمه إلا بعد أن جاءها خبر استشهاد ابنها الأكبر شهاب يوم جمعة الغضب 28 يناير.
يضيف والد شهاب: «الكلام الذى قاله المخلوع لنجليه عن أنه لم يكن ليأتى إلى المحكمة لولا اشتياقه إليهم كلام فارغ، وأنا أقول له: لو لم تأت مستلقياً على سرير وسمعتك بأذنى تقول نعم يا فندم، كنا وأهالى الشهداء أحضرناك على سرير وأنت ملفوف فى كفنك، ولكن الله أراد أن نرى هذا المشهد لترتاح به قلوبنا قليلا».
ورداً على الحديث الذى دار بين العادلى ومبارك عن أن من استشهدوا فى أحداث الثورة معظمهم مات أمام الأقسام ونقاط الشرطة وأمام وزارة الداخلية، يقول والد الشهيد شهاب: الشهداء ربنا كرمهم واختارهم من ميادين مصر، وميدان التحرير شاهد على ذلك، وهناك فيديوهات تثبت ما نقول، وشهاب ابنى استشهد فى الميدان عندما كان يقف كحائط صد بين القناصين والشباب، وقال أصدقاؤه الذين كانوا بصحبته وقتها إن شهاب كان يقول لهم عودوا للوراء ويقف هو فى المقدمة حتى يحميهم، لذلك أقول للمخلوع ووزيره: الله خير شاهد وهو أعلم بما حدث وبمن قتل شهاب وباقى الشباب.
أما ما قاله جمال رداً على سؤال المخلوع له عن الهتافات التى كان يرددها أهالى الشهداء ومنها «الشعب يريد إعدام المخلوع» ووصفه إياهم بأنهم «شوية همج» قال والد الشهيد شهاب: أنا أب لابن مكافح كان يساعدنى فى المحل أثناء دراسته فى المعهد، وأنا أب لشاب كان يغسل لأمه السجاد حتى لا تتعب، وأنا أيضاً أب لشاب حصل على ميداليات فى أكثر من رياضة، وأنا أب لشاب كان يردد لى «نفسى أخلص عشان أريحك يا بوب»، فهل تصف هؤلاء الشباب بعد كل هذا بأنهم همج.
ويوجه حسن رسالة إلى المخلوع قائلا: لما تقابل ربنا هتقول له كده وهل هيصدقك، خليك فاكر أنا هقف قدامك أمام ربنا لأنك أطفأت نور الشهاب بتاعى وهو من جنود الله.
«أريد أن يتخيل المخلوع أن حفيده كان يلعب الكرة مع أصدقائه وفجأة سمعوا أصوات طلقات نارية وذهبوا ليستكشفوا ما الذى يحدث وفجأة أصيب أحد أصدقائه برصاصة فى بطنة، فهرع إليه ليحاول أن يساعده فاغتالوه برصاصة فى الرأس».. هكذا يقول والد الشهيد محمد رمضان، مضيفاً «ابنى كان فى الصف الثالث الإعدادى يعنى مش بلطجى ولا همجى واغتالوه يوم جمعة الغضب فهل يستطيع المخلوع أن يضع نفسه مكانى، بالطبع لا، فهو لا يزال محتفظاً بكبريائه وعجرفته».
يقول والد الشهيد محمد «دول مش بنى آدمين ولا عندهم ذرة من الإنسانية، كنت أتوقع إنهم بعد الثورة يحسوا باللى عملوه لكن مفيش فايدة».
لمعى موسى سليمان، والد الشهيد جرجس، قال بغضب لم يستطع كتمانه رداً على وصف العادلى لأهالى الشهداء بـ «انتهازيين ورعاع..كل همهم الفلوس»، بقوله: «إحنا مش همنا الفلوس إحنا همنا نجيب رقبته ورقبة المتورطين معاه»، يستكمل حديثه: «أنا أملك بيتاً فى المرج يقدر بنصف مليون جنيه..عايزهم ياخدو كل اللى حيلتى ويموتونى أنا، بس يرجعوا لى ابنى». جرجس كان شاباً فى الثلاثين من العمر وقوفه فى إحدى التظاهرات التى اندلعت فى منطقة الزاوية الحمراء جعله قريباً من طلقات النيران التى غطت رؤوس المتظاهرين دون رحمة، ليسقط أحدهم أمام عينيه فيحاول جرجس إنقاذه ليلقى حتفه برصاصة غادرة.
رد الفعل كان قاسياً من قبل والد الشهيد أبانوب، فيقول عوض الله نعيم: لو الناس دى خدت براءة..انا وأهالى الشهداء اللى هنحكم عليهم بالإعدام. أبانوب كان بالنسبة له كل حياته، بحسب وصفه، ولن يشفى غليله سوى أن تزهق أرواحهم مثلما مات ولده الأوسط غدراً.
بينما اعتبر مكرم نظير، والد الشهيدة مريم، كلمات العادلى، أكبر دليل على أن كبرياءه لم يكسر بعد، وانتقد ما آلت اليه الأحداث، معتبراً أنها تسهم فى قتل القضية، وضياع حقوق الشهداء، مثلما قتلوا أبناءهم، مريم ابنته الوحيدة لم تخرج فى تظاهرة ولكن الرصاص الغادر نالها من فوق أسطح منزلها وقتما كانت تتابع التظاهرات هى ووالدتها، والدها يتحدث بحرقة عن تلك التصريحات، فيقول: لا أمانع فى أن أترك منزلى وكل ما أملك وأعيش فى خيمة فى الشارع مقابل دماء أحد أبنائهم ليتذوقوا مرارة ما فعلوه بنا»، نظير ينتظر يوم المحاكمة ليسرع هو وزوجته لمتابعة القضية أمام أبواب المحكمة التى تغلق أبوابها فى وجوههم ليكتب لهم متابعة الحدث من خارجها.