عم الهدوء أرجاء المدينة..
تظاهر من تظاهر للتعبير عن وجهة نظره ودفاعاً عن أرضه وفق ما يؤمن به.. ومحصلش ضرب ومفيش دم وكل من تم القبض عليه خرج بعد ساعات.
تظاهر من تظاهر، ومحصلتش الفوضى اللى كان الإعلام بيخوف الناس منها، ومكانش فيه مولوتوف ولا تدمير شوارع ولا عنف زى ما بعض السياسيين كانوا بيقولوا عشان يخوفوا الناس من التظاهر، ومكانش فيه خونة عاوزين يمهدوا الطريق للإخوان يركبوا موجة ثورية جديدة لتدمير مصر..
شُفت الدنيا سهلة إزاى؟ شُفت المظاهرات حاجة عادية إزاى لما كل الأطراف فيها تكون عاقلة وهى عارفة هى بتعمل إيه.. تعلن عن مظاهرة وأهدافها وسببها.. تطلّع الداخلية بيان عاقل بتعترف فيه بحق الناس فى التظاهر والتعبير عن رأيها.. يتظاهر الناس قدام نقابة الصحفيين.. الناس بتوع النقابة يسمحوا بالتظاهر طالما سلمى وبدون عنف، الداخلية لا تتدخل ولا تمنع حد ولا تفرق متظاهرين بعنف مبالغ فيه.. الناس المسئولين عن التظاهر يتفقوا مع الأمن على إنهاء المظاهرة وضمان سلامة الناس.. تضرب كل ده فى الخلاط مع بعضه تبقى النتيجة نهاية مريحة لليوم، الناس تروّح بيوتها فى سلام بعد ما وصّلت رسالتها، والدولة تكتسب احترام الناس فى التعامل مع المظاهرة وتدرس رسائل المتظاهرين ويوصل لها رسالة الغضب..
شُفت الدنيا سهلة وحلوة إزاى.. بدون شوية الألاعيب الصغيرة بتاعة التليفزيون الرسمى للدولة اللى تجاهل المظاهرة وكان بيذيع برنامج موضة، ومن غير بيان وزير الأوقاف اللى بيطلع فتاوى بحرمانية التظاهر ودون شتائم الإعلاميين اللى خونوا المتظاهرين، ودون شوية الألفاظ والهتافات المسيئة اللى قالها بعض المتظاهرين وقللت من حجم وتأثير الفعالية ونفرت بعض الناس منها.
وطالما عم الهدوء أرجاء المدينة.. تعالوا بقى نتكلم بعقل:
- لو قلت لك إن فيه مؤامرة لتقسيم مصر.. هتقول لى مالك يا عم محمد.. إنت قلبت ليه.. وإيه جو سعيد حساسين والنائب حمدى بخيت والحلاوة دى؟
هاقول لك لأ والله فيه مؤامرة فعلاً لتقسيم مصر.. وهى أخطر بكتير من تقسيم مصر اللى بيكلموك عنه فى التليفزيون.. هم بيكلموك عن تقسيم أرض مصر وأنا باكلمك عن تقسيم شعب مصر.. أيوه هو ده الخطر الحقيقى.. تمزيق نسيج البلد دى الاجتماعى.. يعنى كل فرقة تقف فى ميدان وتنصب منجنيق وتحدف حجارة تخوين واتهامات على الفرق التانية.. واللى هيتدمر فى الآخر هى البلد..
ناس من اللى بيتظاهروا على سلالم النقابة شايفة المسئولين خونة واللى فى البيوت خونة.. وناس من المسئولين والإعلام واللى فى البيوت شايفين اللى على سلالم النقابة خونة.. ووصل الأمر بفجاجة إلى أن ناس تجيب صورة لمجموعة شباب كانوا فى زيارة مع الرئيس لتفقد مشروع هضبة الجلالة وصورة للمتظاهرين وتقول دى صورة لأولاد السيسى بيستمتعوا بالشمس ويتسكعوا على البحر ودى صورة لولاد مصر بيدافعوا عنها.. بينما ناس فى الإعلام جابوا نفس الصورتين وقالوا دى صورة لولاد مصر مع الرئيس بيبنوا المستقبل، ودى صورة للخونة بيتظاهروا لتدمير مصر.. شفت الموضوعية والحلاوة، كل طرف بيزايد على التانى وهو مش دارى بأنه بينفذ أكبر مخطط لتقسيم مصر فعلاً.. بيخلوا مصر مقسومة بين هضبة الجلالة وسلم نقابة الصحفيين.. كل طرف لا يرى إلا نفسه، ويكفر بالطرف الآخر..
يا أهل الله.. يا أهل مصر.. يا أهل العقل.. والله لا ده خاين ولا ده خاين.. لا الرئيس والشباب اللى معاه كانوا بيتشمسوا ولا الشباب اللى كان بيتظاهر كان بيتظاهر علشان يدمروا مصر.. وهضبة الجلالة دى مش المصيف الخاص بالرئيس ولا هناك الشاليه الخاص بتاعه عشان تقول كان بيتشمس هو والشباب.. والله الرئيس سمع هناك من الشباب ما لم يجرؤ البعض على قوله فى ميدان التظاهر بس دى مش حكايتنا.. حكايتنا أن هضبة الجلالة ده مشروع مصر عشان اللى بيتظاهر واللى مش بيتظاهر.. مشروع للمستقبل.