في مصر.. اضغط "لايك" لإمداد قرى فقيرة بالمياه
صورة أرشيفية
كانت هذه الأم، التي تدعى "أعز منهم"، تضطر في الماضي إلى طرق باب جيرانها عشر مات يوميا للحصول على دلو مياه، أما اليوم، بفضل مبادرة أطلقها شابات على الإنترنت، صار لديها أخيرا صنبور في فناء منزلها بقرية الجنداية جنوب القاهرة.
وصار بوسع هذه الأم الشابة ذات الجسد النحيل إعداد الطعام وغسل الملابس من دون أن تضطر إلى حمل أوعية ثقيلة من الماء مرات عدة يوميا، بفضل الـ "كليك فاندينج" أو "التمويل عبر الضغط" على إشارتي "لايك" أو "شير" على الإنترنت، وهي مبادرة مبتكرة أطلقتها في مصر شركة جديدة أسسها شابان وأطلقا عليها اسم "بسيطة".
وتعتمد الشركة آلية بسيطة تماما مثل اسمها: لتمويل مشروع يخدم المحتاجين في بلد دخل الإنترنت إلى 40% من منازله، تطلق الشركة حملات على وسائل التواصل الاجتماعي تلقى رواجا كبيرا وهي عبارة عن صور أو شريط فيديو قصير لمشروع تنموي، وكل المطلوب من زوار الإنترنت هو أن يضغطوا "لايك" أو "شير" أو أن يضعوه على حسابهم على "تويتر" للمساهمة في إيجاد رعاة يقدمون تمويلا للمشروع.
وتقول "أعز منهم" بفرح، جالسة في منزلها المكون من غرفة واحدة فيها أثاث بسيط وتقطن فيها مع ابنها وابنتها وشقيقتها وأولادها الخمسة "أنها نعمة من عند ربنا".
وتضم "أعز منهم" يديها بحماس تحت الصنبور الموجود الآن في فناء منزلها الترابي لتعطي رشفة ماء لابنها عاطف (5 سنوات) وأخرى لابنتها ندى (6 سنوات). وتقول الأم التي تضع مثل قريناتها من الريفيات منديلا ملونا على رأسها "كانا يستحمان كل أربعة أيام من قبل ولكنهما الآن يستطيعان الاستحمام كل يوم".
ويقول موقع "بسيطة" على الإنترنت "أنتم على بعد ضغطة واحدة من تغيير العالم". وأسس الشركة في العام 2014 الشابان البان دومينونفيل وسالم مصالحة، وهما في الثلاثينات، وقد قدما من فرنسا ويقيمان منذ سنوات في القاهرة.
ويهدف الشابان إلى إحداث "ثورة" في طرق الدعاية على الإنترنت، والاستفادة من البرامج الاجتماعية للشركات التجارية لتوفير تمويل لمشروعات تنموية.
ويشرح دومينونفيل أن رئيس أي شركة "إذا كان يريد أن ينشر إعلانا لشركته على فيس بوك ليراه ملايين الأشخاص، سيدفع ثمنا لذلك".
ويتابع أن "بسيطة" تعرض على الشركات المساهمة في تمويل مشروعات تنموية بدلا من دفع أموال لفيسبوك، مقابل أن تحصل هذه الشركات على دعاية "من خلال زوار الإنترنت أنفسهم".
ويلخص مصالحة، وهو فرنسي من أصل مصري، قائلا "إننا نقول لزوار الإنترنت ببساطة إنهم يقومون بعمل خيري"، مضيفا "على حد علمنا، ليس هناك مثيل حتى الآن لما نقوم به".
وتفخر "بسيطة" بتحقيق نجاحات عدة في مجالات متنوعة، ففي نهاية 2014، شاركت مع محل لبيع النظارات في القاهرة بحملة لتمويل الف نظارة لعاملات متخصصات في التطريز في الفيوم، وهي منطقة فقيرة جنوب غرب القاهرة.
وفي فبراير الماضي، تم توفير المياه لمنزل "أعزّ منهم" من خلال مشروع تنفذه منظمة يونيسف، وقامت بتمويله شركات تجارية راعية للحملة التي نظمتها "بسيطة" على الإنترنت.
ويهدف المشروع إلى تزويد الف منزل بمياه الشرب في جنوب مصر، في بلد ما يزال 7.5 مليون من سكانه يعانون من عدم توافر المياه العذبة لديهم.
وعلى مدى ثلاثة أيام، شاهد مليونا شخص على "فيسبوك" شريط فيديو للممثل المصري ماجد الكدواني مصحوبا بهاشتاج "الكليك يوصل المياه"، وينتهي بوضع أسماء الشركات الراعية التي تمول المشروع على الشاشة. وتقول يونيسيف إنه تم توصيل المياه إلى 100 منزل منذ منتصف مارس في إطار هذا المشروع.
ويؤكد ممثل يونيسف في مصر برونو مايس أنه "خلال ستة شهور سيتم توصيل المياه لألف أسرة في أربع محافظات"، مشيدا بـ"آلية جديدة للتمويل ابتدعتها (بسيطة)".
وتبلغ الكلفة الإجمالية للمشروع 1.5 مليون جنيه مصري (166 ألف دولار تقريبا) تساهم فيها شركات راعية بينها العملاق الأمريكي "إس سي جونسون" وشركة "وادي دجلة" المصرية العقارية وشركة "كريم" الإماراتية التي تقدم خدمة نقل مماثلة لشركة "أوبر".
وتعتبر مديرة "كريم" هدير شلبي ان "الكل رابح في نهاية المطاف، وكلما زاد عدد الاشخاص الذين يطلعون على الحملة، كلما ازدادت الاموال التي يستفيد منها المجتمع وكلما استفادت الشركات لان عددا اكبر من الناس يتعرف عليها".
وحصلت "بسيطة" على جوائز عدة بينها جائزة "اورنج" المخصصة لرواد الاعمال الذين يقدمون خدمات اجتماعية في افريقيا. ويحلم مؤسساها الان بفتح مكتب في باريس لتصدير الفكرة.
ويقول دومينونفيل بحماس "اوروبا بحاجة الى مشروعات بيئية بينما تحتاج افريقيا اكثر الى مشروعات في مجالي الصحة والنقل. ولكنه نموذج واحد يطبق لمعالجة كل هذه المشكلات".