بروفايل| نور الشريف.. "الجورنالجي"
نور الشريف يحاور هيكل
نورٌ يضيء ما بين ثنيات الكتب الأدبية، وعقل لا يكف عن التساؤل، والبحث عما وراء الجمل البرّاقة والأحاديث الرسمية، بحسٍ ثقافي وشغف متواصل خلق أيقونة لنفسه لا يقترب منها فنان غيره، فكان "نور الشريف" على الشاشات انعكاسًا لـ"سؤاله الدائم".
"نور الشريف: السؤال الدائم".. كتاب مكون من 192 صفحة، قدّمه دكتور فوزي فهمي، وصف فيه، محمد جابر محمد عبدالله، والذي اُشتهر باسم نور الشريف، المولود في القاهرة في 28 أبريل 1946، بأنه امتلك مبكرًا تفتحًا وإرادة واعية صاغت شخصيته، حيث مارس هويته الحقيقية في صدق وحرية وحلم أن يكون نفسه، ففاز بكائنه الحر الذي لم تعتقله يومًا أي إغراءات، واحتمل في شجاعة كل حسابات الخسارات، كما نشرت الكاتبة صافيناز حشمت.
"هيكل، والباقوري، ومحفوظ"، 3 شخصيات رئيسية حاورها نور الشريف المنشورة بذلك الكتاب تحت عنوان "السائل والمجيب"، حينما أُتيح له أن يعمل صحفيًا ليوم واحد حسبما روت الكاتبة سناء البيسي.
"طول عمري وأنا أحلم بأن أقدم للناس ما يفيدهم، وقد حاولت ذلك في مجال الفن، وعندما عُرض علىّ أن أعمل صحفيًا ليوم واحد لم أجد أمامي شخصًا أريد أن أتحاور معه بكل طاقتي إلا الأستاذ هيكل؛ لأنه أولا الأستاذ والمعلم، ولأنه من أكبر المحللين السياسيين علي مستوى العالم.. ولأنني كنت أريد أن أتحدث معه مواجهة بصراحة ليجيبني بصراحة.. وعندما اتصلت بمكتبه جاءني صوته مرحبًا.. وتركنا الحديث يأخذ مجراه ليضع لنا الأستاذ النقاط على الحروف".. ذلك ما قاله "نور" عن حواره مع الأستاذ حسنين هيكل.
سعى في إضاءة ما وراء السطور بمحاورة الكبار، بدلًا من تقصي حقائق متناثرة كما جسدها في شخصية "شمس" المصور الصحفي النشيط المخاطر بطل فيلم "ضربة شمس".
لم ير يومًا أن السينما نقلت أعمال الروائي العالمي نجيب محفوظ بأمانة، لكنها ساعدت في انتشار أعماله، ولكنها استخدمت الأفكار الرئيسية لرواياته فقط، واعترف دومًا بأن نجيب محفوظ أسهم في تكوين شخصيته، داعيًا الشباب بمختلف أعمارهم لقراءة أعمال الأديب الراحل.
حاور نور الشريف، الذي من أكثر الفنانين، الذين جسدوا أعمال محفوظ على شاشة السينما أو التلفزيون، ويكاد المشاهد يقترب من مسيرة كتابات محفوظ من خلال ما أداه نور من أدوار، أديب نوبل، ولم يكن غريبًا على فنان بدأ بالدخول إلى عالم نجيب محفوظ بالمشاركة في فيلم "بين القصرين"، الجزء الثاني من ثلاثية محفوظ الشهيرة، وأدى دور "كمال عبدالجواد"، الذي تأكد أكثر في الجزء الأخير من الثلاثية وهو فيلم "السكرية"، وحسب عدد من نقاد الأدب، فإن هذا الدور فيه الكثير من شخصية محفوظ نفسه أيام المراهقة والشباب، وانتهت تأديته لأبطال محفوظ وانتهت بشخصية "عاشور الناجي" في ملحمة الحرافيش، وتعتبر سلسلة أعماله لروايات نجيب محفوظ، التي جسدها في 11 عملا، رحلة بدأت بالتساؤل وانتهت بالوعي، الذي اتخذ صورة لغز الاختفاء، وبالتالي الانتظار الدائم لهذا المُختفي الحي.
كان كتابًا مفتوحًا للجميع، لذا لم تبخل زوجته الفنانة بوسي بالتبرع بكتبه لمكتبة الإسكندرية؛ لأنه كان يمتلك العديد من المؤلفات النادرة والتي حصل عليها خلال سفره خارج مصر وبحثه الدائم عن المعرفة، كما أن فيها العديد من الملاحظات المهمة الهامشية، التي يدونها بداخل الكتب، وطلبت أن تُرفع تلك الكتب على الإنترنت؛ لتكون متاحة للطلبة في العالم العربي، فأرادت زوجته حسب تصريحاتها أن تكون ثقافته "علمٌ يُنتفع به".