أعتقد أن جميع الأنظمة السياسية فى مصر حملت وزارة الداخلية بمهام لا تطيق حملها الجبال!
وإذا كان دور الداخلية هو حفظ الأمن بجميع أشكاله وتحقيق الانضباط وتوفير الخدمات التى تتبع الوزارة، فإن مفهوم حفظ الأمن يتطلب تدقيقاً شديداً.
حفظ الأمن ليس مهمة شرطية بالدرجة الأولى؛ لكنه مجموعة من الإجراءات والتدابير التى تتحملها جميع وزارات الحكومة وجميع قطاعات السلطة التنفيذية. فإذا كانت هناك أزمة تموين على سبيل المثال، فإن دور الشرطة يأتى بعدما فشلت أجهزة وزارة التموين فى التخطيط لحقيقة الاحتياجات، وفشلت الموانئ فى الشحن والتفريغ للسلع التموينية فى المواعيد المحددة.
هنا يأتى دور أجهزة الداخلية لإنقاذ الموقف بعدما تكون الأزمة قد استفحلت!
فى مسائل الأمن الاجتماعى والسياسى أو بالذات فى ملفات الاحتجاجات الفئوية والتظاهرات السياسية، فإن دور الشرطة يأتى لتأمين التظاهر السلمى ثم التأكد من عدم تحوله إلى غير ذلك ثم مقاومة أعمال العنف إذا حدثت.
وما نراه على شاشات الفضائيات أن الشرطة فى حالة اشتباك مع متظاهرين وكأن المعركة أو الخلاف هو بين الشرطة كطرف أول وجماعة من المتظاهرين كطرف مضاد. وحقيقة الأمر، أننا نلقى بالشرطة فى التهلكة حينما نطلب من الجنود والضباط أن يواجهوا متظاهرين فى حالة غضب وهياج بسبب فشل جميع مؤسسات السلطة التنفيذية المستمر فى إيجاد صيغة للحوار تأتى بحلول توافقية تمنع حالة الاحتجاج وتهدئ من غضب المتظاهرين.
إن تحويل الداخلية -عفواً- إلى الحائط المائل الذى نلقى عليه بتبعات كل وأخطاء جميع مؤسسات الدولة هو أمر مخيف وغير عادل ومدمر لجهاز الشرطة.
حفظ الأمن لن يتم بالهراوات والقنابل المسيلة للدموع والعربات المصفحة، لكنه يتم منذ اللحظة الأولى باستشعار خطر نشوب أزمة ودراسة عناصرها ومحاولة التعامل معها بالحوار ثم بالتفاوض الجدى فى غرف مغلقة قبل انفلات الأمر ونزول الجماهير الغاضبة إلى الشارع.
الشرطة هى المحطة الأخيرة للتعامل مع أخطائنا!